أخبار كاذبة تنشرها "المقاومة" حول اعتقال قاسم مصلح. الجزء الأول: مزاعم مضلّلة عن هيمنة الميليشيات على "المنطقة الدولية"
أثار اعتقال القيادي في إحدى ميليشيات «الحشد الشعبي»، قاسم مصلح في 26 أيار/مايو إلى قيام "المقاومة" في العراق بدخول "المنطقة الدولية" والضغط على الحكومة للإفراج عنه. ولكي تعوّض الميليشيات عن الحصار الذي تعرضت له، بذلت جهوداً كبيرة لشنّ حملة دعائية ناشطة من أجل استخدام مقطع فيديو ولقطات مصوّرة كي تُظهر، زوراً، أنها تمكنت مرة أخرى من التحرك بحرية داخل "المنطقة الدولية".
في 26 أيار/مايو، اعتقلت الدولة العراقية القيادي في إحدى ميليشيات [«الحشد الشعبي»]، قاسم مصلح، فيما يتعلق بجريمة قتل الناشط إيهاب الوزني في التاسع من أيار/مايو. وكما حصل عند اعتقال قائد إحدى خلايا الصواريخ في «كتائب حزب الله» في حزيران/يونيو 2020، أثار اعتقال مصلح إلى قيام "المقاومة" بدخول "المنطقة الدولية" ("المنطقة") والضغط على الحكومة للإفراج عنه. لكن في القضية التي حدثت في 26 أيار/مايو، تمكّن طوق عسكري قوي من منع الميليشيات من توفير الدعم لقوات الحراسة التابعة للميليشيات الأصغر حجماً داخل "المنطقة الدولية". ولكي تعوّض الميليشيات عن الحصار الذي تعرضت له، بذلت جهوداً كبيرة لشنّ حملة دعائية ناشطة من أجل استخدام مقطع فيديو ولقطات مصوّرة كي تُظهر، زوراً، أنها تمكنت مرة أخرى من التحرك بحرية داخل "المنطقة الدولية".
ومن الأمثلة على ذلك كان فيديو لعناصر ميليشياوية عند تقاطع طرق نصب الحرية المرتبط بثورة 14 تموز/يوليو في وسط "المنطقة الدولية"، قامت فيه بتحطيم اللوحات الخشبية المحيطة بالنصب وكشفت النقاب عن يافطات للقائدين الميليشياويين أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني معلقة على قاعدة النصب التذكاري. (الشكل 1).
ويصف موقع "صابرين نيوز" (الشكل 2)، رجال الميليشيات بأنهم "دخلوا المنطقة الخضراء"، لكن في الواقع كانوا مجموعة صغيرة من الحراس المتواجدين أساساً داخل "المنطقة". وفي منشورات أخرى، روّج موقع "صابرين" لمزاعم خاطئة بأن الميليشيات طوّقت مكتب رئيس الوزراء، في محاولة واضحة لإعادة إعطاء الشعور بأن حادثة ترهيب رئيس الوزراء التي حصلت في حزيران/يونيو 2020 قد تكررت بنجاح.
وأظهر فيديو ثانٍ رجال ميليشيا في عدة شاحنات صغيرة مزودة بمدافع مزدوجة مضادة للطائرات من عيار 23 ملم وقذائف صاروخية. ويهدف هذا الفيديو إلى إظهار أن الميليشيات تتمتع بحضور قوي داخل "المنطقة الدولية"، لكن وفقاً لمواقع المعالم، تم التقاط الفيديو بوضوح على الطريق السريع خارج حدود "المنطقة الدولية" بينما كانت الشاحنات تبتعد عن "المنطقة". (انظر إلى الشكل 3: "مسجد الرحمن" وبرج قريب يتجلّيان أمام القافلة ويمينها، وفي الفيديو نفسه، "برج ساعة بغداد" وراء القافلة، وجميعها تؤكد المواقع الموصوفة).
وتم نشر أمثلة أخرى مختلفة من مقاطع الفيديو والصور الخاصة بأفراد الميليشيات - لا سيما أولئك الذين ينتمون إلى «كتائب الإمام علي» (الشكل 4) - عبر شبكات وقنوات متعددة للمقاومة. ويبدو أن الغاية المقصودة منها هي إظهار مدى انتشار الميليشيات، وقدرة المقاتلين على اختراق "المنطقة الدولية". وقد حملت معظم الصور تعليقات تدّعي أنها من داخل "المنطقة الدولية".
كما عرضت قنوات "تلغرام" معلومات مضللة بشأن وصول مركبات عسكرية مدرعة تعود للجيش العراقي، تمّ نشرها لتوفير الدعم والحماية للحكومة. وأفادت الحسابات المرتبطة بها أن "دبابات القتال الرئيسية من نوع "تي-90" التي تملكها كل من الفرقة المدرعة في «قوات الحشد الشعبي» وفصائل "المقاومة العراقية" قد وصلت إلى شوارع بغداد، (الشكل 5). لكن في الواقع، كانت دبابات من نوع "تي-72" تعود إلى الجيش العراقي ومركبات قتالية مدرعة من نوع "بي إم بي-3" تابعة للفرقة الاحتياطية المدرعة في "قيادة عمليات بغداد". وبالنسبة للعراقيين الذين كانوا يتابعون الخبر، قد يكون ذلك قد ساهم في نشر عرض القوة الذي تُقدمه "المقاومة"، رغم أن وصول التعزيزات الحكومية كان - في الواقع - تعزيز لقبضة الحكومة.
وتُعتبر التقارير الصحيحة والمضللة التي صدرت في 26 أيار/مايو عن نشر قوات الأمن في "المنطقة الدولية" مثالاً على كيفية استفادة أنشطة "المقاومة" لنشر معلومات مضللة من عجز أولئك من غير الخبراء (وبالتالي المواطنين العراقيين ووسائل الإعلام المحلية والدولية) عن التمييز بين القوات، ومن إعادة نشر لقطات من فيديو قديم أو عرض تقرير خاطئ يتعلق بموقع التصوير. وعلى وجه الخصوص، يجب أن تكون المنافذ الإخبارية الدولية قادرة على استخراج بيانات قيّمة من الصور، وستقوم مدونة "ميليشيا سبوتلايت" قريباً بإصدار دليل للتعرف على قوات الأمن في بغداد ومركباتها وعتادها وزيها الرسمي. إن ضعف الحكومة العراقية على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المجال الإعلامي مسألة ذات صلة تساهم في خلق فرص لنشر معلومات مضللة بالنسبة للميليشيات، التي تتمتع بميزة إخبار شعب مرهق ومجتمع دولي مُتعب بما يتوقعون سماعه بشأن ضعف الدولة.
(الجزء الثاني من هذا التقرير الخاص يلقي نظرة على جهود الخداع التي تقوم بها المقاومة للادعاء الكاذب بإطلاق سراح قاسم مصلح من عهدة الحكومة).