المقاومة أو عدمها: هذا هو سؤال "المقاومة" الجوهري
بعد أن أعلنت "كتائب حزب الله" تعليق هجماتها على القوات الأمريكية، أصبحت "المقاومة" التي تطلق على نفسها هذه التسمية بمثابة فوضى عارمة من الاتهامات المتبادلة.
مرّت أربعة أيام (منذ كتابة هذه السطور)، على إعلان أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف أيضاً باسم أبو حسين)، الأمين العام لميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية المدعومة من إيران، تعليق الهجمات على القوات الأمريكية. وكان هدفه الواضح هو تجنيب إيران و"كتائب حزب الله" الهجمات الأمريكية المضادة بعد مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن في 28 كانون الثاني/يناير. وكما هو متوقع من فصائل "المقاومة" المنقسمة، كشفت الأيام التي أعقبت ذلك عن خصوماتها وسوء نواياها المتبادلة.
"حركة حزب الله النجباء" تستغل «تعليق» هجمات "كتائب حزب الله"
في 29 كانون الثاني/يناير، أي قبل يوم واحد من إعلان تعليق الهجمات من قبل "كتائب حزب الله"، أعلنت ميليشيا "حركة حزب الله النجباء" أنها ستواصل مهاجمة القواعد الأمريكية ، قائلة: "إن ما نقوله، نفعله... وعليهم [الولايات المتحدة] أن يتعلموا الدرس ويرحلوا اليوم قبل الغد، فكل يوم يمر سيدفعون ثمنه باهظاً" (الشكل 1).
وبحلول 31 كانون الثاني/يناير، كانت منصات "النجباء" على تيليجرام، مثل "فريق إخوة جهاد"، تهاجم إعلان "كتائب حزب الله" من خلال ادعاء استمرار الهجمات على المنشآت الأمريكية، شملت غارة بأربع طائرات بدون طيار على "قاعدة حرير". ومع ذلك، فقد تم إخلاء "قاعدة حرير" منذ فترة طويلة، ولا يوجد دليل على وقوع مثل هذا الهجوم. وسرعان ما أشارت "صابرين نيوز" إلى هذه الضربة على أنها وهمية، ووصفت "فريق إخوة جهاد" بأنه "طفولي" على خلفية إطلاقه مثل هذا الادعاء.
وأثار هذا الرد انتقادات شديدة من منصات "النجباء" الأخرى، خصوصاً "مجتهد"، وهي منصة تابعة للـ"نجباء" على الفيسبوك تستخدم قسم التعليقات لنشر دعايتها إلى أكثر من 152 ألف متابع. وبدون تسمية "صابرين" صراحة، حذر مجتهد المنصة قائلاً: "إذا كالولك (قالوا لك) لا تنقل أخبار الضربات، بكيفك (فالأمر متروك لك)، وأنت حُر. ولكن ليس من واجبك أن تنفيها" (الشكل 2).
"صابرين" تعلق إصداراتها؛ هل يتغير حساب "المقاومة الإسلامية في العراق" على تيليجرام؟
في الأول من شباط/فبراير، أعلنت وسائل الإعلام الحربية التابعة لـ"المقاومة الإسلامية في العراق" مسؤوليتها عن مهاجمة ميناء حيفا الإسرائيلي بطائرات مسيّرة. ولم تحتفل "صابرين نيوز" بهذا الادعاء كما كانت تفعل عادةً مع ادعاءات "المقاومة الإسلامية في العراق" قبل بيان تعليق الهجمات من قِبل "كتائب حزب الله". وبدلاً من ذلك، أعلنت القناة أنها ستتوقف عن النشر حتى إشعار آخر. ومن جانبها، حذفت "المقاومة الإسلامية في العراق" الادعاء من حسابها الرئيسي لكنها احتفظت به على حساب جديد تابع لها على تيليجرام مع فريق إنتاج جديد.
أتباع "النجباء" يؤنبون "كتائب حزب الله"، ثم يحاولون تخفيف التوترات
في 1 شباط/فبراير أيضاً، نشرت "حركة النجباء" (عبر فريق اخوة جهاد) بياناً متظاهراً بالتقوى جاء فيه: "إن المقاومة ليست ترفاً أو نزوة مؤقتة بل هي عقيدة ثابتة وراسخة لا ترهبها المتغيرات ولا التهديدات" (الشكل 3). وكان هذا انتقاداً واضحاً لـ "كتائب حزب الله"، التي تُعد واحدة من أكبر منافسي "النجباء" الذين يطالبون بعباءة المقاومة "الحقيقية".
وفي 2 شباط/فبراير، حاولت جماعة الواجهة "أصحاب الكهف"، التابعة لـ "النجباء"، رفع اللهجة وتخفيف حدة الانتقادات بقولها: "عمليات المقاومة الإسلامية مستمرة... وستبقى تطال المحتلين الأمريكي والصهيوني. وفي هذا الصدد ننوه للآتي. أولاً: نشكر سماحة الشيخ المجاهد أكرم الكعبي [إشارة إلى زعيم "النجباء"] لوقوفه إلى جانبنا والثناء على مواقفنا واستمرارنا بالعمليات العسكرية ضد المحتل. ثانياً: إن الإخوة في كتائب حزب الله أعلم بتكليفهم ومصلحتهم، وكذا كل الفصائل وجزاهم الله خير جزاء المحسنين على ما قدموه وسيقدموه. ثالثاً: إن أي تهديد من قبل المحتل الغاشم... سيقابله برد مزلزل داخل ثكناتهم وحصونهم. رابعاً: كل فصائل المقاومة مستقلة في قراراتها، وكل فصيل له طريقته ورأيه، ولكنهم متفقون منهجاً وفكراً. فلا يحاول بعض المرضى وضعاف النفس الولوج في مستنقع العمالة لصنع خلاف بين جمهور المقاومة فطريقهم مسدود بعون الله" (الشكل 4).
وفي اليوم نفسه، أصدر الكعبي بياناً أكد فيه تصميم "حركة حزب الله النجباء" على عدم الانضمام إلى قرار "كتائب حزب الله" بتعليق الهجماتـ حيث قال: "قرارنا عراقي، وأننا لن نتوقف حتى تحقيق أمرين هما: إيقاف العمليات على غزة وانسحاب الاحتلال الأمريكي من العراق. أما بخصوص التعليق المؤقت لأخوتنا في كتائب حزب الله المنصورة إخوة الجهاد والدم والسلاح والمصير، فبعد حديثنا مع أخينا العزيز القائد المجاهد (أبو حسين الحميداوي، نصره الله تعالى) واستيضاح الأسباب، انجلت لنا الحقيقة والحكمة فيما قرر، وإننا نحترم ونقدر ذلك ونثمن تضحيته في هذه الظروف، حيث سيثبت في المستقبل أن قراره اتخذه بشجاعة ونكران ذات، وبانتظار العودة الميمونة القريبة لكتائب النصر وإلغاء التعليق حينما يُرفع الحرج والأسباب الحاكمة، ثم إنّ ما يصدر عن ماكنة الحرب النفسية الأمريكية التي ما برحت ترعد وتزبد بالتهديد والوعيد لن تهز لنا شعرة ولن تثنينا... ونؤكد أنّ المقاومة الإسلامية في العراق بفصائلها الأخرى مستمرة بقرارها حتى تحقيق مطالبها" (الشكل 5).
التحليل
هناك الكثير مما يجب توضيحه في سلسلة الاتصالات هذه، وستقوم سلسلة "الأضواء الكاشفة للميليشيات" بتوضيح ذلك بشكل شامل في الوقت المناسب. وفي الوقت الحالي، من الواضح أن "حركة حزب الله النجباء" تحاول وضع "كتائب حزب الله" في الظل، وربما أيضاً التسبب بدعاية سلبية لها (واستهداف الولايات المتحدة). وربما يرجع ذلك إلى خطر تأثر عناصر "كتائب حزب الله" داخل الحكومة العراقية، لا سيما "قوات الحشد الشعبي".