- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
المشهد الطائفي يلقي بظلاله على انتخابات البحرين
ستشير نتائج الانتخابات في البحرين إلى الكيفية التي تُدير بها الحكومة السنية المواطنين الشيعة الذين يشكلون أغلبية سكان الجزيرة.
في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، يتوجه الناخبون في مملكة البحرين في الخليج العربي إلى صناديق الاقتراع للاختيار من بين مختلف المرشحين لمجلس النواب، الذي هو المجلس الأعلى في البرلمان الذي يقدم المشورة نظرياً للملك حمد بن عيسى آل خليفة. ويُقدَّر عدد سكان الجزيرة من المسلمين الشيعة بثلثَي المواطنين، لكن هذا لم ينعكس بتاتاً في المجلس، الذي دائماً ما يكون ذو أغلبية سنية.
وفي الانتخابات السابقة، فاز المرشحون الشيعة بخمس عشرة دائرة فقط من أصل أربعين دائرة انتخابية، التي تمنح الأفضلية للمناطق السنية. وحتى في عام 2010، حين بلغت قوتهم السياسية ذروتها، لم يفز الشيعة سوى بثمانية عشر مقعداً. ويبدو أن معظم الشيعة ذوي الاتجاه السائد يتقبلون أنهم لن يفوزوا أبداً بأغلبية، لكن من المحتمل أن ينظروا إلى فوز آخر على المستوى الذي حصلوا عليه عام 2010 على أنه نتيجة أكثر عدلاً من حصيلة مقاعدهم الحالية.
وعلى الصعيد الرسمي، لا تميز البحرين بين السنة والشيعة؛ فجميعهم يُعتبرون مسلمين. ومع ذلك، لا يزال يتعين على الملك السني أن يحقق توازناً بين المتشددين في العائلة المالكة الذين يديرون الأجهزة الأمنية من جهة والأصوات الأكثر اعتدالاً من جهة أخرى - من بينها الطائفة الشيعية، التي تم حظر مجتمعاتها السياسية. كما زادت الحكومة عدد المواطنين السنة في البلاد من خلال منح الجنسية لمجندي الشرطة من الأردن وباكستان ودول أخرى.
وعلى الرغم من أن تاريخ المملكة يتسم بتوترات بين الطوائف، إلّا أن الجو السائد حالياً يسوده الطابع السلمي. ويفتخر الملك حمد جداً بقدرته على الجمع بين مختلف الجماعات الدينية. وقد تعززت هذه القدرة خلال الزيارتين الأخيرتين اللتين قام بهما البابا فرنسيس والشيخ أحمد الطيب، الإمام الأكبر لـ "جامع الأزهر" في القاهرة. ومع ذلك، فقد تحدث البابا فرانسيس بشكل خاص عن الحرية الدينية وحث الحكومة على التخلي عن حكم الإعدام - وهو تصريح واضح بالنظر إلى أن ألفي شاب شيعي مسجونون حالياً وأن العديد منهم يواجهون حكم الإعدام. ومن جانبه دعا الشيخ الطيب أعلى سلطة سنية في العالم إلى "حوار ... لإنهاء الانقسام والفتنة والصراع الطائفي".
وفي الواقع، لا تزال بعض عناصر الخلاف قائمة، وهو وضعٌ يكتسب أهمية كبيرة لأن البحرين تقع في مركز منطقة مجاورة تتسم بالتعقيد. ويربط المملكة جسراً إلى منطقة في المملكة العربية السعودية ذات أغلبية محلية شيعية. وأظهر استطلاعٌ نادرٌ للرأي أُجري هذا الصيف أن الشيعة البحرينيين المحرومين تاريخياً يتعاطفون بشكل كبير مع إيران، التي تقع في الجانب الآخر من الخليج مباشرةً. وتستضيف الجزيرة أيضاً مقر "الأسطول الخامس الأمريكي". والجدير بالذكر أن للسفارة الأمريكية رابط خريطة على الإنترنت تُظهر المناطق الشيعية التي تقع حول العاصمة والتي تمنع الحكومة الأمريكية موظفيها من دخولها. وبالإضافة إلى موظفي السفارة، يعيش في البحرين عدة آلاف من أفراد الخدمة العسكرية والمقاولين المدنيين الأمريكيين الذين يعملون في مقر "الأسطول الخامس".
وكان الاستطلاع المذكور أعلاه أيضاً هو الأول من نوعه الذي يتم إجراؤه منذ أن وقّعت البحرين وإسرائيل على "اتفاقيات إبراهيم"، وهي اتفاقية التطبيع في عام 2020، والتي لا يزال معظم المستطلَعين السنة والشيعة على حدٍ سواء ينظرون إليها بشكٍ كبيرٍ بعد مرور عامين. وفي غضون ذلك، أنشأت إسرائيل سفارة في المنامة، وفتحت رحلات جوية مدنية منتظمة بين البلدين، وعينت ضابط ارتباط بحري لدى "القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية" ضمن منشآت "الأسطول الخامس".
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن، ومؤلف المذكرة السياسية حول الخلافة "البحرين بعد رئيس الوزراء".