المقاومة العابرة للحدود الوطنية تعرب عن استنكارها من خلال هجوم "تشكيل الوارثين" على التنف
ضرب "تشكيل الوارثين" أهدافاً أمريكية في سوريا تعبيراً عن تصدّيه لإمكانية تمديد الوجود الأمريكي في العراق، وقد حصل ذلك على الأرجح بموافقة «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإيراني».
في 20 كانون الثاني/يناير 2023، قصفت ثلاث طائرات مسيّرة "حامية التنف العسكرية" في سوريا، مما أدى إلى إصابة عنصرين من قوات "الجيش السوري الحر". وفي 21 كانون الثاني/يناير، أصدرت جماعة الواجهة العراقية "تشكيل الوارثين" بياناً على تطبيق "تلغرام" تبنّت فيه الهجوم، قبل أن تنشر مقطع فيديو يُظهر، على ما زُعم، طائرات مسيرة من طراز "قاصف-2ك" وهي تنطلق باتجاه التنف في 20 كانون الثاني/يناير 2023. (انظر الشكل 1). وعلى الرغم من تعرّض التنف لهجومين سابقين بطائرات بدون طيار على صلة بـ "المقاومة"، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها جماعة واجهة ميليشياوية الهجوم.
"الوارثون" والهجمات على المواقع الأمريكية
وفقاً لـ "الأضواء الكاشفة للميليشيات"، "تشكيل الوارثين" هو خلية هجوم يوجهها «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإيراني» للقيام بعمليات حركية قابلة للإنكار وتنطلق من الأراضي العراقية. وقد زعم "الوارثون" (في 19 آب/أغسطس 2022) محاولة تنفيذ هجوم بطائرة بدون طيار في 12 آب/أغسطس 2022 على قاعدة أمريكية في الكويت، تم إطلاقها من العراق واستخدمت "قاصف -2ك". وفي تشرين الأول/أكتوبر 2022، أصدرت وسائل الإعلام التابعة لـ «الحرس الثوري الإيراني» موجة من التهديدات الموثوقة ضد دول الخليج استخدمت أيضاً صوراً لصاروخ "قاصف- 2ك". وقد تم تصوير فيديو 24 كانون الثاني/يناير 2023 الذي أصدره "تشكيل الوارثين" على وقع أغنية "نقسم يا قاسم لن نهدأ" - وهي أغنية مرتبطة بالهجمات الحركية الطموحة على القواعد الأمريكية، وتدور كلماتها حول الانتقام لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، وهو الموضوع التحفيزي الرئيسي للخلايا الحركية التي تديرها "المقاومة" العراقية المدعومة من إيران.
قد تخبرنا هذه الحادثة أيضاً المزيد عن علاقات "تشكيل الوارثين". إذ تقدّر "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن "التشكيل" لديه علاقة ارتباط قوية أو علاقة قيادة مع [أكرم الكعبي] وحركة "حزب الله النجباء"، وهي منظمة مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية ولها تاريخ طويل من العمليات في سوريا. وتجدر الإشارة إلى أن قناة "فريق إخوة جهاد" التابعة للمقاومة على "تلغرام" أظهرت أنها تملك لقطة شاشة من الفيديو قبل ساعات من نشر "تشكيل الوارثين" الفيديو الكامل (الشكل 2). ولطالما نظرت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" إلى "فريق إخوة جهاد" على أنها قناة دعائية تابعة لـ "حركة النجباء"، وتؤكد هذه الحادثة على إمكانية وجود رابط بين الأجهزة الإعلامية التابعة لـ "تشكيل الثائرين" و"إخوة جهاد"، ربما من خلال "حركة النجباء".
السياق السياسي الأوسع لإعلان "تشكيل الوارثين" مسؤوليته عن الهجوم
يستحق البيان الصادر في 21 كانون الثاني/يناير 2023 عن "تشكيل الوارثين" قراءة متأنية. فقد جاء فيه: "لا يستطيع أحد إيقاف عملياتنا أبداً، حذرنا كثيراً من التهاون والركوع أمام الاحتلال الأمريكي في المنطقة، ومن لن يسمع لحرف صوتنا المطالب بإخراج المحتل، سيركع أمام رصاص بنادقنا" (الشكل 3). ربما يكون هذا البيان رداً مباشراً على إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخراً عن استعداده للسماح للقوات الأمريكية بالبقاء في العراق من أجل تدريب القوات العراقية وتجهيزها، واصفاً الولايات المتحدة بالدولة "الصديقة". حتى أن فصيل "المقاومة" الأكثر انخراطاً في إدارة الحكومة العراقية الحالية - "عصائب أهل الحق" - ألمح إلى أنه يسعى إلى تقارب محتمل مع الولايات المتحدة. وكانت هذه التصريحات متعارضة مع مطالب "المقاومة" التي طال أمدها بطرد القوات الأمريكية من العراق والتصدي لها.
يسلط الهجوم الضوء على انقسام أو على تقسيم للعمل بين شق "المقاومة" الذي يركز على العراق وله اهتمامات سياسية (أي "عصائب أهل الحق" و"منظمة بدر") وشق "المقاومة" العابر للحدود الوطنية الذي لا يشارك في السياسة الرسمية، مثل "حركة النجباء". ومن المرجح أن يكون هجوم التنف وبيان "تشكيل الوارثين" الذي تبعه عمليةً قامت بها "حركة النجباء" و"تشكيل الثائرين" وسمح به «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإيراني»، وربما تطلّب الحصول على الضوء الأخضر منه نظراً لأنه استخدم طائرات بدون طيار من طراز "قاصف-2ك" المتطورة التي قدمتها إيران، واختار هدفاً أمريكياً.
وحيث تملك "كتائب حزب الله" ستة مقاعد في مجلس النواب من خلال قائمة "حركة حقوق" التابعة لها، يواجه سياسيو الحركة موقفاً غاية في الصعوبة، وقد سعوا إلى المجادلة (عبر "قناة النجباء") بأن الانسحاب الأمريكي قد يكون هدفاً نهائياً وليس أولوية فورية. وفي العام الماضي، أعقبت "كتائب حزب الله" الهجوم الذي نفذه "الوارثون" بطائرة بدون طيار في 12 آب/أغسطس 2022 على طائرات أمريكية بدون طيار في الكويت بهجوم بطائرة بدون طيار على القوات الأمريكية في التنف في 15 آب/أغسطس 2022. والجدير بالذكر أنه لم تحصل (حتى الآن) أي تتمة واضحة مرتبطة بـ "كتائب حزب الله" لضربة التنف التي شنها "الوارثون" في 20 كانون الثاني/يناير 2023. وإذا استمر هذا الوضع، فقد يشير ذلك إلى على أنه حتى "كتائب حزب الله" تجاري الآخرين من خلال خفض التصعيد ضد الولايات المتحدة.