- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3399
أمريكا تصوّت والشرق الأوسط يتفاعل: آراءٌ حول الانتخابات الأمريكية من مختلف أنحاء المنطقة
آراء خبراء من الخليج ومصر وتركيا وإسرائيل حول نتائج التصويت للانتخابات الأمريكية ومناقشتهم للعوامل التي قد تساعد الإدارة المقبلة أو تعرقلها.
"في 5 تشرين الثاني/نوفمبر، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي مع عبد الرحمن الراشد، ومحمد أنور السادات، وأسلي أيدنتاسباس، وديفيد هوروفيتس. والراشد هو رئيس هيئة تحرير قناة العربية والمدير العام السابق لقناتها الإخبارية. والسادات هو عضو سابق في مجلس النواب المصري ورئيس "حزب الإصلاح والتنمية". وأيدنتاسباس هي زميلة أقدم في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" وكاتبة عمود سابقة في صحيفة ميلييت التركية. وهوروفيتس هو المحرر المؤسس لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ورئيس التحرير السابق لصحيفتي "جيروساليم بوست" و"جيروساليم ريبورت". وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم".
عبد الرحمن الراشد
الخبر السار هو أن جو بايدن ملمٌّ بالشرق الأوسط إلماماً يفوق على الأرجح أي رئيس أمريكي تعاقب على السلطة منذ جورج بوش الأب. ومن غير المرجح أن تنحرف إدارة بايدن كثيراً عن مسار السياسات الأمريكية التقليدية في المنطقة.
في الخليج، نظراً للقواسم المشتركة الثابتة بين المصالح الأمريكية والسعودية - الأمن والطاقة وإيران وما إلى ذلك - من المرجح أن يرسي بايدن والرياض علاقات جيدة، فهذا ما كان عليه الحال مع جميع الرؤساء الأمريكيين السابقين، حتى أولئك الذين كان من المتوقع أن يغتاظوا من القادة السعوديين. وبذلك، فإن هذه المصالح المشتركة تجعل من الانسحاب الأمريكي الكامل من المنطقة أمراً غير مرجح، على الرغم من الكلام المتداول عن إنهاء "الحروب التي لا نهاية لها".
وفيما يتعلق بإيران، من المرجح أن يواصل بايدن النهج الحالي للرئيس ترامب باستخدام عقوبات صارمة للبحث عن حلٍّ سياسي. وقد يرى القادة الإيرانيون أن بايدن هو أملهم الوحيد في تحقيق السلام والازدهار في المستقبل القريب، وبالتالي فقد يقررون تقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق جديد.
ومن ناحية التقدم الذي أُحرز مؤخراً في العلاقات العربية الإسرائيلية، أظهر بايدن دعمه لاتفاقيات التطبيع المبرمة مع الإمارات والبحرين والسودان. وإذا بذلت الأطراف الفاعلة الإقليمية مجهوداً كافياً، فقد تتمكن من الاستفادة من هذا التقدم لوضع اتفاق أكثر شمولاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين يتجاوز إطار الاتفاقيات الثنائية.
أما بالنسبة للدعوات داخل الحزب الديمقراطي للضغط بشكل أكبر في قضايا حقوق الإنسان في المنطقة، يبقى الواقع أن هذه القضايا سببت التوتر بين دول الخليج والرؤساء الأمريكيين في الماضي، ليتوصلا في نهاية المطاف إلى تفاهمات بهذا الشأن. ولا تخطط السعودية ودول أخرى التورط في تعقيدات السياسة الداخلية الأمريكية، بما في ذلك نفوذ الأعضاء التقدميين في الحزب الديمقراطي، بل ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على روابط وثيقة مع البيت الأبيض كما فعلت في الماضي.
محمد انور السادات
يتابع المصريون هذه الانتخابات عن كثب. وبينما قد تفضل الحكومة المصرية رئاسة ترامب، إلا أن الشعب بمعظمه يعلّق آمالاً كبيرة على بايدن. وصحيحٌ أن بعض الناس يربطون إدارة أوباما، وبالتالي إدارة بايدن، بالإسلام السياسي، إلا أن الكثير من المصريين يأملون في أن يركز الرئيس المنتخب بشكلٍ أكبر على الجهود الأكثر أهمية المتمثلة بتعزيز حقوق الإنسان والديمقراطية في الشرق الأوسط.
ويدرك المصريون أن الولايات المتحدة تعاني من انقسامٍ حاد، ولكنهم يريدون أن تعود واشنطن إلى الساحة العالمية وتطالب بتحقيق قيم العدالة والمساواة والديمقراطية التي تؤمن بها. ويحتاج العالم إلى قائدٍ يتولى مجدداً قيادة المعزوفة العالمية، وبوسع الولايات المتحدة أن تعمل كقوة موازنة فعالة ضد الجهات الفاعلة الأخرى الأكثر إشكاليةً. كما أن العالم بحاجة إلى أن تواجه القيادة الأمريكية التحديات المختلفة كالاحتباس الحراري وجائحة فيروس كورونا. وفي هذه المنطقة على وجه التحديد، تُعد مشاركة الولايات المتحدة أمراً بالغ الأهمية.
ومع ذلك، سيواجه الرئيس الأمريكي المقبل العديد من التحديات الكبيرة. وتُعتبر اتفاقيات التطبيع بين العرب وإسرائيل خطوةً إيجابية، لكن بعض المصريين يخشون من أنها ستؤدي إلى "سلام بارد" يشبه ما شهدوه بعد معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل. إن المنطقة بحاجة إلى اتفاق أوسع نطاقاً وأكثر شمولاً بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبالنظر إلى ما ستكون عليه رئاسة بايدن، فإن الكثير من الأمور ستتغير في خطاب الحكومة المصرية ونهجها، حيث ستبذل المزيد من الجهود للالتزام بمعايير حقوق الإنسان، ليس بسبب بايدن فحسب، ولكن أيضاً لأن الكونغرس الأمريكي سيضغط على مصر لتحقيق تلك الخطوات. وعلى المدى المتوسط، من المرجح أن يحافظ البلدان على علاقة جيدة وقوية.
أسلي أيدنتاسباس
لدى بايدن سجلٌ حافل في تركيا. فعندما بدأت علاقة الرئيس أوباما مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في التدهور، أصبح نائب الرئيس بايدن المسوؤل الأول عن التواصل مع الرئيس التركي. ومع ذلك، كان ترامب هو الخيار الأول لأنقرة في هذه الانتخابات، كونه حافظ على علاقات شخصية طيبة مع أردوغان، وسمح لتركيا بالمضي قدماً في أجندتها التوسعية من خلال سحب القوات الأمريكية من سوريا، والتزم الصمت نسبياً بشأن القضايا في شرق البحر المتوسط وليبيا.
ولكن بصورة عامة، أصبحت المواقف بين أنقرة وواشنطن عدائيةً. ومن المحتمل أن يرحب القادة الأتراك بتراجع الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط، لأنهم يرون أن خروج الولايات المتحدة سيُحدث فراغاً يمكنهم ملؤه بأنفسهم. لكن قد يتبين في النهاية أن هذا الرأي قصير النظر. فالأكثر ترجيحاً هو أن يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى إحداث فوضى متزايدة واضمحلال لحكم القانون في الشرق الأوسط حيث ستفتح التصدعات السياسية المجال أمام تأجج الصراعات وانعدام الاستقرار، الأمر الذي من شأنه أن يضر بتركيا في النهاية.
وفي المقابل، قد يكون من المفيد لتركيا أن تجدد أمريكا تركيزها على حقوق الإنسان، لأن مثل هذا الضغط سهّل التنمية الداخلية للبلاد في الماضي. ولكن العالم مختلفٌ الآن، فقد تنامت المشاعر المعادية لأمريكا بشكل كبير في أنقرة، وسيكون من الصعب على بايدن تحقيق تقدّم كبير فيما يخص المطالب المتعلقة بحقوق الإنسان في تركيا.
وفي الوقت نفسه، قد تفضل الحكومة التركية فعلياً التعرض لعقوبات خفيفة من إدارة ترامب بسبب شرائها منظومة الصواريخ "أس-400" من روسيا، لأن مثل هذه العقوبات قد تكون أكثر شدّة إذا تُرك قرار فرضها بيد بايدن. وثمة احتمالٌ أكبر أيضاً في أن يفكر أردوغان بالانخراط في النزاع بين أذربيجان وأرمينيا في فترة ترامب أكثر منه في عهد بايدن. ومع ذلك، كانت أنقرة شديدة الحذر في عدم الحديث عن الانتخابات الأمريكية أو التورط فيها.
ديفيد هوروفيتس
كما هو الحال في البلدان الأخرى، كان الإسرائيليون يراقبون الانتخابات عن كثب. فقد اتخذ الرئيس ترامب بعض الخطوات الشعبية حيال إسرائيل كنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتطبيق حملة "الضغط الأقصى" على إيران. ويعتقد اليهود الإسرائيليون إلى حد كبير أن ترامب مفيدٌ لبلدهم.
ولكن الإسرائيليين كانوا ينتقدون بشدة موقف الرئيس أوباما من إسرائيل ومقاربته التي اعتبروها نهجاً مهووساً تجاه مستوطنات الضفة الغربية. وهم اليوم يعتقدون أن بايدن سيكون أقل تركيزاً على هذه القضية، ويتوقعون علاقة وديةً وإيجابية بين البيت الأبيض والقدس.
ونظراً لأن نتائج الانتخابات الأمريكية كانت قريبةً جداً من التعادل، فمن المحتمل ألا تكون هذه اللحظة نقطة تحوّل كبيرة للحزب الديمقراطي عندما يتعلق الأمر بإسرائيل. وبالنظر إلى العديد من القضايا الأخرى التي تندرج على الأجندة العالمية والمحلية وتستدعي الاهتمام، فمن المفترض ألا يكون بايدن متشوقاً لبدء معركة مريرة مع إسرائيل، بالصورة التي كان فيها أوباما على استعداد للقيام بذلك. وقد يكون بايدن الدقيق والبراغماتي، والذي لا يتفاءل بشكل مفرط بشأن إمكانية تحقيق تقدم مفاجئ مع الفلسطينيين أو يكون ساذجاً لا يدرك مدى تعنتهم، مناسباً جداً لمستقبل العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية وحل الدولتين.
وفي الوقت الحالي، حاولت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشكل عام التزام الصمت بشأن إمكانية وصول بايدن إلى سدة الرئاسة. فقد منع نتنياهو جميع وزرائه من الإدلاء بأي تصريح عن الانتخابات، ويعود ذلك جزئياً إلى الرغبة في تجنب تأجيج الانتقادات بأنه حوّل إسرائيل إلى قضية حزبية داخل الولايات المتحدة. ونظراً للانقسامات الداخلية التي تشهدها إسرائيل بالفعل حول نتنياهو، ومع تزايد الانتقادات من اليمين، لا بد لنتنياهو من إيجاد حل وسط مناسب.
أعد هذا الملخص أوستن كورونا.