- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
الحوار الاستراتيجي مع قطر يوفّر فرصة لإنهاء الخلاف الخليجي
من المقرر عقد الحوار الاستراتيجي الثالث بين الولايات المتحدة وقطر في 14 و 15 أيلول/سبتمبر في واشنطن. ومن المتوقع أن يترأس الوفد القطري شخصياً، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. ومن المرجح أن يترأس نظيره وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الوفد الأمريكي، بعد أن كان للتو في العاصمة القطرية، الدوحة، في 11 و 12 أيلول/سبتمبر لبدء مؤتمر السلام حول أفغانستان.
وسيتزامن الحوار مع حفل التوقيع في البيت الأبيض الذي يستضيفه الرئيس ترامب في 15 أيلول/سبتمبر ويجمع بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان. وقد يحثّ التواجد المتزامن لممثلي الإمارات وقطر اللذين يضطلعان بأدوار وزارية متشابهة في واشنطن، المسؤولين الأمريكيين على ممارسة ضغوط دبلوماسية لإنهاء الخلاف المستمر منذ ثلاث سنوات بين البلدين.
وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت علاقاتها واتصالاتها وتعاملاتها التجارية مع قطر في عام 2017، ويُعزى ذلك ظاهرياً إلى استيائها من دعم الدوحة للإرهاب وعلاقاتها بإيران. وبالرغم من الإشارة عادةً إلى "قيادة سعودية" لهذه المجموعة، إلا أن استمرار الخلاف يكمن على الأرجح في العداء الشخصي للشقيق الأكبر للشيخ عبدالله، ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، تجاه قطر.
وقد أشارت الدبلوماسية الأمريكية، القلقة بشكل أساسي من التهديد الإقليمي الذي تشكله إيران، إلى قدر كبير من عدم الارتياح بشأن الخلاف، لا سيما لأن قطر على استعداد لاستضافة 10 آلاف عسكري أمريكي، وخاصة في قاعدة "العديد" الجوية الأمريكية الأكبر في المنطقة. وعلى الرغم من التعليقات الأولية من الرئيس ترامب في عام 2017 والتي بدى من خلالها أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الرياض وأبو ظبي، إلّا أن واشنطن غيّرت نظرتها في غضون أسابيع باتخاذها موقف أكثر حيادية، وتشككها على ما يبدو في الأسباب المعلنة لقطع العلاقات الدبلوماسية.
وكان أول حوار استراتيجي مع قطر قد عُقد في واشنطن في كانون الثاني/يناير 2018، واستضافه بصورة مشتركة وزيرا الخارجية والدفاع الأمريكيين آنذاك ريكس تيلرسون وجيم ماتيس. وبعد شهرين من ذلك التاريخ، التقى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بالرئيس ترامب في المكتب البيضاوي للاتفاق على صفقة شراء 36 طائرة مقاتلة من نوع "أف -15". وفي الحوار الثاني الذي استضافته الدوحة في كانون الثاني/يناير 2019، أشار بومبيو إلى "العلاقة الثنائية القوية" بين البلدين.
ويبدو أن إنهاء الصراع يمثل أولوية متزايدة للإدارة الأمريكية. فعندما تحدث الرئيس ترامب مع الملك سلمان عبر الهاتف في 6 أيلول/سبتمبر، "حث السعودية على التفاوض مع دول الخليج الأخرى لحل الخلاف". وبعد زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شينكر لقطر في أيلول/سبتمبر، نُقل عنه قوله: "لم يكن هناك تحوّل جوهري ... لكن في محادثاتنا نكتشف المزيد من المرونة". وتحدث شينكر أيضاً عن "التوقعات الكبيرة لإجراء حوار مثمر" وقال إنه ناقش "تعاوننا الممتاز المتقدم في مكافحة الإرهاب".
وفي المجال العام، يبدو الخلاف كبيراً كما كان دائماً، حيث تنشر المواقع السعودية والإماراتية بانتظام قصصاً حول الغدر الإقليمي القطري المزعوم. وسمحت قطر نفسها لوسائل إعلامها الفوضوية بانتقاد اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، على الرغم من أن الدوحة تحافظ على اتصالات رسمية سرية بل وثيقة مع القدس، مما يساعد على تقليل التوترات الإسرائيلية مع «حماس» في غزة من خلال تقديم مساعدات مالية للمدنيين الفلسطينيين والتوسط في وقف إطلاق النار.
ويوفّر الحدثان المتزامنان تقريباً في واشنطن فرصةً لتقليل مجموعة واحدة من المشاكل مع الاحتفال بنجاح مسعى دبلوماسي آخر. يجب أن تتمثل الأولوية الأمريكية في إعادة بناء الوحدة من أجل مواجهة نوايا إيران الخبيثة.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.