- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
دبلوماسية غير متكافئة: العلاقة بين الولايات المتحدة وقطر
عندما يزور أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني البيت الأبيض في 24 شباط/فبراير، سيتعيّن على الرئيس أوباما أن يتعامل مع بطاقة تقييم الأرصدة الدبلوماسية القطرية التي عليها علامات كبيرة على كلا جانبي الصورة. ونظراً لعلاقتها الشاقة من الناحية التاريخية مع جارتها المملكة العربية السعودية وملكيتها المشتركة مع إيران لأكبر حقل للغاز الطبيعي البحري في العالم، تنظر قطر إلى الولايات المتحدة باعتبارها الضامن الأمني الرئيسي لها. وقد كان ذلك مناسباً للجيش الأمريكي الذي استخدم قاعدة العديد الجوية العملاقة خارج الدوحة للقيام بعمليات جوية فوق العراق وأفغانستان. لكن قطر التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة، 10 في المائة منهم فقط هم مواطنون، لديها - في كثير من الأحيان - ميل غير تقليدي لإظهار استقلاليتها. وتشمل خطاياها السابقة إقامة استعراض لصواريخ "ستينغر" التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة من المجاهدين في أفغانستان، وسماحها للقناة التلفزيونية الفضائية "الجزيرة" التي تملكها ببث تقارير تحريضية وكاذبة أدت إلى وفاة أمريكيين، وتمويل الإرهاب.
وفي الواقع، وكما قال ديفيد كوهين نائب رئيس "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية لجمهور في واشنطن في آذار/مارس الماضي أثناء خدمته في منصب وكيل وزارة الخزانة لشؤون الارهاب والاستخبارات المالية، "من المؤلم، أن إيران ليست الدولة الوحيدة التي تقدم الدعم المالي للمنظمات الإرهابية. وأبرز [هذه الدول هي] قطر، حليفة الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، التي كانت تقوم منذ سنوات عديدة بتمويل «حماس» علناً، وهي الجماعة التي تستمر في تقويض الاستقرار في المنطقة. وتشير تقارير صحفية أن الحكومة القطرية تدعم أيضاً الجماعات المتطرفة العاملة في سوريا. وأقل ما يقال، إن ذلك يهدد بتفاقم الوضع المضطرب بالفعل، بطريقة خطرة وغير مرحب بها على وجه الخصوص".
ويفترض المرء أن الدوحة قد خففت على الأقل جزئياً من مخاوف واشنطن حول هذا الموضوع كجزء من ثمن حصول الأمير تميم على [الدعوة للاجتماع مع الرئيس الأمريكي] في البيت الأبيض. ومع ذلك، فإن الأمير الجديد، الذي يبلغ من العمر أربعة وثلاثين عاماً والذي تولى السلطة من والده في عام 2013، من المرجح أن لا يعتبر هذه الزيارة كمناسبة للتواضع. وأحد أسباب ذلك، هو أنه يأتي من اليابان، التي تنافس الولايات المتحدة كالشريك التجاري الأكثر أهمية لقطر. فاليابان تشتري الغاز الطبيعي المسال من الدوحة - أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم - بكمية أكثر من أي بلد آخر. كما أنها مشتر كبير للنفط الخام والمنتجات المكررة من قطر. والجدير بالذكر، أن الأمير تميم سيتوجه الى هيوستن بعد اجتماعه في البيت الأبيض لحضور مأدبة عشاء تقيمها شركة "إكسون موبيل".
ويبدو أن الاعتقاد الذاتي للأمير من الناحية الدبلوماسية يشمل انخراط قطر بصورة متأنية في القضايا التي يمكن أن تصوّر نفسها بأنها تلعب دور وسيط مفيد. ومن المرجح أن يتوقع حصوله على تأييد لهذا الدور في اجتماع القمة يوم الثلاثاء، الذي هو أول لقاء له كأمير مع الرئيس الأمريكي أوباما.
ومن ناحية الرئيس، من المرجح أن تشمل نقاط الحوار التي سيجريها مع الأمير تميم موضوع سوريا. فقد كانت قطر وتركيا حتى وقت قريب تدعمان المعارضين الأكثر تطرفاً لنظام الأسد، مما كانت واشنطن مستعدة لاستيعابه. وتريد الإدارة الأمريكية أيضاً الحفاظ على استخدام قاعدة العديد لأجل غير مسمى، وتأمل في أن تتمكن الدوحة من الإستمرارفي الإضطلاع بدور نقطة للاتصال الدبلوماسي مع حركة طالبان الأفغانية من أجل تسهيل قيام محادثات سلام محتملة. وبالإضافة إلى ذلك، يريد الرئيس الأمريكي معرفة حالة علاقات قطر مع جيرانها من دول الخليج العربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي كانت قد عانت من نزاع دبلوماسي [مع قطر] في العام الماضي. وتم تقويض الإدعاءات الماضية بأن هذه الخلافات قد تم تسويتها عندما سحبت قطر سفيرها من القاهرة في الأسبوع الماضي للاحتجاج على الغارات الجوية المصرية على تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»)/«الدولة الإسلامية» في ليبيا، مما دفع مسؤول مصري إلى اتهام الدوحة بدعم الارهاب - وهي ملاحظات لقيت إدانة سريعة من قبل دول الخليج ولكن تم تعديلها بعد ذلك بسرعة.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن ثروة قطر المالية والهيدروكربونية ومنشآتها العسكرية المتاحة تجعل من الإمارة لاعباً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط على الرغم من صغر حجمها والإجراءات المثيرة للغضب التي تتخذها في بعض الأحيان. على الرئيس أوباما أن يقنع الأمير تميم بأهمية العمل معاً، ومخاطر عدم القيام بذلك.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.