- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3878
السعي لتحقيق سلام مستقر في اليمن يحفظ المصالح الأمريكية
يناقش سفير الولايات المتحدة في اليمن مع أحد الخبراء الممارسين في مجال النزاعات خيارات السياسات المتاحة أمام واشنطن لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن.
"في 28 أيار/مايو، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع ندوى الدوسري والسفير ستيفن فاجن. والدوسري هي باحثة غير مقيمة في "معهد الشرق الأوسط" وزميلة في "مركز الجماعات المسلحة"، وتتمتع بخبرة ميدانية في اليمن تزيد عن عشرين عاماً. وفاجن هو سفير الولايات المتحدة في اليمن والمدير السابق لـ "مكتب الشؤون الإيرانية في وزارة الخارجية الأمريكية". وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهما".
ندوى الدوسري
يحتاج اليمنيون إلى إنهاء العنف وإلى حكومة فاعلة لاستعادة حياتهم الطبيعية. فهم بحاجة إلى طرق مفتوحة، وإمكانية السفر جواً، ورواتب يمكن الاعتماد عليها، والقدرة على العودة إلى ديارهم دون خوف من الاضطهاد. ومن الناحية المثالية، يمكن تحقيق ذلك من خلال الحوار، يجتمع بموجبه الحوثيون والأطراف اليمنية الأخرى للاتفاق على صيغة لتشارك السلطة. ومع ذلك، فإن تعقيدات العالم الحقيقي أحبطت هذه السيناريوهات.
ويقدم التاريخ أسباباً وافية للتشكيك في الحوار مع الحوثيين، الذين استغلوا المفاوضات منذ عام 2014 لعرقلة العملية وتعزيز مركزهم. فقد استغلوا ارتفاع أسعار السلع الأساسية، والانقسامات السياسية، والاتفاقيات الدولية لصالحهم، وأظهروا مراراً وتكراراً فطنتهم الاستراتيجية والتزامهم بأهدافهم طويلة الأمد. على سبيل المثال، تم التوسط في "اتفاقية ستوكهولم" لعام 2018 من قبل الأمم المتحدة مع حصولها على دعم كبير من المجتمع الدولي، إلا أنها لم تؤدِ سوى إلى تشجيع الحوثيين، الذين أعادوا تجميع صفوفهم لاحقاً، واستولوا على ثلاث محافظات حيوية، وبدأوا بتهديد محافظة مأرب، آخر معقل للحكومة في شمال البلاد.
وتقود الجماعة أيديولوجية تمتد إلى ما هو أبعد من اليمن، حيث تعتبر مهمتها جزءاً من حركة جهادية أوسع نطاقاً، تهدف إلى تحويل البلاد إلى معسكر تجنيد لجيش جهادي عالمي. وقد حوّلت هذه الأيديولوجية، المدعومة من إيران، الحوثيين إلى قوة هائلة، قادرة على التفوق استراتيجياً على خصومها واستغلال كل فرصة لتعزيز أجندتها.
ولذلك، يتعيّن على صنّاع السياسات أن يستعدّوا للسيناريو الأسوأ. ومن المؤسف أن النتيجة الأكثر ترجيحاً لخطة سلام "خارطة الطريق" الحالية التي تدعمها الأمم المتحدة تتمثل في تصاعد العنف. ومن المرجح أن يستغل الحوثيون الاختراق في العملية ليزدادوا قوة ويسيطروا على أجزاء إضافية من اليمن.
وبناءً على ذلك، يُعتبر تدريب قوات الحكومة اليمنية وتجهيزها ودعمها ضرورياً لمنع الحوثيين من توسيع سيطرتهم. ويجب على الأطراف المهتمة أيضاً معالجة الخلافات الداخلية للحكومة وتعزيز التعاون بين القوى السياسية المختلفة.
ويُعد الدعم الاقتصادي حيوياً أيضاً. ويجب تحسين الخدمات والبنية التحتية لتحقيق الاستقرار في البلاد، لا سيما في مناطق مثل عدن، حيث يؤدي انقطاع التيار الكهربائي وتردي الظروف المعيشية إلى تأجيج الاضطرابات. ومن الضروري الاستثمار في مستقبل اليمن لمنع المزيد من التدهور.
وبالنظر إلى المستقبل، يمكن أن يساهم توسيع التعاون الإقليمي في تحسين الوضع بشكل كبير. ينبغي على المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة العمل معاً لتقوية القوات اليمنية وضمان استعدادها لمواجهة تصعيد حوثي محتمل. ولا يهدف هذا الإعداد إلى الحفاظ على الوضع الراهن، بل إلى منع خسارة المزيد من الأراضي.
إن ترسانة الحوثيين من الصواريخ والطائرات المسيّرة وقدراتهم العسكرية الأخرى تجعلهم متفوقين على القوى الأخرى في اليمن. وإذا نجحوا في السيطرة على البلاد، فلن ينتهي العنف. فالحوثيون يعتبرون أنفسهم جهة فاعلة إقليمية وعالمية، حيث تمتد طموحاتهم أبعد من حدود اليمن، مما يشكل تهديداً للمنطقة الأوسع نطاقاً.
ستيفن فاجن
يتمثل الوضع النهائي المثالي لليمن بدولة تنعم بالسلام وتتقدم نحو التنمية الاقتصادية المستدامة، دون أن تشكل تهديداً للمنطقة أو المجتمع الدولي. وقد تم إحراز تقدم كبير نحو تحقيق هذا الهدف طويل المدى على الرغم من التحديات العديدة. وقد حافظت الدبلوماسية الأمريكية والسعودية وتلك الخاصة بالأمم المتحدة على الهدنة، وكسرت حلقة الهجمات العسكرية والغارات الجوية للتحالف داخل اليمن، ووضعت حداً تقريباً لجميع هجمات الحوثيين بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد دول الخليج خلال العامين الماضيين. ويجب الحفاظ على هذه الإنجازات.
لقد عانى اليمن الأمرّين، حيث سقط 400 ألف قتيل بسبب النزاع. ولا تدعم الولايات المتحدة عودة أي طرف إلى الحرب، مدركةً أنه لا يوجد حل عسكري. ويدرك المجتمع الدولي أن الحوثيين سيظلون عنصراً سياسياً، مما يجعل من الضروري السعي إلى تسوية سياسية شاملة نحو التنمية المستدامة والسلام. ومن المرجح أن تتضمن هذه التسوية ترتيباً سياسياً انتقالياً يؤدي إلى عملية انتخابية للمصادقة على الاتفاق النهائي.
وتسلط الهجمات الأخيرة على السفن الضوء على الحاجة الملحة لتسهيل عملية السلام. ولا تستطيع الحكومة اليمنية التوقيع على اتفاق يترك للحوثيين إمكانية الوصول إلى الأسلحة دون قيود. وينبغي أن ينصبّ التركيز على تعزيز مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لخلق الظروف المؤاتية للسلام. على سبيل المثال، يُعدّ "مجلس القيادة الرئاسي"، الذي أنشئ في نيسان/أبريل 2022، هيئة أكثر شمولاً من الناحية السياسية من الكيانات السابقة. ولتجنب المزيد من النزاع الداخلي، يجب توحيد قوات الأمن تحت قيادة "مجلس القيادة الرئاسي".
وتعمل الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون والمجتمع الدولي الأوسع نطاقاً على تضييق دائرة الخلافات وتعزيز الجهود الجماعية الرامية إلى إحلال السلام. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، هدفت مبادراتهم إلى الانتقال من وقف إطلاق النار المؤقت إلى وقف إطلاق النار الدائم والشامل. ويُعدّ الحفاظ على حرية الملاحة في البحر الأحمر أمراً بالغ الأهمية - فدون حماية دولية، سوف يعبر عدد أقل من السفن هذا المسار، وستواجه المنطقة المزيد من هجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ وستكون أكثر عرضة للكوارث البيئية.
وتستمر الجهود الرامية إلى منع تزويد الحوثيين بالأسلحة، مع إبلاغ الأمم المتحدة بتنفيذ عمليات ناجحة في هذا الإطار. ويُعتبر هذا العمل أساسياً لدعم قرارات مجلس الأمن الدولي.
ومع ذلك، فإن الطريق إلى الأمام مليء بالتحديات. فالحلول التبسيطية لا يمكنها معالجة مشاكل اليمن المعقدة، ومن الضروري اعتماد نهج واقعي وحذر. كما أن احتضان الفصائل المتنوعة سياسياً في البلاد والعمل معها أمر بالغ الأهمية لضمان مستقبل مزدهر ودمج المجتمع اليمني الأوسع نطاقاً ضمن عملية السلام. ويبقى الهدف هو التوصل إلى حل شامل يعالج تعقيدات البلاد ويؤدي إلى السلام والتنمية الدائمين.
وكما سبقت الإشارة، فإن إحدى أهم الخطوات هي الانتقال من الهدنة الحالية إلى وقف دائم وشامل لإطلاق النار. وعلى الرغم من صعوبة هذه الخطوة والوقت الطويل الذي تستغرقه، إلا أنها ضرورية لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل. وعلى وجه التحديد، فإن حماية الشحن الدولي وضمان حرية الملاحة أمر بالغ الأهمية.
ويُعد التعافي الاقتصادي أمراً ضرورياً أيضاً. فالاقتصاد اليمني عانى بشدة، مع عدم تصدير النفط أو الغاز الطبيعي في الوقت الحالي. ومن الممكن أن تؤدي استعادة هذه الصادرات وتعزيز نمو القطاع الخاص إلى تحسين حياة اليمنيين بشكل كبير حتى في غياب تسوية شاملة. ويتطلب تحقيق ذلك إرادة سياسية كافية من كافة الأطراف لتهيئة الظروف المناسبة.
وتظل الولايات المتحدة وشركاؤها الدوليون ملتزمين بالعمل مع اليمن ودول المنطقة الأخرى لمنع تدفق الأسلحة إلى الحوثيين، وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي. وهذا الجهد المستمر أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الأمن الإقليمي ودعم عملية السلام.
وفي نهاية المطاف، يتطلب إرساء السلام اتباع نهج شامل وجامع يعالج الأبعاد السياسية والاقتصادية والأمنية للنزاع. يجب على المجتمع الدولي أن يواصل دعم اليمن في هذه العملية المعقدة، مدركاً أنه على الرغم من أن الطريق إلى الأمام مليء بالتحديات، إلّا أن هدف اليمن المسالم والمزدهر يستحق العناء.
أعدّ هذا الملخص عبدالله الحايك. أصبحت سلسلة منتدى السياسات ممكنة بفضل كرم "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".