- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
السيطرة الجهادية الشيعية على الدولة في العراق
Part of a series: Jihadist Governance and Statecraft
or see Part 1: Jihadist Governance and Statecraft
في هذا الفصل من مجموعة "الحكم الجهادي وإدارة الدولة"، يبحث مايكل نايتس نطاق وطبيعة الحكم الجهادي في العراق.
هل يُعتبر العراق اليوم مثالاً على الحكم الجهادي؟ برأيي نعم. فالفصائل المسلحة التي تشكل جوهر الكتلة الحاكمة في البلاد، أي "الإطار التنسيقي"، مؤلفة من أعضاء يزعمون انتماءهم لجبهة جهادية عابرة للحدود الوطنية تُعرف باسم "محور المقاومة". ويتمثل هدفهم في توسيع الثورة الإسلامية التي بدأت في إيران عام 1979 وحماية جميع الامتدادات الحالية لمشروعهم الشيعي المزعوم: جمهورية إيران الإسلامية، و"حزب الله" اللبناني، وجماعة "أنصار الله" المتمركزة في اليمن، والجماعات الإرهابية العراقية ومليشيات "الإطار التنسيقي".
منذ استغلال السلطة القضائية للتلاعب بنتائج انتخابات عام 2021 في العراق، من خلال تحويل الهزيمة الانتخابية "للإطار التنسيقي" إلى انتصار في تشكيل الحكومة، أصبح احتكار "الإطار التنسيقي" اللاحق لجميع فروع الحكومة العراقية أمراً غير مسبوق في تاريخ البلاد بعد عام 2003. ويحكم "الإطار التنسيقي" بسلطة مطلقة لم يشهدها العراق منذ أيام صدام حسين. فهو يسيطر على رئيس الوزراء - مدير القطاع العام المجتهد بل غير المؤثر، محمد شياع السوداني - الذي يتعرض لانتقادات علنية من حلفاء طهران في بغداد. وتتمثل القوى الحقيقية في ثلاثة أمراء حرب، يرتبط كل منهم ارتباطاً وثيقاً بإيران، على قمة "الإطار التنسيقي": قيس الخزعلي، الذي تصنفه الولايات المتحدة إرهابياً، وقائد ميليشيا "عصائب أهل الحق" التي أسستها إيران؛ ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي؛ وزعيم "منظمة بدر" التي أسستها إيران هادي العامري.
ويسيطر "الإطار التنسيقي" على رئاسة البرلمان وقائمتيه الأكثر صراحة وقوة، وهما "تحالف الفتح" و"ائتلاف دولة القانون". كما يسيطر "الإطار التنسيقي" على السلطة القضائية من خلال رئيس المحاكم الذي تتحكم به الميليشيات، القاضي فائق زيدان. ويتم اختراق القوات العسكرية التقليدية (الجيش، وجهاز مكافحة الإرهاب، والبحرية، والقوات الجوية) وأجهزة المخابرات بسرعة من قبل الجماعات الإرهابية والميليشيات المدعومة من إيران. إن "قوات الحشد الشعبي" التي يقودها الإرهابيون هي جيش موازٍ تم بناؤه على نموذج "الحرس الثوري الإيراني"، وهي بالتالي القوة المسلحة الأسرع نمواً في العراق. ويتم استبدال المسؤولين في الوزارات بناءً على أوامر الجماعات الإرهابية والميليشياوية بشكل يومي. ويتم تعيين المحافظين من خلال "الإطار التنسيقي"، بما في ذلك الإرهابيين سيئي السمعة المصنفين من قبل الولايات المتحدة على أنهم إرهابيون. ويُعد ذلك عملية مسح شامل لجميع مراكز السلطة في العراق، ربما باستثناء المرجعية الدينية لآية الله العظمى علي السيستاني، الذي أصبح متقدماً في السن والذي تواجه قاعدة سلطته تحدياً من الجماعات الإرهابية والميليشيات المدعومة من إيران.
للاطلاع على المعلومات الأساسية، قد يرغب القراء في استكشاف جميع القضايا المذكورة أعلاه بعمق في تقرير المؤلف الصادر في كانون الأول/ديسمبر 2023 في مجلة "سي تي سي سينتينيل" التابعة لـ "مركز ويست بوينت لمكافحة الإرهاب" بعنوان "التغيير الجديد للنظام في العراق: كيف استولت المنظمات والميليشيات الإرهابية المدعومة من طهران على الدولة العراقية". وفي عام 2020، أعد المؤلف دراسة تفصيلية للغاية عن "قوات الحشد الشعبي"، لا تزال مهمة إلى حد كبير ومحدثة حتى اليوم، بعنوان: "التكريم، وليس الاحتواء: مستقبل قوات الحشد الشعبي في العراق".
طيف الحكم الجهادي الشيعي في العراق
سيستعرض هذا التحليل القصير طيف مختلف الجهات الفاعلة الميليشياوية ويدرسه على أساس مشاركتها في الحكم والاستيلاء على الدولة. في شباط/فبراير 2021، اقترَحَ نموذج مؤثر طرحه معهد "تشاتام هاوس" إمكانية تصنيف الميليشيات العراقية على أنها "ضيقة الأفق" (ميليشيات تركز بشكل أساسي على الأنشطة السياسية والاقتصادية مثل "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق") أو "طليعية" (ميليشيات تركز بشكل أساسي على أنشطة المقاومة، مثل "كتائب حزب الله"، و"حركة حزب الله النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء").
وكما أشارت سلسلة "الأضواء الكاشفة للميليشيات" منذ فترة طويلة في مقال نشرته مجلة "سي تي سي سينتينيل" في تشرين الأول/أكتوبر 2021، تبدو هذه الفروق أقل وضوحاً بكثير عندما يتم التدقيق في الميليشيات المدعومة من طهران بصوة مفصلة. فمعظم الميليشيات التي تسمى بـ "الطليعية" تنشط بشكل كبير في الأعمال "الضيقة" المتمثلة في الاستيلاء على الدولة والتجريد من الأصول، بما في ذلك مختلف أجنحة "كتائب حزب الله". وفي المقابل، تكاد تنعدم الميليشيات "ضيقة الأفق" البحتة ضمن "الإطار التنسيقي". فكما أشار المؤلفون في مقالتهم الصادرة في مجلة "سي تي سي سينتينيل" في تشرين الأول/أكتوبر 2021، تعمل "عصائب أهل الحق" وحتى "منظمة بدر" في بعض الأحيان "كمحركة للتصعيد الخطابي والحركي نظراً لسياساتها الداخلية والفصائلية" كجهات تطلق على نفسها تسمية جهات المقاومة.
والأمر الأكثر فائدة هو التفكير في التمييز بين ضيق الأفق والطليعة كمقياس أو طيف متدرج. فمن ناحية، هناك إرهابيون وميليشيات أقل عبوراً للحدود الوطنية وذات أفق أكثر ضيقاً تركز بشدة على الحكم والاستيلاء على الدولة، بهدف أساسي هو تجريد الدولة من أصولها. وفي العراق، تشمل هذه الجماعات، الحركات الأكثر شراسة التي تشبه النمل الأبيض مثل "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق"، والتي تُعتبر الأكثر فهماً للأنشطة التجارية غير المشروعة. وفي لحظات الدراما القصوى، مثل حرب غزة الحالية، تصرح بأنها من الأعضاء المتحمسين في محور المقاومة، لكن تورطها في الإرهاب هو مع ذلك في الغالب غير حركي - حيث تعمل كميسّرة ومموّلة ومجنّدة ومحرّضة خطابياً.
ويضم الطرف الآخر من الطيف الجهات الفاعلة الإرهابية والميليشياوية الأكثر عبوراً للحدود الوطنية والأقل ضيقاً من حيث الأفق، التي لا تكترث كثيراً لما يحدث في العراق، باستثناء نجاح المشروع الشيعي. ويمكن أن تكون مشاركتها في الحكم محدودة للغاية، حيث أن "حركة النجباء" (على سبيل المثال) لا تشارك إلا بطرق بسيطة في وظائف الشركات والوزارات، وتركز بدلاً من ذلك على الأجزاء المتخصصة من "قوات الحشد الشعبي" واختراق أجهزة المخابرات.
ومن المثير للاهتمام أن "حزب الله" اللبناني وشركاءه العراقيين (مثل "كتائب الإمام علي") ضيقو الأفق للغاية في البيئة العراقية، حيث يركزون بالكامل تقريباً على الأعمال التجارية والاستيلاء على الدولة، وليس على الإطلاق على عمليات "المقاومة" المناهضة للولايات المتحدة. فالعراق هو بمثابة بقرة حلوب بالنسبة لأعضاء محور المقاومة اللبنانيين، مما يزعج في الكثير من الأحيان الفصائل العراقية مثل "منظمة بدر".
ويبدو أن "كتائب حزب الله" في العراق غير قادرة على حسم قرارها بشكل كامل، وقد انقسمت فعلياً إلى جناحين: جناح ضيق الأفق وجناح آخر طليعي، على الرغم من أن الاثنين لا يزالان مرتبطين بشكل وثيق. ويركز الجناح الأكثر ضيقاً من حيث الأفق، بقيادة أبو فدك، بشكل أساسي على السيطرة على "قوات الحشد الشعبي" (وميزانيتها السنوية البالغة 2.6 مليار دولار) وتطوير أعمال البناء والمقاولات المرتبطة بـ"قوات الحشد الشعبي". وكانت "شركة المهندس العامة" المخطط لها إحدى هذه الشركات التجارية، التي تم تأسيسها على نموذج تكتل "خاتم الأنبياء" التابع "للحرس الثوري الإيراني". ويتعاون أبو فدك وزعيم "منظمة بدر" هادي العامري بانتظام في المشاريع التجارية والتهرب الجمركي على الواردات وتحويل الدولار إلى إيران. وفي الوقت نفسه، تلعب مديريتا الاستخبارات والطائرات بدون طيار النخبويتان في "قوات الحشد الشعبي" التابعة لأبو فدك، دوراً مهماً في الهجمات الإرهابية على أهداف أمريكية وعربية خليجية. ويميل جناح "حقوق" البرلماني التابع لـ "كتائب حزب الله"، أيضاً نحو الأفق الضيق. وتجدر الإشارة إلى أن أحد مسؤولي الدعاية التابعين لـ "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" هو المستشار الإعلامي الأول لرئيس الوزراء السوداني.
أما الجناح الآخر من "كتائب حزب الله"، بقيادة أبو حسين، فلديه ميول طليعية أكثر وضوحاً، وقد نفذ العديد من الهجمات المناهضة للولايات المتحدة في العراق وسوريا والأردن قبل أزمة غزة وخاصة منذ اندلاعها. ويضم هذا الجناح أعضاء في مجلس النواب ويتركز في وحدات "قوات الحشد الشعبي"، خاصة في الأدوار الأمنية والاستخباراتية. وفي الحالات التي يشارك فيها جناح أبو حسين في الأنشطة الاقتصادية، تكون هذه الأنشطة مرتبطة إلى حد كبير بالتهريب، بما في ذلك صادرات النفط غير المشروعة والاحتيال العقاري.
العراق: البقرة الحلوب التي تغير قواعد اللعبة في شبكة التهديدات الإيرانية
إن الواقع المثير للقلق هو أن أعضاء محور المقاومة، أو "شبكة التهديد الإيرانية"، قد يشكلون تحدياً أكثر تعقيداً وتأثيراً بكثير من أي مجموعة أخرى من الجماعات الجهادية المنخرطة في الحكم اليوم، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الحجم الخام للموارد الخاضعة لسيطرتهم بما أنهم يسيطرون على خامس أكبر منتج للنفط في العالم. فبدلاً من إنشاء خلافات "بوتيمكينية" (وهمية) صغيرة ذات قدرة تمويلية ضئيلة، تخترق الجماعات المدعومة من إيران هياكل الدولة المعترف بها وتحركها، والتي لديها القدرة على الاقتراض من الأسواق الدولية، وبيع النفط والغاز (بالدولار)، والسيطرة على صناديق الثروة السيادية. وفي لبنان واليمن، تسيطر الشبكات الجهادية الشيعية على اقتصادات متعثرة للغاية، بينما تسيطر في إيران والعراق على منتجي الطاقة العالميين، الذين يتمتع كل منهم بإمكانات هائلة في مجالات التجارة والتصنيع.
إن السيطرة على العراق، على وجه الخصوص، هي عامل قد يغير قواعد اللعبة بالنسبة لشبكة التهديد الإيرانية. وتؤدي سيطرة المقاومة على الحكومة العراقية، من دون حتى تقاسم نظري للغنائم مع مقتدى الصدر، إلى وضع الميليشيات العراقية في تحالف خاص بها باعتبارها القوة الاقتصادية للقوات الشريكة لإيران. فوكيل إيران الناشط منذ فترة طويلة، "حزب الله" اللبناني، والشريك اليمني الجديد لإيران، حركة "الحوثيين"، هما جهتان اقتصاديتان صغيرتان مقارنةً بالدولة العراقية. وتُعد الميزانية الأولى للحكومة التي يقودها "الإطار التنسيقي" هي الأكبر في تاريخ العراق: 153 مليار دولار من الإنفاق السنوي لمدة ثلاث سنوات متتالية، أي بزيادة قدرها 50 في المائة تقريباً عن آخر ميزانية عراقية معتمدة منذ عام 2021. وفي المقابل، كان الإنفاق المتوقع من لبنان المفلس أقل من ملياري دولار في عام 2022، وغرقت البلاد في ديون إضافية بقيمة 72 مليار دولار بسبب الخسائر المالية الهائلة التي تكبدتها منذ عام 2021. كما أن ميزانية جيب "الحوثيين" في اليمن ضئيلة، حيث تبلغ حوالي ملياري دولار سنوياً.
إن ما اكتسبته شبكة التهديد الإيرانية للتو هو، في الواقع، إيران جديدة، لكن غير خاضعة للعقوبات الأمريكية. وبالنسبة لمحللي مكافحة الإرهاب، تترتب عدة تداعيات عن الخسارة الفعلية للدولة العراقية أمام الجماعات والميليشيات الإرهابية المدعومة من طهران بدرجة غير مسبوقة، لا سيما في مجالات تمويل التهديدات المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وبشكل عام، يجب تعزيز الموارد الاستخباراتية المخصصة لتمويل مكافحة التهديدات في العراق بشكل كبير نظراً للزيادة الكبيرة في الأموال التي قد تكون متاحة لمحور المقاومة بما أن الكتلة التي تقودها إيران ورثت سيطرة غير متنازع عليها على برنامج ممتد على ثلاث سنوات بقيمة 459 مليار دولار من الإنفاق الحكومي المعتمد. ففي السنة الأولى فقط، قام العراق الذي يديره الإرهابيون بتعيين أكثر من 700 ألف موظف مدني، وهو مستوى من السخاء لم يكن متاحاً في أي مرحلة من المراحل لتنظيمي "القاعدة" أو "الدولة الإسلامية".
يجب إجراء تحقيق شامل في أي شركة عراقية كبرى تعمل في قطاع رئيسي (مثل صادرات النفط) حصلت على عقود كبيرة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2022، خاصة إذا لم يكن لديها في السابق سجل حافل في القطاع الذي حصلت فيه على عمل من قبل حكومة السوداني. ويتطلب تهريب النفط الذي يبدأ في المناطق البحرية في البصرة أو يمر عبرها مراقبة وثيقة للغاية من قبل الولايات المتحدة، بما أن الحكومة العراقية لم تعد تؤدي فعلياً دور المراقِب (كما سبقت الإشارة). ولا بد من إجراء تحقيق وثيق في حالة شركة ناقلات النفط العراقية، والشركة العامة لموانئ العراق، وجميع الشركات العاملة في مجال التكرير ونقل النفط وإدارة السفن والنقل من سفينة إلى سفينة في المياه العراقية.
ويتمثل مجال تركيز آخر ضروري بمشروع بناء تكتل على طراز "خاتم الأنبياء"، ربما على شكل أجزاء في البداية، مع بذل جهود لإخفاء وجوده بشكل أفضل. ويجب أن تتم مراقبة تأسيس الشركات الكبرى (خاصة عندما يتعلق الأمر بـ"قوات الحشد الشعبي")، وتراخيص الاستثمار، ومنح الأراضي، عن كثب من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، وهيئات مراقبة مكافحة الفساد والإرهاب، والصحفيين المواطنين. على وجه الخصوص، ينبغي إيلاء اهتمام كبير لتطوير المجمعات المملوكة لـ"قوات الحشد الشعبي" أو الميليشيات بالقرب من الحدود العراقية، مقابل المملكة العربية السعودية، أو في غرب الأنبار، أو في أي منطقة أخرى، والتي ربما تعمل كمناطق تجارة حرة كبيرة أو مواقع إعادة شحن لوجستية ولكنها مثالية للاستخدام المزدوج كمواقع متقدمة لتخزين الذخائر التقليدية وإطلاقها.
يجب أن يتم التدقيق في مشاركة الأجهزة الحكومية العراقية بعناية أكبر نظراً للاختراق الاستثنائي والمتسارع لهذه الوكالات من قبل المنظمات الإرهابية المصنفة من قِبل الولايات المتحدة، ومنتهكي حقوق الإنسان المصنفين من قِبل الولايات المتحدة، والجهات الفاعلة الفاسدة المصنفة من قِبل الولايات المتحدة. والأمر الأكثر أهمية هو ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام للقضاء. ينبغي على المحللين تركيز المزيد من الجهود على فائق زيدان وغيره من القضاة الكبار والمتوسطي المستوى، انطلاقاً من فرضية ذكية مفادها أن قائد "كتائب حزب الله" الراحل أبو مهدي المهندس ربما لم يزرع بذرة واحدة فقط في القضاء (زيدان) بل عدة بذور. ومن الضروري أيضاً إعادة تقييم المساعدة الأمنية الأمريكية لقوات الأمن العراقية في ضوء التغلغل الجديد والمهم للمقاومة في وكالات مثل "جهاز المخابرات الوطني" العراقي، و"جهاز مكافحة الإرهاب"، و"مطار بغداد الدولي".
الحكم الجهادي في العراق وتنافس القوى العظمى
يمكن أن يشمل الحكم الجهادي أيضاً السياسة الخارجية. ومن منظور المنافسة بين القوى العظمى، ينبغي أن يكون خضوع العراق لسيطرة القوى المناهضة للولايات المتحدة قضية ذات أهمية كبيرة واهتمام متزايد. فزعيم المقاومة الأكثر صراحةً في مناهضته للولايات المتحدة في العراق، أكرم الكعبي، أصبح زائراً مرحباً به في موسكو منذ عام 2022، وسرعان ما ازدهرت العلاقة بين المقاومة العراقية وروسيا بعد أن دعمت المقاومة بقوة غزو أوكرانيا. وقد عملت السفارة الروسية في بغداد باستمرار على تعميق هذه العلاقة، خاصة منذ بدء أزمة غزة، مما يوفر فرصاً لاستغلال الغضب العراقي لإضعاف "القوة الناعمة" الأمريكية في المجتمع العراقي. ويشكل دور المقاومة العراقية في دعم العمليات المناهضة للولايات المتحدة في سوريا نقطة أولية واضحة للتعاون، وقد ترافق هجوم واحد ناجح على الأقل مناهض للولايات المتحدة في سوريا، عن مقتل أمريكي في منطقة هبوط الطائرات في الرميلان في آذار/مارس 2023، مع تلميحات لدعم روسي لـ "عملية مقابلة" فتاكة انتقاماً من الولايات المتحدة على خلفية تقديمها دعماً فتاكاً لأوكرانيا.
وحققت الصين أيضاً، والتي هي أكثر تركيزاً على الثمار الاقتصادية، إنجازات مهمة مع فصائل المقاومة، حيث حصلت على دعمها للمشاريع الفرعية التابعة لـ "مبادرة الحزام والطريق" الصينية في العراق، ولقروض النفط مقابل البنية التحتية الصينية، والوصول الصيني التفضيلي، والفاسد في الكثير من الأحيان، إلى عقود الطاقة. ينبغي مراقبة مبادرة "طريق التنمية"، ومشاريع الموانئ والسكك الحديدية، بالإضافة إلى أي مدفوعات رقمية، وإدارة براميل النفط، وأنظمة تتبع السفن البحرية عن كثب، باعتبارها وسائل لنقل الدعم الصيني للشركات التابعة لـ "منظمة بدر" و"عصائب أهل الحق"، مع إمكانات كبيرة لتمويل التهديدات.