- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3535
التأكيد على التزامات الولايات المتحدة في الخارج: النظرة من "مجلس سوريا الديمقراطية"
يرحب "مجلس سوريا الديمقراطية" بالدعم الأمريكي المستمر لـ "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا". وعلى الرغم من المقارنات المحبّذة مع الوضع في أفغانستان، إلا أن إدارة بايدن أشارت إلى أنها لن تنسحب من شمال شرق سوريا في المستقبل القريب. محادثة مع رئيسة "اللجنة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية" إلهام أحمد واثنين من خبراء معهد واشنطن حول دور الولايات المتحدة في شمال شرق سوريا، ومفهوم التهديد الكردي، وتأثير الانسحاب من أفغانستان، وغير ذلك.
"في 27 أيلول/سبتمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع إلهام أحمد وأندرو تابلر وديفيد بولوك. وأحمد هي رئيسة "اللجنة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية"، الهيئة الحاكمة لـ "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا". وتابلر هو "زميل مارتن ج. غروس" في "برنامج غيدولد للسياسة العربية" التابع للمعهد. وبولوك هو "زميل برنشتاين" في المعهد ومدير "مشروع فكرة". وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
إلهام أحمد
يسعى "مجلس سوريا الديمقراطية" إلى التوصل إلى حل سياسي دائم للصراع الدائر في سوريا، من خلال الدعوة إلى حوار داخلي، والوصول في النهاية إلى اللامركزية السياسية والثقافية التي تحترم التنوع في البلاد وتدعم التنمية الاقتصادية. وتحقيقاً لهذا الهدف، يُعتبر الدعم المستمر من شريكتنا الولايات المتحدة أمراً بالغ الأهمية. فـ "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" تواجه العديد من العوائق، بما فيها انعدام الأمن والفقر والتدخل الخارجي والإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، تعثرت عملية السلام في جنيف وهو الأمر بالنسبة للعملية الدستورية. بإمكان الولايات المتحدة المساهمة في التخفيف من وطأة هذه المشاكل في ظل سعيها إلى أن تصبح سوريا دولة أكثر استقراراً وخالية من الاستبداد، والنزاعات بالوكالة، والإرهاب.
ومما يثير القلق بشكل خاص على الصعيد المحلي هي التحديات القائمة على غرار تراجع قيمة العملة، والحصار، والمعابر الحدودية المغلقة، والبنية التحتية السيئة للموارد الطبيعية، والعلاقات المتوترة مع نظام الأسد. فقد رفض النظام محاولات التوصل إلى حلول ولا يزال يعارض قبول اللامركزية. وحتى أنه اعتقل أكراداً سورييين بسبب هويتهم فقط. ومع ذلك، فإن "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" منفتحة على التوصل إلى حل مع النظام.
ومن التحديات الأخرى الماثلة هي الاقتتال السياسي بين الفصائل الكردية، بما في ذلك مع «إقليم كردستان العراق». ففي نهاية المطاف، تشكّل هذه الفصائل قضية كردية موحدة بل متنوعة، ولا بدّ من حل مشاكلها الداخلية عبر الحوار. ومع ذلك، لا يجب السماح للخلافات الكردية بأن تؤخر إجراء الانتخابات المقبلة لـ "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، لأن ذلك سيحرم العرب والآشوريين وغيرهم من الذين يعيشون في شمال شرق سوريا من فرصة الإدلاء بأصواتهم.
وتطرح عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» تهديداً آخر لشمال شرق سوريا، وسائر أرجاء العالم. فالفقر المنتشر محلياً سيساعد بلا شك جهود التجنيد التي يقوم بها التنظيم. وبالمثل، تنتشر الإيديولوجيات المتطرفة أكثر فأكثر في السجون التي تضم مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» وفي المخيمات التي تأوي عائلاتهم. وتفتقر "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" إلى البنية التحتية لضمان أمن هذه المواقع بشكل مناسب، كما أن المجتمع الدولي عارض [حتى الآن] إعادة هؤلاء الأفراد إلى أوطانهم رغم زيادة عدد سكان المخيمات بسبب معدلات الولادة. على الدول المعنية - ولا سيما العراق - تكثيف جهودها لإعادة مواطنيها ودمجهم من جديد من أجل تخفيف العبء الذي يُثقل كاهل "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا".
ومن المشاكل الأخرى الأساسية هي العداء تجاه تركيا في سوريا. وتحتل تركيا حالياً عدة أجزاء من البلاد، وتقوم بتشريد سكان عفرين وتل أبيض، وتعمل ضد الأكراد تحت غطاء "مكافحة الإرهاب". كما أن استخدامها للطائرات بدون طيار في سوريا هو انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار مع روسيا والولايات المتحدة وأدى إلى سقوط ضحايا في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» ("قسد").
ومع ذلك، لا تكنّ "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" العداء لتركيا. ومن أجل تحقيق السلام مع الدول المجاورة، فإنّ "مجلس سوريا الديمقراطية" على استعداد للدخول في حوار مع أنقرة، ربما تحت إشراف الولايات المتحدة. يجب أن تتناول هذه المحادثات الاحتلال التركي للأراضي السورية، كما يجب السماح للأفراد المشردين بالعودة إلى ديارهم في المناطق المحتلة حالياً. يجب على أنقرة أيضاً الدخول في حوار مع الأكراد الأتراك، الذين يعانون من السياسات العنصرية وسجن مسؤوليهم المنتخبين.
وفي سياق متصل، لا يحظى «حزب العمال الكردستاني»، الذي تعتبره أنقرة جماعة إرهابية، بأي تمثيل في "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا". وعلى الرغم من أن "مجلس سوريا الديمقراطية" ممتن لـ «حزب العمال الكردستاني» لجهوده في مكافحة الإرهاب في سنجار، وكركوك، وإأربيل، وغيرها من المناطق، إلا أن "الإدارة الذاتية" لا تضم أي عناصر من «حزب العمال الكردستاني».
كما يجب التصدي لتدخل روسيا وإيران وإسرائيل في النزاع السوري. وقد طلب "مجلس سوريا الديمقراطية" من روسيا أن تعمل كضامن لمحادثات مستقبلية محتملة مع نظام الأسد، وقد أعربت موسكو عن اهتمامها بذلك. يجب أن تبذل المزيد من الجهات الفاعلة قصارى جهودها لإنهاء الحرب، مع الاعتراف بأن التدخل الخارجي قد يتراجع إذا أمكن التوصل إلى اتفاق مع النظام. وفي النهاية، يجب أن يكون الحوار السوري شأناً داخلياً، ولا يجدر استغلال البلاد كمسرح للنزاعات بالوكالة بين القوى الإقليمية والعالمية.
وأخيراً، يرحب "مجلس سوريا الديمقراطية" بالدعم الأمريكي المستمر لـ "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا". وعلى الرغم من المقارنات المحبّذة مع الوضع في أفغانستان، إلا أن إدارة بايدن أشارت إلى أنها لن تنسحب من شمال شرق سوريا في المستقبل القريب. وفيما يتخطى الدعم العسكري ودور الوساطة المحتمل، فستساهم واشنطن أيضاً في مجالات البنية التحتية والمبادرات المدنية لمكافحة الإرهاب. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تعفي شمال شرق سوريا من العقوبات للمساعدة على تعزيز الاقتصاد في المنطقة. وبشكل عام، يقدّر "مجلس سوريا الديمقراطية" شراكته مع الولايات المتحدة إلى حدّ كبير ويترقب المزيد من الدعم الأمريكي.
أندرو تابلر
كان "مجلس سوريا الديمقراطية" حليفاً أساسياً للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب. كما يجب الإشادة به لنجاحه النسبي في حكم منطقة تسكنها فئات متنوعة من الناس. وقد صمد "المجلس" حتى الآن إلى حد كبير أمام التوقعات الدولية الكئيبة بالانهيار التي أعقبت الانسحاب الجزئي للقوات الأمريكية في عام 2019.
وخلال الفترة القادمة، من شأن مصادر الإيرادات المستقرة أن تعزز قدرة "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا" على المساومة داخل سوريا. يُذكر أن بعض الأحداث التي حصلت في الآونة الأخيرة - بما فيها إغلاق المعابر الحدودية وإلغاء رخصة النفط المحلية لشركة "دلتا كريسنت إنيرجي" - تنبئ بمشاكل في هذا المجال. ومع ذلك، لا تعتزم الولايات المتحدة مغادرة شمال شرق سوريا في المستقبل القريب، خاصة بعد أن أكّد مجدداً الانسحاب سيئ التخطيط من أفغانستان أن مثل هذه الخطوات لا تعود بالفائدة على الولايات المتحدة أو حلفائها. وعلى نحو أوسع، يجب أن تنتهي الحرب بطريقة تعزّز الحلول المستدامة وتسفر عن هزيمة ساحقة للمتطرفين.
ديفيد بولوك
تلعب تركيا دوراً مهماً بشكل خاص في الرواية السورية. فلأنشطتها العسكرية في الشمال تداعيات خطيرة على "مجلس سوريا الديمقراطية"، والأكراد السوريين، و"الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا"، وسوريا بشكل واضح. وعلى الرغم من سجل التعاون مع أكراد سوريا قبل عام 2015، إلا أن الغزو والاحتلال الذي أقدمت عليهما تركيا في الآونة الأخيرة سيفاقمان أي جهود لإحياء التعاون. ومن بين الأسئلة الذي تطرح نفسها هنا، هل سيكون "مجلس سوريا الديمقراطية" على استعداد للتصالح مع أنقرة؟ وهل يمكن للولايات المتحدة أن ترعى مثل هذا التقارب؟ هل تستطيع روسيا القيام بذلك؟
وحتى الآن، لم تحقق واشنطن سوى نجاحاً متواضعاً في موازنة المصالح المتضاربة لتركيا - حليفتها في منظمة "الناتو" - من جهة وشركائها الأكراد السوريين من جهة أخرى. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى إيجاد مثل هذا التوازن ستبقى بالتأكيد عاملاً مهماً في المرحلة القادمة.