- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
الأمير الذي يمثل مستقبل السعودية يلتقي إدارة ترامب
الزيارة التي يقوم بها الأمير السعودي البالغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً، محمد بن سلمان، ابن العاهل السعودي الملك سلمان، الذي يحتفل بعيد ميلاده الحادية والثمانين هذا العام ويزور اليابان حالياً في نطاق جولة خارج المملكة استمرت شهرا واحداً، من الممكن أن تُعيد تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية. ويُنظر إلى الأمير محمد بن سلمان على نطاق واسع [كمسؤول] مُنح من قبل والده مطلق الصلاحية تقريباً. وعلى هذا النحو، ففي هذه الزيارة سيفوق الأمير بن سلمان أهمية ابن عمه الأكبر سناً ولي العهد الأمير محمد بن نايف إن لم يكن سيتجاوزه رتبة. وقد بقي بن نايف الذي يبلغ السابعة والخمسين من عمره في الرياض.
وقد غادر الأمير محمد بن سلمان المملكة إلى الولايات المتحدة في 13 آذار/مارس، ولكن الجزء الرسمي من زيارته لن يبدأ إلا في 16 آذار/مارس. أما من حيث البروتوكول، فكونه وزيراً للدفاع في السعودية، ربما يحل الأمير بن سلمان ضيفاً على وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس. ومن المحتمل أيضاً أن يجري لقاءات مع أجهزة الاستخبارات، وخاصة مدير "وكالة المخابرات المركزية" مايك بومبيو، على الرغم من أن الأمير محمد بن نايف، بصفته المسؤول عن مكافحة الإرهاب في السعودية، كان لسنوات عديدة المحاور الرئيسي في شؤون الاستخبارات، وكسب لنفسه لقب "السعودي المفضل في واشنطن." وبما أن وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون يقوم حالياً بزيارة لبعض الدول الآسيوية، سينخفض كثيراً دور وزارة الخارجية الأمريكية في أي اجتماعات مقبلة للأمير السعودي.
ولكن المناقشات الأكثر أهمية ستكون تلك التي ستجري في البيت الأبيض، حيث من المتوقع ان يجتمع الأمير بن سلمان مع كبير الاستراتيجيين ستيفن ك. بانون والمستشار الأقدم (وصهر الرئيس دونالد ترامب) جاريد كوشنر، الذي هو بضع سنوات فقط أكبر سناً من الأمير بن سلمان. ومن المتوقع أن يلتقي أيضاً مع الرئيس الأمريكي نفسه، وسوف يكون من المثير للعجب إذا لم يَطرح ترامب أفكاره عن خطة كبرى ("صفقة أكبر بكثير") حول السلام في الشرق الأوسط تشمل "العديد والعديد من الدول" التي أشار إليها في مؤتمره الصحفي الذي عقده مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشهر الماضي.
ويبدو أن القضية الأكثر إلحاحاً قد تكون الفشل المستمر لقوات التحالف التي تقودها السعودية بإعادة تأسيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في العاصمة، صنعاء، المحتلة خلال العامين الماضيين من قبل رجال القبائل الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح المدعومين من قبل إيران . وقد سمح الجمود لتنظيم «القاعدة» بإقامة ملاذات آمنة في الفجوات التي نتجت عن الحرب الأهلية، مما دفع الولايات المتحدة لشن عملية عسكرية في الآونة الأخيرة، من بينها غارة قامت بها قوات الكوماندوز فضلاً عن ضربات جوية. وفي الأسبوع الماضي، بدا أن واشنطن تقدم للرياض حافزاً لتغيير خططها، عندما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن موافقتها على استئناف مبيعات الذخائر الموجهة بدقة إلى المملكة. ومع ذلك، ما زال القرار بحاجة الى موافقة البيت الأبيض، الأمر الذي يمكن أن يعطي الجانب الأمريكي ورقة ضغط مهمة في مناقشات هذا الأسبوع.
ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، تشكل الاجتماعات فرصة لتحقيق فهم أوضح للاستراتيجية السعودية الحالية في الحرب والحالة النهائية الواقعية. وسواء كانت الأعمال العسكرية الحالية، التي تقوم أساساً على القصف الجوي، سوف تغيّر الوضع على الأرض، فمن المؤكد أنه لا يمكن للحكومة اليمنية الشرعية وقوات التحالف التي تقودها السعودية استعادة صنعاء دون أعمال عنف كارثية، ومعاناة إنسانية كبيرة، وتركة من التمرد على المدى الطويل. وقد يوجّه البيت الأبيض أسئلة محددة حول كيفية استئناف مفاوضات سلام ذات مغزى.
ومن وجهة نظر السعوديين، يمكن استخدام المحادثات لطلب إيضاحات فيما يتعلق بأطر المقاربة الجديدة لإدارة ترامب تجاه الشغب الذي يثيره الإيرانيون في الشرق الأوسط. وتساهم مكائد طهران إلى حد كبير في إثارة مشاكل ليس في اليمن فحسب، بل في سوريا والعراق أيضاً، حيث تشارك القوات الأمريكية في القتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما إذا كانت واشنطن ستقبل عرضاً سعودياً قائماً لإرسال فرق جنود لدعم "القوات الخاصة" الأمريكية في سوريا، التي تهدف الى دعم المعارضة ضد تقدم القوات التابعة لنظام الأسد وحلفائها المدعومة من إيران. والأمر المرفوض من المنظور السعودي الذي من المحتمل أن يُدرج على جدول الأعمال هو استخدام ترامب المستمر لمصطلح "الإرهاب الإسلامي المتطرف"، وكان آخره في خطابه أمام الكونغرس في 28 شباط/فبراير. وتفضل الرياض النظر إلى العنف المتطرف كونه ببأنهنه غير إسلامي.
إن المخاوف بشأن أسعار النفط التي انخفضت الأسبوع الماضي إلى أقل من 50 دولار للبرميل الواحد سوف تطغي حتماً على المحادثات، الأمر الذي [سيزيد] من الشكوك المحيطة بمبادرة " أوبك" التي تقودها السعودية لخفض الانتاج بهدف دفع سعر البرميل إلى ما يزيد عن 60 دولار أو نحو ذلك. ولكن في حين بإمكان الرياض أن تُملي [مقدار الكميات] التي تنتجها المملكة، لا يمكن للبيت الأبيض ولا للشركات النفطية الأمريكية أن تتدخل في آليات السوق - ويمكن القول أن الاقتصاد الأمريكي هو الذي يستفيد أكثر من غيره من انخفاض أسعار النفط. ويقيناً، أن أسعار النفط المنخفضة مؤلمة للمملكة العربية السعودية، الأمر الذي يعيق الإيرادات الحكومية ويُقيّد العملية الانتقالية التي يحاول الأمير محمد بن سلمان أن يقودها نحو اقتصاد أكثر كفاءة وأقل اعتماداً على النفط، كما ورد في برنامج "رؤية السعودية 2030". ومن المكونات الرئيسية لهذا التغيير هو البيع الجزئي المخطط لشركة النفط السعودية "أرامكو" المملوكة للدولة في عام 2018. يجب أن تكون "بورصة نيويورك" مثالية كمقر رئيسي للتسجيل الدولي، إلا أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرار .
وثمة تحد آخر يشمل وضع نهاية لمسألة هجمات 11/9، حيث أن خمسة عشر شخصاً من الخاطفين التسعة عشر كانوا سعوديين. وعلى الرغم من الضغط الشديد، فشلت المملكة في منع تمرير قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" (JASTA) في العام الماضي، الأمر الذي يعرّض للخطر الأصول السعودية الرسمية في الولايات المتحدة إذا كان بالإمكان إثبات تحمل المملكة مسؤولية وقوع الهجمات أو إهمالها في وقفها. وقد أمضى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي يرافق الأمير محمد بن سلمان في زيارته إلى واشنطن، عدة أشهر في الولايات المتحدة للضغط من أجل عكس مسار هذا التشريع، ولكن دون تأثير حتى الآن.
وتشكل زيارة هذا الأسبوع حدث مهم بمثابة"التعرف عليك". ولكن مجرد تحديد الخلافات وشرح المواقف لن يكون كافياً. فمن وجهة نظر الولايات المتحدة على وجه الخصوص، يوفر الاجتماع فرصة لمعالجة عدد كبير من المسائل المقلقة المشتركة للولايات المتحدة والسعودية فضلاً عن تضييق هوة الخلافات، خصوصاً في الظروف التي قد يسود فيها التباس فيما يتعلق بهرمية السلطة النظرية مقابل الفعلية في الرياض.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.