الميليشيات العراقية تحاول التعتيم على دورها في الهجمات ضد الولايات المتحدة
يلجأ أعضاء "المقاومة الإسلامية في العراق" إلى استخدام جماعات الواجهة وتنفيذ هجمات غير معلنة لتجنب الارتباط المباشر بالتصعيد الأخير ضد الأهداف الأمريكية.
منذ الضربة الإسرائيلية على إيران في 26 تشرين الأول/أكتوبر، تزايدت التقارير حول الهجمات على القواعد الأمريكية في سوريا. ويأتي هذا التصعيد بالتوازي مع تصاعد حدة التصريحات من قبل “قادة المقاومة العراقية"، إصافة إلى صفحات وسائل التواصل الاجتماعي التي تتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ مع إسرائيل في استخدام الأجواء العراقية لتنفيذ هجمات الأهداف الإيرانية.
جهود فاشلة لردع العمل العسكري الأمريكي- الإسرائيلي
عقب إطلاق إيران قذيفة صاروخية كبيرة على إسرائيل في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، تحركت المقاومة العراقية على الفور لتعزيز موقف طهران الرادع. وفى أثناء وقوع الهجوم، أعاد حساب” شباب الإسلام“- وهو حساب على تطبيق “تلغرام "مرتبط بـ "كتائب صرخة القدس"(المعروفة سابقاً باسم "أصحاب الكهف") - نشر بيان مقتضب صادر عن" الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية "(المعروفة اختصاراً بـ "التنسيقية".
وجاء في البيان ما يلي: "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية "غير ملزمة بأي قيود، إذا ما تورطت قوات الاحتلال الأمريكي مجدداً باستهداف أبنائنا في العراق، أو استغلال الأجواء العراقية لتنفيذ اعتداءات ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ فإن ردنا حينها لن توقفه سقوف"(الشكل 1).
تهديدات جديدة للمصالح الأمريكية عقب الضربة الإسرائيلية
منذ الضربة الإسرائيلية الانتقامية في 26 أكتوبر/تشرين الأول، كثّفت "المقاومة العراقية" من نشاطها، حيث بدا أنها تحذر من شن المزيد من الهجمات على إيران وهددت بمعاقبة الولايات المتحدة لدورها في تسهيل العمليات العسكرية الإسرائيلية التي استُخدم فيها الأجواء العراقية. وقد جاء الموقف الرسمي الأوضح حتى الآن من قبل "كتائب حزب الله" التي أصدرت في 27 تشرين الأول/أكتوبر تحذيراً بالتصعيد ضد الولايات المتحدة حيث قالت: "إن استخدام الأجواء العراقية لتنفيذ ضربات على منشآت إيرانية... يمثل سابقة خطيرة لم تواجهها إيران من قبل... وهو ما لم يكن ليحدث إلا بتنسيق وترتيب مسبق مع الأمريكيين الذين يفرضون سيطرتهم على الأجواء العراقية ... وعلى الأمريكيين أن يدفعوا ثمن استهتارهم في استخدام المجال الجوي العراقي، وسيأتي ذلك بعون الله في وقته ومكانه المحددين" (الشكل 2).
بعد فترة وجيزة من صدور بيان "كتائب حزب الله"، بدأت منصات التواصل الاجتماعي التابعة للمقاومة في نشر أنباء عن قاعدة “التنف" الأمريكية في سوريا. وقد أعلنت إحدى جماعات الواجهة الجديدة وهي” المقاومة الإسلامية في العراق-الثوريون" مسؤوليتها عن الهجوم. وجاء في البيان” نعلن عملية استهداف قاعدة "التنف" التابعة للاحتلال الأمريكي في سوريا بعدة صواريخ وطائرات بدون طيار مساء الأحد 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2024... ونؤكد أن عملياتنا مستمرة ومتصاعدة حتى خروج آخر جندي أمريكي من أرض العراق الطاهرة"(الشكل 3).
ضربات ضد الولايات المتحدة تبناها فصيل "الثوريون"- أو لم تتبناها على الإطلاق
يبدو أن تنظيم "الثوريون" هو جماعة واجهة حديثة النشأة، ظهرت بعد أن أوقفت" كتائب "حزب الله"، التي تعمل تحت اسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، هجماتها ضد أهداف أمريكية في سوريا والعراق. وكانت "كتائب حزب الله" قد قادت في وقت سابق هجومًا على قاعدة "البرج 22" في الأردن، أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد من القوات الأمريكية. وردًا على ذلك، تلقت "كتائب حزب الله" ضربات أمريكية قوية، ما دفعها إلى وقف عملياتها مؤقتًا لتجنب المزيد من التصعيد.
وقد تبنى تنظيم” الثوريون “سابقًا مسؤولية تنفيذ خمس هجمات (نُفذت جميعها في عام 2024) على مواقع أمريكية في العراق وسوريا: في 25 يوليو (هجومان)، وثلاثة هجمات في 26 تموز/يوليو، والخامس آب/أغسطس والتاسع من آب/أغسطس. وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت وتيرة الهجمات ضد مواقع خاصة بالولايات المتحدة في سوريا (وليس العراق) من حيث التكرار والطموح، عبر صواريخ أكبر وهجمات منسقة بالصواريخ والطائرات بدون طيار. وباستثناء هجوم "الثوريون" على قاعدة "التنف"، لم تتبنَّ أي منصة من منصات "المقاومة" الهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة في سوريا.
عودة عمليات جماعات الواجهة
من المرجح أن فصيل "ثوريون" تم إنشاؤه لتوفير إمكانية الإنكار المعقول للميليشيات المعروفة بارتباطها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ففي تصريح صادر في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، حدد الأمين العام لـ “كتائب حزب الله" أسماء الفصائل الرئيسية المنضوية تحت مظلة "المقاومة الإسلامية في العراق" والتي شملت كلاً من "كتائب حزب الله" نفسها، و"حركة حزب الله النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء"، و"أنصار الله الأوفياء".
ويبدو أن استخدام اسم "ثوريون" الجديد جاء استباقًا للضربات الأمريكية الانتقامية المحتملة، كجزء من محاولة هذه الميليشيات لخلق حالة من الغموض وتوفير غطاء لاستمرار هجماتها على القواعد الأمريكية. ويبدو أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إخفاء التورط المباشر للجماعات المعروفة في الهجمات، مما يمنحها قدراً إضافياً من الإنكار المعقول.