يبدو أن التحركات الأخيرة التي قام بها القائد الأعلى لـ «قوات الحشد الشعبي» تهدف إلى زرع الانقسامات بين أربع ميليشيات رئيسية لا تستجيب لما يسمى بـ "المقاومة".
في العاشر من كانون الثاني/يناير 2022، نشرت "صابرين نيوز" وعدد قليل من حسابات أخرى تابعة لـ "المقاومة" على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً مصوراً يظهر مقاتلين احتشدوا في فسحة خالية بمدينة كربلاء ثم اصطفّوا لاستلام بعض المواد. وحددت اللقطات هوية المقاتلين على أنهم أعضاء في "فرقة العباس القتالية"، وهي وحدة موالية للسيستاني وتشكل اللواء (26) في «قوات الحشد الشعبي» العراقية. وجاء في منشور "صابرين": "التحاق الوجبة (ج) من المجاهدين المطالبين بحقوقهم المغصوبة من قبل ميثم الزيدي لواء (26) هيئة الحشد الشعبي واستمرارهم الإضراب لحين تنفيذ مطالبهم بإقالة الزيدي" (الشكل 1).
كما يَظهر المقاتلون في هذه الوحدة المنشقة وهم يستمعون إلى تصريحات أبو علي الأشتر، رئيس المخابرات السابق للواء (26) الذي وجّه تحدياً ضد قائد "فرقة العباس القتالية" ميثم الزيدي في 13 كانون الأول/ديسمبر 2021 (الشكل 2). واتهم الأشتر، ميثم الزيدي بسرقة رواتب المقاتلين. ونفى الزيدي هذه الاتهامات وصرّح بأن جميع الحسابات تتسم بالشفافية.
وبعيداً عن السعي لتحقيق الشفافية المالية الفعلية، يبدو أن مقطع فيديو "صابرين" أشبه بمحاولة لتفكيك "العتبات"، أي "وحدات العتبات" الأربع التي طالما رفضت الانصياع لأوامر ميليشيات "المقاومة" المدعومة من إيران والتي تهيمن على «قوات الحشد الشعبي». ومن خلال استهداف هذه الوحدات، يسعى قائد «كتائب حزب الله» أبو فدك المحمداوي لترسيخ سلطته والتأكد من أن جميع ألوية «قوات الحشد الشعبي» تخضع له.
وفي اليوم الذي بدأ فيه الإضراب، خاطب الأشتر «هيئة الحشد الشعبي» ورئيس هيئة أركانها، أبو فدك، في مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ "المقاومة"، وطالب فيه بإقالة الزيدي.
وهذه استراتيجية قديمة استخدمتها الميليشيات المدعومة من إيران سابقاً لتقويض أي من عناصر لواء تابع لـ «قوات الحشد الشعبي» الغير موالية لإيران. ففي عام 2016، دعم أبو مهدي المهندس - سلف أبو فدك - تمرداً داخل لواء آخر من "وحدة العتبات"، هو "فرقة الإمام علي القتالية"، في خطوة دفعت الأمين العام للواء إلى المطالبة بإقالة المهندس. وكان المهندس قد حرص على قطع رواتب أي من أعضاء اللواء الذين يرفضون الانشقاق، مما دفع قائد الوحدة عباس أبو طبيخ إلى اتهامه بـ "اغتصاب السلطة".
وفي الإضراب الحالي، دعمت ميليشيات أبو فدك و "المقاومة"، أمثال "كتائب حزب الله" و "عصائب أهل الحق" الفصيل المنشق. وتم تخصيص الساحة التي يواصل فيها المنشقون احتجاجهم وحمايتها من قبل «قوات الحشد الشعبي». كما تم توفير حاويات الشحن في الفيديو - والتي يتم استخدامها بشكل غير قانوني كمكاتب لـ «قوات الحشد الشعبي» - من قبل أبو فدك والميليشيات الداعمة. وتحمل إحدى تلك الحاويات عبارة "حملة إخوة زينب" (الشكل 3). و"إخوة زينب" هو اسم يطلقه مقاتلو «عصائب أهل الحق» على أنفسهم في كثير من الأحيان لدورهم في حماية "مقام السيدة زينب شقيقة الإمام الحسين في سوريا".
وحتى الآن، لم يكتسب الإضراب زخماً في وسائل الإعلام العراقية الرئيسية. ومع ذلك، تقوم حسابات "المقاومة" على مواقع التواصل الاجتماعي بالإبلاغ عن هذه القضية بشكل مكثف كسبيل لدعم الوحدة المنشقة وتشجيع المزيد من الانشقاقات.