الكشف عن مدى تحويل زيت الوقود إلى الإرهابيين والميليشيات في العراق
تم الكشف مؤخراً عن آلية لتحويل النفط الحكومي العراقي إلى الميليشيات من خلال مصانع غير عاملة، مما خلق حالة من الذعر أدت إلى إغلاق مصانع الإسفلت التي يديرها الإرهابيون المدعومون من إيران في العراق.
في 15 و22 تموز/يوليو، عقدت "اللجنة الوزارية للطاقة" التابعة للحكومة العراقية جلستين متتاليتين تم فيهما اتخاذ قرارات تحمل عبارة "عاجل جداً" (انظر الصور الأربع على الجانب الأيسر من هذا التقرير) وتتعلق بضرورة تعليق التحويل واسع النطاق بشكل مفاجئ لزيت وقود الحكومة العراقية إلى مستخدمين نهائيين مزيفين تابعين للجماعات الإرهابية المصنفة من قبل الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" أو خاضعين لضرائبها.
واتخذت "اللجنة الوزارية للطاقة"، برئاسة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، هذه الإجراءات في أوائل تموز/يوليو، ربما لأنه كان من المرجح أن يتم الكشف عن حجم قناة تمويل هذه التهديدات الإرهابية واتخاذ إجراءات بشأنها من قبل الجهات الفاعلة الدولية المعنية في الأشهر المقبلة. وبدأ الإجراء في أوائل تموز/يوليو (الشكل 5) عندما أُوقفت بشكل طارئ حصص النفط المخصصة للبصرة، حيث يتم تهريب النفط المحوّل بسهولة إلى الخارج.
ولطالما كانت حكومة السوداني تفهم الطريقة التي يستخدمها الإرهابيون والميليشيات لتحويل الوقود وتشجعها بالكامل منذ أيامها الأولى في السلطة، حيث كانت وزارة النفط، ووزارة الصناعة والمعادن، و"مركز العمليات الوطني" التابع لمكتب رئيس الوزراء تخصص كميات من زيت الوقود المملوك للحكومة لمصانع الإسفلت العراقية بأسعار مدعومة بشكل كبير. وتتم المبالغة إلى حد كبير في تقدير القدرة التشغيلية (وبالتالي احتياجات الوقود) للمصانع عند تخصيص الموارد، ويتم تحويل معظم (أو في بعض الحالات جميع) زيت الوقود إلى التصدير غير القانوني، ويُصنف بشكل خاطئ (بتواطؤ من الحكومة العراقية) على أنه سلع قابلة للتصدير مثل الفلانكوت. وبما أن الفلانكوت عبارة عن مادة صلبة يتم تسليمها في براميل، فمن الواضح جداً أن الصادرات ليست من مادة الفلانكوت لأنها تصل في صهاريج الطرق التي تحمل السوائل.
وقد تم تقييد تهريب زيت الوقود من قبل الحكومة السابقة لمصطفى الكاظمي. وفي الفترة 2020-2021، تم رفع السعر المدعوم لزيت الوقود للمصانع من 70 دولاراً للطن المتري إلى 220 دولاراً للطن المتري (مع قيام الميليشيات بعرقلة جهود الحكومة العراقية في عام 2021 لرفع السعر بصورة أكثر، وصولاً إلى 375 دولاراً للطن). (لتوضيح السياق، يمكن بيع هذا النفط خارج العراق بما لا يقل عن 500 دولار للطن، وبالتالي كلما ارتفع سعر البيع، كلما انخفضت هوامش التهريب). كما قامت الحكومة التي كانت قائمة في الفترة 2020-2022 بمسح القدرة الفعلية لمصانع الأسفلت وخفضت بشكل كبير تخصيص زيت الوقود للمصانع لتتناسب مع هذه المستويات، غالباً إلى ما بين صفر و20 في المائة.
وفي ظل حكم السوداني، حدث العكس. فقد تم مجدداً تخفيض سعر زيت الوقود المدعوم إلى 100-150 دولاراً للطن، وزادت تخصيصات زيت الوقود للمصانع مجدداً بشكل كبير بما يتجاوز احتياجاتها المؤكدة. وشهدت ستة مصانع غير عاملة بالكامل تديرها جماعات مصنفة على أنها إرهابية من قبل الولايات المتحدة إعادة الحصص المخصصة لها. وسرعان ما قامت حكومة السوداني بتوسيع تراخيص مصانع الإسفلت المزيفة الجديدة منذ عام 2022، بما في ذلك 37 مشروعاً جديداً (مقابل مشروع واحد في عهد الحكومة السابقة)، وهو ما يقارب ضعف حجم الصناعة قبل عام 2022. وكما تشير قرارات "اللجنة الوزارية للطاقة" ووزارة النفط الحالية، فإن حوالي 26 مصنعاً (من بينها العديد من الإضافات الجديدة بعد عام 2022) ليس لديها الإنتاج ولا القوى العاملة التي تبرر تخصيصاتها.
وكان رد فعل حكومة السوداني هو النأي بنفسها بسرعة عن الآلية، على الرغم من صعوبة إخفاء الدور القيادي لـ "مركز العمليات الوطني" التابع لمكتب رئيس الوزراء في تخصيصات الوقود. وأمرت مراسيم "اللجنة الوزارية للطاقة" بإجراء تحقيق فوري في القدرة الفعلية لمصانع الإسفلت، وتقليص التخصيصات إلى 60 في المائة من القدرة لحين الانتهاء من المراجعة، وزيادة سعر زيت الوقود المدعوم إلى 369 دولاراً للطن. وفي غضون 90 يوماً (أي بحلول أواخر تشرين الثاني/نوفمبر، في وقت قريب للانتخابات الأمريكية)، ستصدر اللجنة العراقية أحكامها بشأن المصانع التي يجب أن تظل مفتوحة.
وسيكون من المهم الاستمرار في مراقبة هذا الوضع لضمان عدم استفادة الحركات المصنفة من قبل الولايات المتحدة إرهابية من زيت الوقود المدعوم والمُحوّل، والذي حقق حوالي 250 مليون دولار سنوياً في عملية احتيال مماثلة انتهت في عام 2019. واليوم، من المحتمل أن نظام التهريب الموسع يحقق أكثر من 80 مليون دولار شهرياً أو 960 مليون دولار سنوياً، بناءً على الحسابات التقريبية للأحجام والتسعير.
وسيكون من الأهمية بمكان مراقبة ما إذا كانت أي من مصانع الأسفلت قد أغلقت أبوابها بالفعل. ويُظهر بيان لوزارة النفط (الشكل 5) أن 26 (من أصل 55) مصنعاً للأسفلت تابع للقطاع الخاص ليس لديه الحق المشروع في المطالبة بالحصول على الحصص المخصصة من زيت الوقود. وتجدر الإشارة إلى أن اللغة المستخدمة في مراسيم "اللجنة الوزارية للطاقة" تترك مجالاً واسعاً للتهرب ويستعد أصحاب المصانع (والجماعات الإرهابية والميليشياوية) لتقديم الاستئناف وتحسين النتيجة.
ينبغي أيضاً تركيز الاهتمام على ما يحدث الآن للفائض من زيت الوقود الذي يتم تحويله بدلاً من ذلك إلى المصانع المملوكة للدولة التابعة "للشركة العامة للصناعات التعدينية" والتي لا تستحق ذلك أيضاً بسبب مستويات إنتاجيتها المنخفضة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يتم تحويل هذه الكميات من هناك لصالح الميليشيات والجماعات الإرهابية؟
وأخيراً، يجدر تتبع تفعيل قنوات أخرى لمجرد سرقة زيت الوقود المتوفر حديثاً من خلال الاحتيال في الوثائق وتصديره عبر تركيا أو إيران أو سوريا باستخدام شاحنات الصهاريج.