الجدال بين "النجباء" و"عصائب أهل الحق" حول إذا ما كانت "العصائب" لا تزال تُعتبَر جهةً من جهات المقاومة
يبدو أن "عصائب أهل الحق" لا تستطيع أن تقرر ما إذا كانت قد تخلت عن النضال المعادي للولايات المتحدة أم لا، الأمر الذي أحدث ارتباكاً في خطابات الميليشيات الأخرى حول المؤهلات العامة التي تتمتع بها تلك الجماعة.
انخرطت "حركة حزب الله النجباء" و"عصائب أهل الحق" مجدداً في جدلٍ علنيٍ حول دورهما في ما يُسمّى بمحور المقاومة. وقد أثارت هذا الخلاف تصريحاتٌ أدلى بها المتحدث باسم "حركة حزب الله النجباء" حسين الموسوي على قناة "الرابعة"، عندما قال إن "عصائب أهل الحق" لا تشن هجماتٍ ضد قوات التحالف والأهداف الإسرائيلية. وذكر أن "الميدان" (الهجمات الحركية) يقتصر على "حركة حزب الله النجباء" و"كتائب حزب الله" و"كتائب سيد الشهداء". وأضاف الموسوي أن "إخوة آخرين" يشاركون في الميدان أيضاً. وعندما سأله المذيع على وجه التحديد عما إذا كانت "عصائب أهل الحق" تؤدي أي دور في الميدان، أجاب الموسوي "كلا" (الشكل 1).
وقبل يومٍ واحدٍ فقط من هذه التصريحات، هدد زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي بشن هجماتٍ ضد المصالح الأمريكية في العراق وخارجه، إذا شنت إسرائيل حرباً واسعة النطاق ضد "حزب الله". وقال في كلمة متلفزة: "في حال استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها لهذا الكيان الغاصب (إسرائيل)، في حال وسّع عملياته وهاجم لبنان الحبيب وهاجم «حزب الله» المنصور… فلتعلم أمريكا أنها تكون قد جعلت كل مصالحها في المنطقة وفي العراق خصوصاً محل استهداف..." (الشكل 2).
ويبدو أن قيس الخزعلي كان يحاول تعزيز "مؤهلات المقاومة" التي تتمتع بها "عصائب أهل الحق"، بسبب اكتساب جماعته سمعة متزايدة بأنها موجودة في "المقاومة" من أجل المال والسلطة فقط، وأنها ليست جماعة فعلية من جماعات "المقاومة" المستعدة لمحاربة العدو.
وأدت تصريحات الموسوي إلى جعل تهديدات الخزعلي تبدو سخيفة. وقد أثار ذلك غضباً في صفوف "عصائب أهل الحق"، لدرجة أن الموسوي أصدر توضيحاً تراجع فيه عن تصريحاته قائلاً: "بعد لقائنا يوم أمس في قناة الرابعة، تداول حديث عتب من بعض الإخوة الأعزاء في فصائل المقاومة وجمهورهم العزيز بعدم ذكري لأسماء هذه الفصائل بالشكل الصريح…". وأضاف: "إن عدم ذكري للإخوة في العصائب وبالشكل الصريح لأن الإخوة في السابق كانوا يعملون في الميدان ولا يرغبون بذكر أسمائهم. أما الآن وبعد أن حضروا اجتماعات تنسيقية المقاومة، فإن المانع من عدم ذكر اسمهم قد أزيل" (الشكل 3). ويبدو أن الموسوي كان يتحدث عن الاجتماع الأخير الذي عقدته "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية"، ("التنسيقية")، في 19 حزيران/يونيو.
ويبدو أن توضيح الموسوي لم يهدئ من روع "عصائب أهل الحق". فقد عمد سند الحمداني، أحد كبار أعضاء "عصائب أهل الحق" والمدير العام لقناة "العهد" التابعة لـ "العصائب"، إلى نشر توضيح الموسوي على حسابه على منصة "أكس" حيث كتب: "عذر أقبح من فعل. لا يهمنا ما تقول ولا يهمنا ما تكتب" (الشكل 4). ويبدو أن هذا الرد جاء بهذا الشكل لأن الضرر سبق أن حدث. وبالإضافة إلى ذلك، يصوّر توضيح الموسوي "عصائب أهل الحق" على أنها كانت تخجل من عملياتها الحركية، بينما تتفاخر بها جماعات مثل "حزب الله النجباء".
وهذه ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها ميليشيا كبرى من ميليشيات المقاومة العراقية إلى توبيخ "عصائب أهل الحق" ضمناً لعدم مشاركتها في الهجمات الحركية. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أصدر زعيم "كتائب حزب الله" أحمد محسن فرج الحميداوي (المعروف أيضاً باسم أبو حسين) بياناً ذكر فيه أن "أنصار الله الأوفياء" و"حركة النجباء" و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب حزب الله" هي الجماعات التي شنت هجماتٍ تحت راية "المقاومة الإسلامية في العراق". وقد أدى استبعاد "عصائب أهل الحق" علناً من الجماعات المشارِكة في الهجمات إلى دفع "العصائب" إلى الرد عبر رئيس أمنها جواد الطليباوي الذي انتقد تصريح أبو حسين قائلاً: "نأمل ألا تتكرر مثل هذه التصريحات من إخوة الجهاد". ومن الواضح أن هذا التهديد فشل في ردع "حركة النجباء" عن استبعاد "عصائب أهل الحق".