- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
القوات الكردية تدعم الأسد في حلب
ملاحظة: اضغط على الخرائط لعرض نسخ عالية الدقة.
وبالمثل، في شباط/فبراير المنصرم، سعت «وحدات حماية الشعب» في عفرين إلى دعم أهداف الحكومة السورية، إذ ضمّت جهودها للفصيل العربي «جيش الثوار» والميليشيات الشيعية والجيش السوري، بدعم من الضربات الجوية الروسية، لإغلاق ممر المتمردين الذي يربط شرق حلب بتركيا (انظر المرصد السياسي 2554، "معركة حلب مركز رقعة الشطرنج السورية").
خيارات «وحدات حماية الشعب» في ساحة المعركة
نظراً لأن «وحدات حماية الشعب» هي تنظيم مركزي، يمكن الافتراض بأنها تعمل انطلاقاً من أهداف مشتركة على جبهات منفصلة: حي "الشيخ مقصود" وأعزاز- مارع ومنبج والحسكة. فـ «وحدات حماية الشعب» باتت اليوم تدفع خطوطها الأمامية باتجاه أراضي تنظيم «الدولة الإسلامية» («داعش») في شمال محافظة حلب. ويقيناً، ستكون الجماعة مستعدة للمشاركة في الهجوم التالي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، مما يمكنها من تحقيق وحدة الأراضي [التي تطمح إليها] من خلال إنشاء دولة كردية تسمى "روج آفا" أو "كردستان السورية" في سوريا.
وانطلاقاً من هذه الروحية، فبمجرد سقوط مدينة منبج بيد «قوات سوريا الديمقراطية»، المؤلفة من «وحدات حماية الشعب» وفصائل عربية، فمن المرجح أن لا توافق «وحدات حماية الشعب» على الانسحاب من المدينة، كما أعلنت الحكومة الأمريكية في حزيران/يونيو الماضي بأن ذلك سيحدث عند بدء معركة منبج، وبالتالي ستترك السلطة بيد ميليشيات «قوات سوريا الديمقراطية» العربية السنية. وبدلاً من ذلك، قد تواصل قوات «وحدات حماية الشعب» تقدمها غرباً بتغطية جوية وأسلحة روسية إذا كان الدعم الغربي غير متوفر. ومن غير المحتمل إلى حد بعيد أن تقترب «وحدات حماية الشعب» من الحدود التركية، نظراً لأن القوات الكردية ستتعرض لقصف المدفعية التركية، كما حدث سابقاً في اعزاز وجرابلس. وبالمثل، من غير المرجح أن تهاجم «وحدات حماية الشعب» مدينة الباب، غرب منبج، بما أن ذلك الهدف سيكون بالغ الصعوبة بالنسبة إليها ولأن تلك المدينة لا تضم سكاناً أكراد. وفي المقابل، قد تسعى «وحدات حماية الشعب» بشكل منطقي إلى احتلال القرى الكردية شمال مدينة الباب وصولاً إلى تل رفعت، مما قد يسهل الهجوم شرقاً.
وبالتأكيد، فإن سيطرة «وحدات حماية الشعب» على هذا الجزء من الأراضي الواقع بين منبج وعفرين ستتصف بالهشاشة، نظراً لأن سكانها هم بمعظمهم من العرب؛ بيد، سيتم دعم الأكراد من قبل تحالف الأسد وبوتين، الذي لديه مصلحة كبرى في احتواء المتمردين ضمن جيب أعزاز، شمال محور منبج-عفرين الكردي المستقبلي. ومثل هذا الإنجاز قد يحرم المتمردين من طريق للوصول إلى "وادي نهر الفرات"، مما يعقّد على القوات العربية المناصرة للغرب استئناف حملتها لإعادة السيطرة على الرقة.
ويفضي الوضع الإجمالي إلى استنتاجين متباينين: إما أن «وحدات حماية الشعب» ترغب بإعادة الاستيلاء على الرقة لوحدها، فتصبح بذلك حليفاً لا غنى عنه بالنسبة إلى القوى الغربية في سوريا، أو أنها قد توصلت إلى اتفاق مع الأسد وبوتين، اللذين لم يفقدا حتماً الأمل باستعادة "وادي نهر الفرات".
المحصلة
بالنسبة إلى الولايات المتحدة، يُعتبر الدعم الأخير الذي قدمته «وحدات حماية الشعب» لنظام الأسد مقلقاً للغاية، نظراً للدعم الأمريكي الذي تحظى به الجماعة. إلا أن نشاط «وحدات حماية الشعب» يطرح أيضاً أسئلة حول صحة قرار الحكومة الأمريكية الأوسع نطاقاً الذي يقضي بمنح الأولوية لهدف القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» من بين جميع الأهداف الأخرى المرتبطة بالحرب السورية. فكما تُظهر هذه الحالة، تختلف أجندة «وحدات حماية الشعب» بشدة عن أجندة الولايات المتحدة. وإذا كان العمل مع سوريا وروسيا والقوات المساندة يعزز هدف الجماعة بتوسيع نطاق السيطرة الكردية، فإن «وحدات حماية الشعب» لن تتوانى عن القيام بذلك، حتى لو يقتضي هذا المسار مقاتلة المعارضة المعتدلة. وبالتالي، ينبغي على الولايات المتحدة النظر في إمكانية دعم جماعات أخرى، وبالتحديد المتمردين العرب السنة، لموازنة دعمها لـ «وحدات حماية الشعب».
فابريس بالونش، هو أستاذ مشارك ومدير الأبحاث في "جامعة ليون 2"، وزميل زائر في معهد واشنطن.