التداخل بين "المقاومة الإسلامية في العراق" و"قوات الحشد الشعبي"
نعت "المقاومة الإسلامية في العراق" فقدان أفراد من "قوات الحشد الشعبي" الذين يتقاضون رواتبهم من الحكومة وكانوا قد قُتلوا أثناء تحضيرهم للقيام بهجوم إرهابي على مستشارين دوليين.
في 3 كانون الأول/ديسمبر، تسببت غارة جوية أمريكية في كركوك في مقتل خمسة أعضاء من ميليشيا "حركة حزب الله النجباء" المدعومة من إيران، بينما كانوا يستعدون لإطلاق طائرة مسيّرة هجومية في اتجاه واحد. ونعت وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ "حزب الله النجباء" على الفور المقاتلين القتلى دون الإشارة إلى أنهم أعضاء في "قوات الحشد الشعبي"، وهي منظمة المظلة الرسمية للميليشيا التي تمولها الحكومة العراقية وتقودها بشكل علني. ويتمثل مسار العمل المعتاد لوكلاء إيران في هذا النوع من الحوادث في الاختباء تحت مظلة القوى الوطنية العراقية الشرعية، وبالتالي خلق الارتباك وتجنب العواقب المحتملة. إلّا أن ذلك كان مختلفاً هذه المرة.
فبعد فترة وجيزة من الضربة الأمريكية، حددت "صابرين نيوز" ومنصات أخرى مقرّبة من "حركة حزب الله النجباء" هوية العناصر المقتولين كجزء من التسمية لـ "المقاومة الإسلامية في العراق" وادّعت أنهم قُتلوا أثناء قيامهم بواجبهم (الشكل 1). وتلا ذلك بيان رسمي "للمقاومة الإسلامية في العراق" جاء فيه: "بمزيد من الفخر والاعتزاز، تزف المقاومة الإسلامية في العراق كوكبة من خمسة شهداء، ليلتحقوا بقافلة النور (فرحين بما ءآتهم الله من فضلِه)، الذين ارتقوا في معركة الحق ضد الباطل المتجسد بقوات الاحتلال الأمريكي في العراق. وفي الوقت الذي تؤكد فيه المقاومة ثباتها واستمرارها في مواجهة الأعداء، تتوعّد قواتهم المحتلة للبلاد بالمزيد من الضربات الموجعة حتى إخراجها مذلولة مدحورة من أرض المقدسات (فقتلوا أولياء الشيطن إن كيد الشيطن كان ضعيفاً" (الشمل 2).
وفي 4 كانون الأول/ديسمبر، تم دفن المقاتلين الخمسة في النجف بعد مراسم تشييع في بغداد. وكانت نعوشهم مغطاة بعلم "حزب الله النجباء"، وليس العلم العراقي أو علم "قوات الحشد الشعبي". ومن المفترض أنه قد تم القيام بذلك لفصلهم عن المظلة الأوسع نطاقاً لـ "قوات الحشد الشعبي"، والإشارة إلى أنهم لم يكونوا جزءاً من أي وكالة أمنية عراقية رسمية (الشكل 3). وبالمثل، زعمت "قناة النجباء" أن المقاتلين هم جزءاً من "المقاومة" وتجنبت ذكر "قوات الحشد الشعبي". على سبيل المثال أعلنت القناة أنه "بمشاركة حضور كبير، تشيّع المقاومة شهداء العدوان الأمريكي في كركوك".
لكن، وفي نهج متناقض، حددت منصات "المقاومة" الأخرى المقاتلين على أنهم أعضاء في "قوات الحشد الشعبي"، وادعت أنهم قُتلوا أثناء أداء واجباتهم لصالح وكالة أمنية عراقية شرعية. وفي 4 كانون الأول/ديسمبر، أفادت "قناة الغدير" التابعة لـ "منظمة بدر" المدعومة من إيران ما يلي: "5 شهداء ضحية العدوان الأمريكي على أبناء الحشد الشعبي في كركوك. الاحتلال الأمريكي يواصل السيادة العراقية ويستهدف كوكبة من أبناء الحشد" (الشكل 4). وقدمت "قناة العهد"، التابعة لميليشيا "عصائب أهل الحق"، ادعاءات مماثلة: "غارة جوية وحشية. أمريكا تكرر عدوانها على قوات الحشد الشعبي... انتهاك السيادة العراقية جريمة لا تغتفر".
بمعنى آخر، لا تزال "المقاومة" غير قادرة على اتخاذ قرار: هل هي جبهة منضبطة تستخدم تكتيكات الواجهة لطمس المساءلة، أم أنها مجموعة من الفصائل المتنافسة تحاول التفوق على بعضها البعض والفوز بلقب جماعة المقاومة "الحقيقية"؟ لقد أتاحت الغارة الجوية على كركوك فرصة لـ "حركة حزب الله النجباء" للإعلان عن عملها بمفردها دون أن تكون جزءاً من التسمية الشاملة "للمقاومة الإسلامية في العراق". وتضمَّن هذا الجهد تغطية توابيت مشغّليها بعلم "حزب الله النجباء" واستخدام منصات التواصل الاجتماعي للترويج لدورهم وانتمائهم. ومع ذلك، فقد خلقت مثل هذه التكتيكات أيضاً سلسلة من الأدلة التي تثبت وجود صلة بين "حركة حزب الله النجباء" المصنفة على لائحة الإرهاب الأمريكية، و"قوات الحشد الشعبي" التي تموّلها الدولة العراقية، وآلية "المقاومة الإسلامية في العراق" التي تتبنّى الهجوم.