- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
بيان سعودي جديد حول مقتل خاشقجي: الاستجابة في مجال السياسات
في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، أصدرت النيابة العامة السعودية بيانها الأخير بشأن مقتل الصحفي - الذي كان يعيش في منفى [اختياري] - جمال خاشقجي، معلنة أنها وجهت التهم إلى 11 شخصاً، منهم خمسة أشخاص "هم من أمر وباشر بالقتل"، في قضية اغتيال خاشقجي وأن [هؤلاء] الخمسة يواجهون عقوبة الموت المحتملة. وهناك عشرة آخرون محتجزين لإجراء المزيد من التحقيق معهم.
عند تحديد الكيفية التي ينبغي على صناع السياسة الرد على هذا البيان، من المرجح أن يلجأوا إلى اختبارين:
1. هل التفسير السعودي مقنع؟ يشكل ذلك مثار قلق على وجه الخصوص فيما يتعلق بالرأي العام في الدول التي تزوّد المملكة بالأسلحة - خاصة الولايات المتحدة، حيث يلعب الكونغرس دوراً رئيسياً في الموافقة على صفقات الأسلحة.
2. هل هو مقبول؟ لا يزال هذا الاختبار يشكل مصدر قلق للعديد من حلفاء الولايات المتحدة الذين أصيبوا بالرعب من الحادث. إلا أن صناع السياسة يدركون الحاجة إلى الحفاظ أيضاً على علاقات عمل مع الرياض من أجل مراعاة أسعار النفط وبقاؤها مستقرة وتجنب الإخلال بالاقتصاد العالمي.
ويكرر بيان الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر إلى حد كبير السيناريو الرئيسي للرياض، ومفاده: أن جريمة القتل التي وقعت في القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر كانت عملية مارقة، وأن ولي العهد محمد بن سلمان لم يتورّط فيها بأي شكل من الأشكال. بيد، يبقى هذا الادعاء محل شك نظراً لقرب الأمير من بعض المشتبه بهم، بمن فيهم [المستشار بالديوان الملكي السعودي] والمساعد لشؤون الإعلام، سعود القحطاني، الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات منذ وقوع أزمة خاشقجي، ومُنِع من مغادرة المملكة.
وتُثير الكثير من تفاصيل البيان سذاجة [أو أنها ادعاءات غير معقولة] أيضاً. ففي الشهر الماضي، على سبيل المثال، صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن جثة خاشقجي تُركت سليمة، ملفوفة في سجادة، وتم إعطاؤها إلى مقاول تركي للتخلص منها، دون ذكر اسم هذا الأخير. ورداً على ذلك، طلبت الحكومة التركية اسم ذلك المقاول، ولكن دون جدوى. ويعترف البيان السعودي الجديد بأنه قد تم تجزئة جثة خاشقجي، واستمر في الادعاء بأنه [في أعقاب تقطيع الجثة] تم تسليم أجزائها إلى "متعاون" محلي، دون ذكر إسمه أيضاً، على الرغم من أن الرياض عرضت على السلطات التركية تسليم "صورة تقريبية" لهذا الشخص ["المتعاون"] بناءً على أوصاف أحد المعتقلين المشتبه بهم.
وفي المرحلة القادمة، يبدو أن واشنطن وحلفاءها يدركون ضرورة الحفاظ على علاقات عمل مع محمد بن سلمان، الذي هو صانع القرار الرئيسي في المملكة، في ضوء السن المتقدم لوالده وصحته السيئة. لكن كما قال وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت أثناء زيارته الرياض هذا الأسبوع: كان المسؤولون صريحين للغاية في التأكيد على مدى أهمية "أن يعرف شركاء السعودية الاستراتيجيون أن ذلك لا يمكن أن يحدث ولن يحدث مجدداً". كما أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس حذر الرياض في الشهر الماضي [بأن مقتل خاشقجي] يقوّض "استقرار المنطقة" ولابد من محاسبة الجناة.
قد يستمر العديد من المسؤولين في الأمل بأن التطورات في السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي أحرزها محمد بن سلمان قد تنجو من الأزمة. وكما قال السفير الإسرائيلي في واشنطن رون ديرمر الأسبوع الماضي، "يجب أن لا نُلقي الأمير مع ماء الحمام". ولكن في الوقت الحالي، من المرجح أن يبقى المستثمرون الأجانب حذرون بشأن التزامهم في تقديم المساعدات - أولئك المستثمرين الذين لا غنى عن مساعداتهم المالية والتكنولوجية من أجل [تمويل خطط] التحول الاقتصادي المزمع للأمير.
ووفقاً لبعض التقارير شاركت تركيا مسؤولين في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، بعض من معلوماتها الاستخباراتية عن جريمة القتل. ومع ذلك، لا يملك هؤلاء المسؤولون سوى عدد قليل من وسائل الضغط للتأثير على السياسة السعودية في هذه القضية. أما الذين يحيطون بمحمد بن سلمان فيريدون أن يكون معلوماً لدى الجميع بأنه مستعد للإبقاء على نهجه الجريء إلى حين تلاشي الأزمة. ومع ذلك، ما زالت أنقرة تحتفظ بتفوّقها - وإذا كان الماضي أي مؤشر، فإن الرئيس رجب طيب أردوغان سيقوم قريباً بتسريب المزيد من المعلومات حول ما اكتشفته أجهزة الأمن في بلاده.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.