«فصيل رجال الله» يدّعي مسؤوليته عن الهجوم على مطار بغداد
قوّض «فصيل رجال الله» - جماعة واجهة جديدة على الإنترنت - رواية «كتائب حزب الله» بشأن الهجوم الصاروخي الذي وقع على "مطار بغداد" في 22 نيسان/أبريل. وادعى «الفصيل» مسؤوليته عن تنفيذ الهجوم بتحجيمه الجهود السابقة لـ «الكتائب» التي ادّعت بأن الهجوم نفذته جماعة كردية.
في وقت متأخر من مساء 22 نيسان/أبريل 2021، سقط ما لا يقل عن ثلاثة صواريخ في محيط مطار بغداد الدولي. وفي 23 نيسان/أبريل، أعلن مسؤولو الأمن العراقيون أن الصواريخ سقطت بالقرب من القسم الذي تتمركز فيه القوات الأمريكية في المطار. وذكر بيان صادر عن الجيش العراقي أنه لم تقع إصابات. وسرعان ما قامت وسائل إعلام المقاومة بتغطية هذا الهجوم، رغم عدم تبنّيه من قبل أي جماعة في بادئ الأمر. وخلال الأسابيع القليلة الماضية، لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن عدد من الهجمات التي استهدفت قوات التحالف (من بينها الهجوم على مطار أربيل في 14 نيسان/أبريل)، في حين ازداد عدد التقارير عن الهجمات المزيّفة (تلك التي لم تُنفّذ لكنها موثّقة زوراً من قبل حسابات الميليشيات على وسائل التواصل الاجتماعي).
وجاء أول "ادعاء" عن إعلان المسؤولية عن هجمات 22 نيسان/أبريل في الساعات الأولى من يوم 24 نيسان/أبريل. ففي الساعة 05.22 (بتوقيت العراق)، نشر حساب "الوحدة 10000" على "تلغرام" رسالة تزعم أن الهجوم على "مطار بغداد" نفذته جماعة كردية. و"الوحدة 10000" هي حساب مؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي، يُعتقد أنها تابعة لـ"كتائب حزب الله" («الكتائب»)، ولديها نفاذ "داخلي" إلى معلومات المقاومة. وسبق لهذه الجماعة أن نشرت أيضاً معلومات مضللة وأخباراً كاذبة. وجاء في الرسالة باللغة العربية ما يلي: "جماعات مسلحة كردية تطلق على نفسها اسم «حماة دولة كردستان» تبنت الهجوم على «مطار بغداد» يوم أمس، وتعتبره رداً على استهداف مطار أربيل وتتوعد بالمزيد من الهجمات على بغداد!!!!".
وأُرفقت إلى المنشور وثيقة مكتوبة باللغة الكردية السورانية. ويُظهر الشعار في أعلى الوثيقة شكل «إقليم كردستان العراق» بألوان العلم الكردي العراقي، مع عبارة "حماة شعب كردستان".
ونَقَل عدد قليل من قنوات "تلغرام" الأصغر حجماً مزاعم "الوحدة 10000"، والتي من المرجح أن يكون العديد منها حسابات وكيلة لـ "الوحدة 10000".
وفي وقت لاحق من يوم السبت 22 نيسان/أبريل، صدر إعلان متعارض مع الأول. فعند الساعة 19.42 (بتوقيت العراق)، نشرت قناة جديدة على "تلغرام"، هي «فصيل رجال الله»، آية قرآنية. وبعد دقيقة واحدة، في الساعة 19.43، نشر الحساب بياناً تبنّى فيه الهجوم على مطار بغداد في 22 نيسان/أبريل. وجاء في البيان الصادر باللغة العربية ما يلي:
"باسم الله الرحمن الرحيم، أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون" [ملاحظة: مقتبسة من القرآن، سورة النمل، الآية 5].
صدق الله العلي العظيم.
في تمام الساعة 23.50 بتاريخ 22/4/2021، تمكّن أبناؤكم في «فصيل رجال الله» من استهداف قاعدة الاحتلال الأمريكي في بغداد ("فيكتوريا") بثمانية صواريخ من عيار 107 ملم، أصابت الأهداف بدقة عالية. وهذه هي القاعدة التي يتخذها الاحتلال الأمريكي ملجأ من غضبنا، ونعدكم بملاحقتهم لكي لا تحميهم منظومتهم من أمر الله" [ملاحظة - "معسكر فيكتوريا" هو المصطلح الذي تفضل المقاومة استخدامه لوصف القوات الأمريكية في "مطار بغداد"، مستذكرة التسمية الأمريكية لأجزاء من "مطار بغداد" قبل عام 2011 بـ "معسكر فيكتوري" (الانتصار)].
وادّعى البيان ضرب الصواريخ لثمانية أهداف. وهذا غير دقيق. فعلى الرغم من أن مُنَفذها حاول إطلاق ثمانية صواريخ، إلا أن ثلاثة صواريخ فقط أُطلقت بنجاح، بينما فشلت الصواريخ الباقية في ضرب أهدافها.
وبعد عشر دقائق من نشر التعليق على حساب «رجال الله»، أي في تمام الساعة 19.53 (بتوقيت العراق)، أعاد موقع "صابرين نيوز" و"فريق أخوة جهاد الإلكتروني" نشر ادعاء «رجال الله» على حسابهما على "تلغرام" في الوقت نفسه. ورغم أن "صابرين نيوز" تُعتبر قناة رئيسية للميليشيات ومصدراً للمعلومات، إلا أن عدداً قليلاً فقط من الحسابات أعاد نشر خبر الهجوم أو علّق عليه، مما قد يشير إلى بعض الخلافات بشأن صحة نشر مثل هذه المزاعم أو حكمته.
وهذه ليست المرة الأولى التي تنشر فيها قناة "صابرين" ادعاءات لا تحظى بدعم كافة وسائل إعلام المقاومة. ففي حين يعيد عدد كبير من حسابات الميليشيات على وسائل التواصل الاجتماعي نشر بعض الادعاءات، بما فيها من خلال حسابات مهمة أخرى على غرار "الوحدة 10000"، إلّا أن "صابرين" تنشر في بعض الأحيان ادعاء تبني هجوم من قبل جماعة واجهة (بالترافق مع شعار وقناة فريدين على "تلغرام") والذي تتجاهله ميليشيات رئيسية أخرى وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ما حصل خلال الهجوم على أربيل في شباط/فبراير 2021 حين نشرت "صابرين" ادعاءات لـ «سرايا أولياء الدم» - ولكن تم تجاهل هذه المزاعم من قبل القنوات الرئيسية (التابعة لـ «كتائب حزب الله»).
وتقوّض مزاعم «رجال الله» الجهود الرامية إلى تحميل مسؤولية الهجوم على مطار بغداد على متشددين أكراد، علماً بأنها جهود ضعيفة أساساً. فمثل هذا الهجوم الذي ينفذه متشددون أكراد على مطار بغداد سيكون غير مسبوق ومن الواضح أنه من اختراع جماعات المقاومة التي تسعى إلى إثارة التوترات مع الأكراد وتبرير الهجمات التي تنفذها بصواريخ وطائرات بدون طيار على الأراضي الكردية. وقد يدل ذلك على جهود تبذلها القنوات التابعة لـ «كتائب حزب الله» لإلقاء اللوم على الأكراد، في حين فضلت قناة "صابرين" المرتبطة بـ"عصائب أهل الحق" مشاهدة فصيل مقاومة يتبنى علناً مسؤولية الهجوم على "مطار بغداد". وهذا يتناسب تماماً مع ميل «عصائب أهل الحق» إلى العمل باستقلالية، مما يضعف قيادة «الكتائب» لفصائل المقاومة.
وكما ذكرنا سابقاً، تتنامى ظاهرة عدم تبنّي أي جهة مسؤولية الهجمات الصاروخية التي تتعرض لها القوات الأمريكية. ومن الممكن أن تكون الميليشيات قد انتقلت إلى نموذج الخداع الذي يقوم على ملء بيئة المعلومات بأخبار عن هجمات كاذبة. والهجمات الكاذبة التي لا تتبناها أي جهة ليست جديدة بل شائعة بشكل متزايد بعد تفجير نطنز. وقد يكون ذلك بداية لاتجاه جديد. ومن المرجح جداً أن تدرك المقاومة والعناصر الإيرانية أن جماعات الواجهة ذات الأسماء المختلفة تساعد بشكل متزايد في إسناد (تحديد نَسَب) حادثة إلى جهة ما وليس إعاقة ذلك (وأدلت إيران بتصريحات بهذا المعنى في الأمم المتحدة، واحتجت حول زيادة تصنيف الميليشيات على أنها "مدعومة من إيران"). وقد يكون مزيج من الضربات "التي لا يتبناها أحد" مع زيادة الهجمات المزيفة أحدث مرحلة في مسار إنكار إيران لأفعالها. وسابقاً تم استخدام نموذج "نشر الكثير من المعلومات المضللة" فيما يتعلق بالهجمات التي تستهدف المواكب (على الرغم من استمرار جماعات الواجهة في الإدعاء علناً عن مسؤوليتها عن هذه الأنواع من الهجمات في كل من سوريا والعراق).