- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3964
المعركة (القادمة) في شمال غرب سوريا: التداعيات على السياسة الأمريكية
انضم المدير التنفيذي لـ "فريق عمل منظمة الطوارئ السورية" إلى ثلاثة خبراء من معهد واشنطن لمناقشة التقدم المذهل للمتمردين في غرب البلاد.
"في الرابع من كانون الأول/ديسمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي بمشاركة أندرو تابلر، آنا بورشيفسكايا، هارون زيلين، ومعاذ مصطفى. وتابلر هو زميل مارتن جيه. غروس الأقدم" في المعهد والمدير السابق لشؤون سوريا في "مجلس الأمن القومي" الأمريكي. وبورشيفسكايا هي زميلة أقدم في "برنامج مؤسسة دايين وغيلفورد غليزر" حول "منافسة القوى العظمى والشرق الأوسط". وزيلين هو "زميل غلوريا وكين ليفي الأقدم" ومحرر مشارك في كتاب المعهد الأخير "الحوكمة الجهادية وفن الحكم". ومصطفى هو المدير التنفيذي لـ "فريق عمل منظمة الطوارئ السورية". وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهم".
أندرو تابلر
يرجع الانهيار المفاجئ لقوات النظام في شمال غرب سوريا إلى تضافر عوامل محلية وعالمية. فقد تحوّل السياق الإقليمي بشكل كبير في ظل تحركات إسرائيل في لبنان، وإضعاف "محور المقاومة" الإيراني، وتناقص وجود الميليشيات الإيرانية في سوريا. كما تضاءل الدعم الجوي الروسي، الذي كان حاسماً منذ عام 2016. وعلى الرغم من سنوات من الضغوط، فشل نظام بشار الأسد في تقديم تنازلات ذات مغزى في المفاوضات مع الدول العربية وتركيا، في حين أعاقت العقوبات الأمريكية جهود إعادة الإعمار. وقد شجع هذا التآكل في قدرات الأسد جماعة المعارضة "هيئة تحرير الشام" ("الهيئة") التي شنت هجوماً دراماتيكياً انطلاقاً من معقلها في إدلب. وينحدر العديد من مقاتلي "الهيئة" من حلب ويشعرون بالإحباط بسبب عدم حدوث تغييرات، وهم الآن يتقدمون نحو حماة وما يتخطاها.
وفي خضم القتال، لا تزال احتمالية قطع الأسد لعلاقاته مع إيران من أجل الحصول على تخفيف للعقوبات الدولية مطروحة. ومع ذلك، تظل طهران داعماً قوياً للنظام، كما أن الضربات العسكرية الإسرائيلية المستمرة داخل سوريا جعلت من الصعب على الأسد الابتعاد عن إيران. وفي الوقت نفسه، قد يؤدي تردد إدارة بايدن في تجديد العقوبات الأمريكية المفروضة بموجب "قانون قيصر" إلى تقويض النفوذ الأمريكي في العملية السياسية المتوقفة منذ فترة طويلة والتي نص عليها "قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254". وبدون تسوية سياسية، تواجه سوريا خطر أن تصبح دولة مجزأة وعرضة للتأثيرات الخارجية والجماعات الإرهابية. يجب على الحكومة الأمريكية التركيز على إدارة هذه الأزمة بدلاً من إهمالها.
آنا بورشيفسكايا
في نهاية المطاف، تم تحديد دور روسيا في سوريا من خلال تحديها للنظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة أكثر من الالتزام الحقيقي بالسلام أو مكافحة الإرهاب. ويخوض الرئيس فلاديمير بوتين صراعاً جيوسياسياً طويل الأمد ضد الغرب، والصراع السوري يمثل ساحة استراتيجية لتأكيد هذا التحدي. لقد كانت أولوية موسكو هي الحفاظ على نظام الأسد وترسيخ موطئ قدم استراتيجي روسي في شرق البحر الأبيض المتوسط، مع بذل القليل من الجهود الحقيقية للتوصل إلى حل سياسي.
كما حاولت روسيا تأطير تدخلها كجزء من جهود أوسع لمكافحة الإرهاب، لكن تصرفاتها على الأرض تشير إلى خلاف ذلك. وفي الواقع، ساهمت الضربات الجوية الروسية بشكل غير مباشر في تعزيز الفصائل السنية المتطرفة من خلال استهداف البنية التحتية المدنية بشكل متكرر في الدولة ذات الأغلبية السنية.
لذلك، سيكون من الخطأ الاعتقاد بأن روسيا يمكنها أن تلعب دور الوسيط أو تسهل حلاً دبلوماسياً للصراع. إن حالة عدم الاستقرار المنخفضة المستوى في سوريا تخدم مصالح موسكو من خلال ضمان اعتماد مختلف الجهات الفاعلة على مساعدتها. وبطبيعة الحال، لن يمنع ذلك روسيا من محاولة تقديم نفسها كوسيط في الأزمة الحالية - ربما من خلال عرض المساعدة في سوريا مقابل تنازلات في أوكرانيا. ولكن قبول هذا العرض سيكون خطأً خطيراً.
إن سقوط الأسد من شأنه أن يشكل هزيمة كبيرة لروسيا، وقد يؤثر على قدرتها على تحقيق المزيد من التقدم العسكري في أوكرانيا. وفي المقابل، يُمثل هجوم "هيئة تحرير الشام" فرصة للولايات المتحدة لأنها المرة الأولى التي يواجه فيها الأسد الهزيمة منذ تدخل روسيا وغيرها من الداعمين الأجانب لصالحه. يتعين على واشنطن الآن أن تأخذ في الاعتبار كيف تتماشى سوريا مع الصورة الأكبر للسياسة الخارجية الأمريكية.
هارون زيلين
لقد تساءل العديد من المراقبين عن سبب اختيار "هيئة تحرير الشام" لشن هجومها الآن. ويبدو أن الإجابة واضحة: سعت الجماعة إلى استغلال تركيز روسيا على أوكرانيا وضعف إيران المتزايد وسط هلاك وكلائها في غزة ولبنان. وعلى الرغم من أن الهجوم فاجأ الكثيرين، إلا أن القتال النشط في هذه المنطقة مستمر منذ سنوات، وظهرت مؤشرات على هجوم آخر للنظام في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. ورداً على ذلك، قادت "هيئة تحرير الشام" حملة ناجحة خاصة بها من خلال دمج نشاطها مع جماعات معارضة أخرى.
وفيما يتعلق بتصنيف "هيئة تحرير الشام" كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة، من المهم أن نفهم أن الجماعة أصبحت أكثر تعقيداً وتنوعاً في السنوات الأخيرة. فقد انفصلت عن تنظيم "القاعدة" والحركة الجهادية العالمية الأوسع نطاقاً في عام 2016. وعلى الرغم من أن النساء لا يشغلن مناصب عليا في حكومتها المحلية، إلا أنه لا يتم منعهن من التعليم أو المشاركة في القوى العاملة. كما أن الأقليات الدينية لا تحظى بتمثيل سياسي متساوٍ في أراضي "هيئة تحرير الشام"، ولكن الحريات الدينية تحسنت بشكل ملحوظ تحت حكمها.
ومع ذلك، لا تزال الجماعة تتكون بشكل أساسي من الإسلاميين المحافظين الذين تشمل آراؤهم الدعم العلني لهجوم "حماس" في 7 تشرين الأول/أكتوبر ضد إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يضم بعض أعضائها مقاتلين أجانب مرتبطين بمنظمات مصنفة من قبل الولايات المتحة كإرهابية. وإذا ظهرت محادثات جديدة حول إزالة "هيئة تحرير الشام" من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، بإمكان واشنطن أن تطلب تسليم جميع هؤلاء المقاتلين الأجانب مقابل هذا التنازل. وأياً كان الحال، سوف تحتاج إدارة ترامب المقبلة إلى التعامل بجدية مع الصراع السوري.
معاذ مصطفى
على الرغم من أن "هيئة تحرير الشام" ليست سوى واحدة من بين العديد من الجماعات في غرفة القيادة العسكرية التي أُنشئت لتنسيق هذا الهجوم، إلا أنها الأكثر خبرة في الحكم. وتشير أدلة من السنوات الثماني الماضية إلى أنها لم تعد جزءاً من أي منظمة إرهابية عابرة للحدود الوطنية - في الواقع، كانت تقاتل بنشاط الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي "الدولة الإسلامية" و"القاعدة". وفي الوقت نفسه، تحكم "هيئة تحرير الشام" إدلب منذ سبع سنوات، حيث يتم حماية الأقليات والنساء ودمجهم في المجتمع. ويحدث الشيء نفسه حالياً في الأراضي المحررة حديثاً مثل حلب وحماة.
عندما يتولى الرئيس ترامب منصبه في كانون الثاني/يناير، ينبغي أن يدرك أن إيران ووكلاءها يخسرون في سوريا. إن إدارة بايدن غافلة تماماً عن هذا الأمر، ولكن نأمل أن تعي إدارة ترامب أن هذه الفرصة قد تكون أكبر ضربة لإيران ودعمها لـ "حزب الله". بالإضافة إلى الإطاحة بالأسد وإيران وروسيا من سوريا، يوفر هذا الهجوم أيضاً فرصة للمضي قدماً في "القرار 2254" والتحرك أخيراً نحو سوريا ديمقراطية تشمل جميع السوريين، مما يتيح عودة آمنة لأولئك الذين أجبروا على مغادرة البلاد بسبب الحرب.
تم إعداد هذا الملخص من قبل كلوديا غريلينغ.