الميليشيات العراقية تُخفض من عملياتها ضد إسرائيل
على مدى أسابيع، خفضت الميليشيات العراقية بالفعل من هجماتها ضد اسرائيل، وذلك قبل التحذير الإسرائيلي الصادر في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الذي توقفت بعده الهجمات تقريبًا بشكل كامل.
في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أرسل وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالة إلى الرئيس الدوري الحالي لـ "مجلس الأمن الدولي" أعرب فيها عن قلقه إزاء تصاعد هجمات الميليشيات المدعومة من قبل إيران في العراق ضد إسرائيل. كما حمّل ساعر في رسالته الحكومة العراقية مسؤولية هذه الهجمات، وأكد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها إذا لم تكن الحكومة العراقية قادرة أو راغبة في كبح زمام الجماعات المسلحة التي تنفذ هجمات باستخدام المسيرات وصواريخ كروز ضد إسرائيل.
الميليشيات تسرّع بشكل ملحوظ من خفض هجماتها ضد إسرائيل
حتى قبل صدور البيان الإسرائيلي، بدا أن الميليشيات العراقية قد بدأت بالفعل بتقليص هجماتها ضد إسرائيل منذ عدة أسابيع. يُظهر الرسم البياني أدناه (رقم 1) الانخفاضين الأسبوعيين من أعلى نقطة بلغت 41 هجومًا في الأسبوع من في 29 أكتوبر/تشرين الأول واستمر حتى 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2024. ولكن بعد التحذير الذي أرسلته إسرائيل في 18 نوفمبر، كان هناك انخفاض شديد في عمليات المقاومة. وفى حين بدأت الميليشيات العراقية في تقليص هجماتها ضد إسرائيل قبل تحذير 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، الا انها تبدو وكأنها تنسحب تمامًا منذ ذلك التاريخ.
زيادة التزييف الإعلامي من قبل الميليشيات العراقية
بالإضافة إلى تراجع ادعاءات المقاومة العراقية، فإن المزاعم المتبقية تفقد مصداقيتها، فمنذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر حتى الآن تم عرض القليل جدًا من الصور المقربة للمسيرات والتي كانت في السابق توفر درجة من الثقة لأن كل ادعاء كان يرفق صورًا جديدة لمسيرة ذات سمات فريدة (مثل العلامات، الأرقام التسلسلية، الخدوش، الطلاء، أو التهيئة). منذ منتصف تشرين الثاني / نوفمبر، هناك إعادة استخدام متكرر لصور الإطلاق (أي أن هناك فيديو إطلاق طائرة بدون طيار واحدة من أربع زوايا، مع استخدام زاويتين لدعم ادعاء هجوم واحد، وزاويتين أخريين تم استخدامهما في فيديو منفصل لادعاء زائف حول هجوم قد لا يكون قد وقع بالفعل.).
تصريحات ضعيفة جداً لقادة الميليشيات العراقية
حاول قادة الميليشيات العراقية إظهار القوة في الرد على التهديد الإسرائيلي، لكن تصريحاتهم بدت وكأنها تعكس ضعفاً بدلاً من الثقة.
كتائب سيد الشهداء. في 19 تشرين الثاني/نوفمبر، ظهر قائد "كتائب سيد الشهداء "عباس الزيدي على "قناة الرابعة" التلفزيونية وقال” لدينا الغطاء الديني. أولاً، نحن أبناء المرجعية ولسنا أبناء حكومات... إذا كان هناك تهديد من قبل إسرائيل باستهداف العراق، فإن الرد سيكون قوياً وحاسماً... (الشكل 1). وتعد "كتائب سيد الشهداء "هي أكثر جماعات المقاومة تشددا في خطابها ً ودائمًا ما تسعى للفت الانتباه، لذا فإن تصدرها المشهد لم يكن مفاجئاً.
حركة النجباء. في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، ردّ المساعد العسكري لقائد "حركة النجباء" عبد القادر الكربلائي على” التهديدات “الإسرائيلية على حسابه على موقع "أكس". وجاء في منشوره القصير “إلى نتنياهو اللزج: اعلموا أن كيانكم أوهن من بيت العنكبوت، وأنتم أحقر من أن تهددوا عراق الصمود والجهاد. ستبقى مسيراتنا ترعبكم ولا مفر لكم منها." (الشكل 2).
عصائب أهل الحق. تم ذكر جماعة "عصائب أهل الحق" في رسالة إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي - وتلك نتيجة مثيرة للقلق لفصيل صوّر نفسه على أنه غير حركي لسنوات عديدة، حتى لو جاء ذلك على حساب مصداقية المقاومة. وردًا على ذلك، أصدرت الجماعة عبر كتلتها البرلمانية "الصادقون"، بيانًا مطولًا في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، نفت فيه أي دور عراقي في الهجمات على إسرائيل. كما وصفت الرسالة الإسرائيلية بأنها "محاولة سافرة لتشويه صورة العراق وحشده الشعبي" (الشكل 3).
كتائب حزب الله: ربما يكشف رد فعل "كتائب حزب الله" في 20 تشرين الثاني/نوفمبر عن الحالة الذهنية للمقاومة العراقية أكثر من أي بيان آخر. فقد نشرت "كتائب حزب الله" مقابلة نادرة مع أمينها العام، أحمد محسن فرج الحميداوي (الملقب بأبو حسين)، الذي علّق قائلاً: “في نهاية المطاف، القرار النهائي يعود لإخواننا في حزب الله، فهم أدرى بمصالحهم الآنية والبعيدة المدى". ورداً على سؤال حول تأثير هذه الجهود على ما يسمى بـ "وحدة الجبهات"، أكد الحميداوي مجدداً أن القرار "بيد حزب الله." (الشكل 4).
منظمة بدر: بعد أن ورد اسم المنظمة في الرسالة الإسرائيلية كأحد الفصائل العراقية المهاجمة، صرّح مهدي الآمرلي، عضو كتلة بدر البرلمانية وعضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، في مقابلة مع قناة الغدير بتاريخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر: “إن أي انتهاك للسيادة العراقية من قبل الكيان الصهيوني الإسرائيلي سيؤدي إلى إلغاء الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن." (شكل 5).
في تقييمنا، تكشف ردود الفصائل التي اتسمت بالضعف، عن بعض الديناميكيات الداخلية للمقاومة العراقية. أولاً، تخشى فصائل المقاومة العراقية، كما ينبغي لها، من استهداف الاستخبارات الإسرائيلية لها كما استهدفت الجماعات الفلسطينية وحزب الله اللبناني. وثانياً، تسعى الجماعات العراقية منذ أسابيع، وبدعم إيراني على الأرجح، إلى تهدئة الفصائل ولم يظهر قلق من ضربة صاروخية باليستية انطلاقاً من العراق. وهذا يقلل من احتمال توجيه ضربات إسرائيلية للعراق قريباً. وأخيراً، تبقى "كتائب حزب الله" القوة الأبرز بين فصائل المقاومة، ويبرز دور أبو حسين في المواقف الحرجة - مثل مساعيه في 30 كانون الثاني/يناير لتجنب الانتقام الأمريكي الشديد بعد مقتل ثلاثة أمريكيين، وتصريحه المباشر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر بأن "حزب الله" اللبناني قد يقبل بوقف إطلاق النار مع إسرائيل إذا رأى ذلك مناسباً، وهو تلميح ضمني بأن "كتائب حزب الله" ستلتزم بهذا القرار.