ناشطون وخبراء يناقشون ما يمكن لواشنطن فعله للحد من حملات طهران العنيفة ضد السكان الأكراد في كل من إيران والعراق.
"في 8 كانون الأول/ديسمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضياً مع عبد الله مهتدي، وشكرية برادوست، وديفيد بولوك. ومهتدي هو الأمين العام لـ "حزب الكوملة" في كردستان الإيرانية. وبرادوست هي ناشطة في مجال حقوق المرأة الكردية الإيرانية ومرشحة لنيل درجة الدكتوراه من "جامعة فرجينيا للتكنولوجيا". وبولوك هو "زميل برنشتاين" في المعهد، ومدير "منتدى فكرة". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم وجلسة الأسئلة والأجوبة التي أعقبت المنتدى".
عبدالله مهتدي
انطلقت حركة الاحتجاج التي تشهدها إيران حالياً من إقليم كردستان، قبل أن تنتشر بعد ذلك إلى جميع أنحاء البلاد. ومنذ البداية، انخرط فيها "مركز تعاون الأحزاب السياسية في كردستان الإيرانية" - وهو ائتلاف مؤلف من حزب "الكوملة" و"الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني" - داعياً إلى الإضراب والتظاهرات. واليوم، تتجلى أهمية الدور الكردي في هذه الحركة من خلال استمرار المتظاهرين باستخدام الشعار الكردي "إمرأة، حياة، حرية" كعلامة مميِّزة لحركة الأكراد الاحتجاجية.
ولحسن الحظ أن الثورة - كما يسميها الكثيرون الآن - لا تقتصر على المناطق الكردية. فقد تغلبت الاحتجاجات على الحواجز العرقية والدينية والجنسانية وحتى الطبقية، مظهرة تضامناً غير مسبوق. وفي الحركات السابقة، اقتصرت الاحتجاجات على الطبقة الوسطى المتعلمة وركزت بشكل ضيق على قضايا منعزلة مثل الاقتصاد. أما الحركة التي تشهدها البلاد اليوم فيمكن تسميتها بالثورة لأن المتظاهرين من جميع الخلفيات ومن جميع أنحاء إيران يطالبون بتغييرات هيكلية أساسية في الحكومة.
وعلى الرغم من أن النظام الإيراني حاول إلقاء اللوم على الأكراد في الاضطرابات وجرّهم إلى أعمال العنف، إلا أن الأكراد و"مركز التعاون" أظهروا ضبط النفس. فهم يعتبرون أن المقاومة المدنية هي أفضل طريقة لإحداث التغيير. وفي غضون ذلك، رفض العديد من المتظاهرين الإيرانيين الآخرين سردية النظام التقليدية التي تصور الأكراد على أنهم انفصاليون عنيفون.
ومثلما وفّر "مركز التعاون" قيادة هادفة في المناطق الكردية في إيران، بدأ القادة المحليون يرسخون وجودهم في جميع المحافظات الأخرى وينسقون فيما بينهم، سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال اللقاءات الشخصية في بعض الأحيان. وفي الوقت الحالي، يعمل القادة الأكراد وغير الأكراد، بما في ذلك حزب "الكوملة"، على تشكيل ائتلاف إيراني موحد قادر على نقل صوت الثورة إلى المجتمع الدولي.
وعلى المدى القريب، تطلب المقاومة دعماً واضحاً من الولايات المتحدة. فلم يعُد بالإمكان الاستمرار بالسردية الكاذبة التي تدّعي أن الإيرانيين يكرهون الأمريكيين - فالنشطاء الديمقراطيون الأكراد والإيرانيون على حد سواء مستعدون للقاء المسؤولين الأمريكيين وتحمل أي عواقب.
شكرية برادوست
إن دور المرأة المركزي في المقاومة الكردية الإيرانية ليس ظاهرة جديدة. على سبيل المثال، عندما أَنشأتُ لجنة "المرأة والحياة" في عام 2003 مع أصدقائي في كردستان الإيرانية، كانت مطالبنا مبنية على سنوات من النشاط (السياسي) للنساء الكرديات. إنه لمن دواعي السرور أن نرى الشعارات والقيم نفسها لا تزال تغذي الثورة اليوم!
وعلى نطاق أوسع، لا بد من الإشارة إلى أن الحركة الحالية هي ثورة ضد نظام يسمي نفسه "ثورياً". وصفة "الثورية" مهمة لأنها شجعت النظام على تصوير نفسه كنموذج إقليمي للابتكار بينما حرم في الوقت نفسه الشعب الإيراني من حقه في التعبير عن مطالبه.
ديفيد بولوك
طوال حملة القمع الحالية في إيران، كان النظام يهاجم «كردستان العراق» في الوقت نفسه تحت ذريعة استهداف جماعات "المعارضة"، في حين كانت هذه الهجمات في الواقع تقتل الأكراد الأبرياء. لماذا يبذل النظام كل هذه الطاقة ضد المدنيين في الجوار؟ النظريات الرئيسية - أن طهران تسعى إلى صرف الانتباه عن الاضطرابات في الداخل، أو أنها ترى حقاً أن «كردستان العراق» يشكل تهديداً حقيقياً في حد ذاته - غير مقنعة. وحتى الآن، لم يتوفر أي دليل على أن الأكراد العراقيين يقدمون للحركة الإيرانية شيئاً باستثناء الدعم المعنوي، والنظام يدرك ذلك حتماً.
وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تكون الهجمات عبر الحدود إجراءً وقائياً ضد ما يعتبره النظام تحالفاً مستقبلياً محتملاً بين القوى المحلية والخارجية. وتُظهر حدة هذه الهجمات واستمراريتها مدى مخاوف طهران العميقة من هذا الاحتمال - وهي نقطة تم التأكيد عليها عندما التقى المرشد الأعلى علي خامنئي برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في 29 تشرين الثاني/نوفمبر وطلب منه بشكل أساسي توفير الحماية ضد "التهديد" الكردي. في الوقت نفسه، تشير الصحف الإيرانية المرتبطة بالنظام إلى هذه الحملة المستمرة على أنها "اجتثاث" للتهديد الانفصالي الكردي.
للأسف، يبدو أن بغداد تميل إلى التعاون مع إيران في هذا الشأن، في محاولة للتوفيق بين نفوذ طهران القوي وبين الرغبة في الحفاظ على السيادة العراقية. وكذلك الأمر بالنسبة إلى «حكومة إقليم كردستان» التي تجد نفسها عالقة بين عدة معضلات، فهي تتأرجح بين التعاطف مع الأكراد الإيرانيين، ورغبتها في البقاء مستقلة عن النفوذ الإيراني، ومشاكلها الداخلية العميقة، بما في ذلك عجزها عن الدفاع عن نفسها ضد إيران، واعتمادها المستمر على بغداد.
ربما تكون الولايات المتحدة الطرف الوحيد القادر على حماية العراق و«كردستان العراق» من إيران، ولكنها حتى الآن لم تقدم على ما يبدو أي دعم من هذا النوع. على إدارة بايدن أن تسارع إلى تقديم طرحٍ بهذا الشأن - يكون منسقاً بحذر مع بغداد وأربيل على حد سواء.
جلسة الاسئلة والاجوبة
فيما يتعلق بإمكانية تطور جماعات المعارضة الإيرانية إلى فصائل متنافسة، أشار مهتدي إلى أن المجتمع المدني الحيوي نجح في ترسيخ جذوره داخل البلاد على الرغم من عقود طويلة من القمع. وقد ساعدت هذه المرونة المحتجين الحاليين على وضع جانباً العوامل التي يحتمل أن تثير الانقسامات فيما بينهم مثل العرق والدين والطبقة الاجتماعية لصالح الوحدة. وعلى الرغم من أن الشقاق ممكن من الناحية النظرية، إلا أن جماعات المعارضة كانت تتجه نحو التقارب بدلاً من الاختلاف.
ومن ناحية الالتزامات الأمريكية تجاه أكراد العراق، أشارت برادوست إلى أن اتفاقية الانسحاب السابق بين واشنطن وبغداد تضمّنت تعهداً بحماية البلاد من الهجمات الإرهابية. وتندرج هجمات إيران ضد «كردستان العراق» بالضرورة ضمن هذا التعهد لأنها تنفَّذ من قبل «الحرس الثوري الإيراني»، المُصنف من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية. لذلك ينبغي أن تلتزم الولايات المتحدة بوعدها وتحمي أكراد العراق، خاصة وأنهم تُركوا أهدافاً سهلة نسبياً أمام إيران، مقارنةً بدول أخرى مثل المملكة العربية السعودية أو أذربيجان.
أما بالنسبة إلى جماعات المعارضة الإيرانية، فقد أشار مهتدي إلى إنها لا تطالب بالأسلحة أو بنشر قوات على الأرض، بل تطلب ببساطة الدعم السياسي. وأضافت برادوست أن بإمكان الولايات المتحدة مساعدة الإيرانيين عن طريق الإزالة ببساطة لأي قنوات يتلقى النظام من خلالها الأموال أو الموارد الغربية.
وفيما يتعلق بإمكانية إحراز تقدم من دون تغيير النظام، شكك مهتدي في إمكانية حدوث أي تحسينات ملموسة في إيران ما لم يتم إخراج السلطات الحالية من السلطة. وأشارت برادوست إلى أن النظام، من خلال تصوير نفسه على أنه حكومة "ثورية"، لا يرى داعياً لتقديم تنازلات، ولا حتى القيام بتغييرات جزئية. ومن وجهة نظر طهران، إذا تم هدم أحد المكونات الرئيسية لإيديولوجية النظام (على سبيل المثال، قوانين الأخلاق)، فسوف تسقط معها باقي المكونات.
أما بالنسبة للخطوات التالية اللازمة نحو الثورة السلمية، فمن المهم مراقبة مواقف قوات «الحرس الثوري الإسلامي» وأفعالها. وتشير بعض التقارير إلى انتشار الحيرة والشك والتردد في بعض أوساط «الحرس الثوري»، لكن من الصعب معرفة ما إذا كانت هذه المشاعر ستترجم إلى انشقاقات واسعة النطاق. ويعتزم المحتجون اعتزاماً كاملاً الحفاظ على سلامتهم في الوقت الحالي، لكن هذا السلام غير مضمون ويعتمد كلياً على ما إذا كان النظام سيعمل على تصعيد عنفه الضخم أساساً.
أعدت هذا الملخص فرانسيس ماكدونو.