- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3473
«حماس» تكوّن قائمة انتخابية من المرشحين المتشددين: التداعيات على العلاقات الأمريكية الفلسطينية
في أعقاب فوز «حماس» بأغلبية في الانتخابات التشريعية الفلسطينية لعام 2006، تم تغيير القانون الأمريكي لتقييد المساعدة لـ "السلطة الفلسطينية" إذا كانت حكومتها تضم أعضاء من «حماس». وتخطط هذه الحركة لإدراج العديد من الإرهابيين المدانين على قائمة مرشحيها في الانتخابات الفلسطينية، ولا يبدو أن "السلطة الفلسطينية" ولا المجتمع الدولي على استعداد للحديث عن العواقب المحتملة القانونية والدبلوماسية وتلك المترتبة على الميزانية.
بقي أقل من خمسة أسابيع عن الموعد المقرر لتصويت الفلسطينيين على انتخاب مشرّعين جدد، وحتى الآن لم توضّح إدارة بايدن ما إذا كانت ستدعم نتائج انتخابات تعزز السلطة السياسية لحركة «حماس» التي تحكم قطاع غزة وتطمح إلى السيطرة على الضفة الغربية أيضاً. إن وجود أسماء عدة إرهابيين مدانين على قائمة مرشحي الحركة - واحدة من 36 قائمة حزبية تمت الموافقة عليها مؤخراً من قبل "لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية" - يجب أن يثير مخاوف عاجلة بشأن مشاركة «حماس» في انتخابات 22 أيار/مايو.
ويقيناً، أن قائمة «حماس» لا تشكّل اللائحة الإشكالية الوحيدة - فقد قامت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أيضاً بتسمية مرشحين [ثبنت] عليهم إدانات إرهابية سابقة (على سبيل المثال، أحمد السادات وخالدة جرار)، بينما قام مروان البرغوثي من حركة «فتح» بتنظيم قائمة فرعية ومن الممكن أن يخوض الانتخابات الرئاسية المزمعة في النهاية ا على الرغم من أنه يقضي عقوبات بالسجن مدى الحياة لعدة جرائم قتل. ومع ذلك، تتميّز قائمة «حماس» عن سواها بكثرة أعداد المرشحين المتطرّفين المتشددين المدرجين فيها، بمن فيهم أشخاص لهم صلات معروفة بهجمات إرهابية قاتلة. وهذا يدحض مرة أخرى أسطورة وجود أي تمييز بين الأنشطة السياسية لـ «حماس» وجناحها العسكري («كتائب عز الدين القسام»)، مما لا يترك مجالاً للشك بالتزامها بـ "المقاومة المسلحة".
أبرز إرهابيي «حماس» المرشحين للانتخابات
- جمال محمد فرح الطويل: هو من كبار القادة العسكريين لحركة «حماس» في الضفة الغربية، ويُعتقد أنه خطط لعدة تفجيرات انتحارية، من بينها تفجير سيارة مفخخة في مركز تجاري للمشاة في القدس عام 2001، أسفر عن مقتل 12 إسرائيلياً وإصابة ما يقرب من مائتي آخرين بجراح. وفي حالات مختلفة، تبنّى أدواراً في الرعاية الاجتماعية والسياسية لتسهيل أعماله العسكرية وإخفائها. وشمل ذلك إنشاء فرع لـ «جمعية الإصلاح الخيرية» في رام الله "لتمويه أنشطة لجنة الأسرى وتمكينها من التوسع وتلقي التبرعات من الجمعيات الخيرية الإسلامية في الخارج"، وفقاً لنشرة صادرة عن "مركز الدراسات الخاصة" في كانون الأول/ ديسمبر 2004. واعتُقل في نيسان/أبريل 2002 وتشرين الأول/أكتوبر 2013 وتموز/يوليو 2020، بسبب أعماله المسلحة.
- جمال عبد السلام أبو الهيجاء: اعتُقل في عام 2002 وصدرت بحقه تسعة أحكام بالسجن المؤبد لتورطه في ستة تفجيرات على الأقل، من بينها هجوم [على حافلة] في "مفرق ميرون" شمال إسرائيل أسفر عن مقتل تسعة أشخاص عام 2002، وتفجير مطعم "سبارو" للبيتزا في القدس عام 2001 حيث قُتل خمسة عشر شخصاً. ويأتي اسمه في المرتبة الثامنة على قائمة «حماس» الانتخابية.
- محمد أبو طير (أبو مصعب): أمضى أكثر من سبعة وثلاثين عاماً في السجن بسبب انخراطه في أنشطة مسلحة، بما فيها الخدمة في الجناح العسكري لحركة «حماس»، والانتماء إلى منظمة إرهابية، وتوزيع السلاح. واعتُقل في كانون الثاني/يناير 2016، للاشتباه في تلقّيه أموالاً من قادة «حماس» في الخارج ومساعدة عناصر الحركة على تحويل الأموال إلى الضفة الغربية لتمويل هجمات إرهابية. واعتقل مرة أخرى في نيسان/أبريل 2017 وآذار/مارس 2019 للاشتباه في ضلوعه في أعمال إرهابية، ومجدداً في كانون الثاني/يناير 2020. ويأتي في المرتبة الثانية على قائمة «حماس» الانتخابية.
- عبد الخالق النتشة: ترأّس فرع "جمعية الإصلاح الخيرية" التابعة لـ «حماس» في مدينة الخليل حيث عمل متحدثاً باسم الحركة. ويقال إنه كان يشرف في المدينة على بنية تحتية إرهابية ضخمة مسؤولة عن تخطيط عمليات مختلفة ضد الإسرائيليين وتنفيذها، بما فيها الهجوم في مستوطنة "أدورا" في الضفة الغربية في نيسان/أبريل 2002 والهجوم على مستوطنة "كرمي تسور" في حزيران/يونيو 2002. والنتشة هو في المرتبة العاشرة على قائمة «حماس» الانتخابية.
- ناهد الفاخوري: تُفيد بعض التقارير أنه شارك في تجنيد انتحاريين في الخليل وحكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً. وفي إطار عملية لتبادل الأسرى في عام 2011، تم إطلاق سراحه مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي المختطف جلعاد شاليط، وأوعز إليه بالبقاء في غزة.
- ناصر عبد الجواد: من مؤسسي «كتائب القسام» في الضفة الغربية وأحد عناصر «حماس» الأربعين الذين اعتُقلوا عام 2006 بعد اختطاف شاليط. وألقي القبض عليه مجدداً في عام 2011 ثم في كانون الثاني/يناير 2018. وأسفرت القضية الأخيرة عن الحكم عليه بالسجن ثمانية عشر شهراً.
- خالد يوسف عبد الرحمن صالح مرداوي (أبو إباء): اعتُقل عام 1992 لقتله رجلاً يشتبه في تعاونه مع إسرائيل، وحُكم عليه بالسجن المؤبد.
- فرح أحمد عبد المجيد حامد (أبو أحمد): يُزعم أنه تورط في هجومَين إرهابيين في عام 2003 - إطلاق النار في كانون الثاني/يناير على "الطريق 60" بالقرب من مستوطنة "عوفرا" [في رام الله] بالضفة الغربية، مما أدى إلى إصابة مدنييْن اثنيْن، وإطلاق نار في حزيران/يونيو على نفس الطريق بالقرب من القدس مما أدى إلى مقتل المواطن الأمريكي تسفي غولدشتاين وإصابة أفراد عائلته بجروح.
- توفيق أبو نعيم: شغل منصب مدير عام "قوى الأمن الداخلي" التابعة لـ «حماس» حتى شهر آذار/مارس الماضي، وتضمنت مهامه الإشراف على العديد من عناصر «كتائب القسام». ووفقاً لـ "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، كان ناشطاً مع «الكتائب» قبل اعتقاله عام 1989، وأُفرج عنه عام 2011 في عملية تبادل الأسرى مقابل الجندي شاليط، ونجا لاحقاً من محاولة اغتيال ظاهرية في تشرين الأول/أكتوبر 2017. وأبو نعيم مُدرج في المرتبة التاسعة على قائمة «حماس» الانتخابية.
- نائل البرغوثي: اعتقلته القوات الاسرائيلية عام 1978 لمشاركته في خطف ضابط في الجيش وقتله قرب رام الله. وبعد الإفراج عنه عام 2011 في إطار صفقة شاليط، اعُتقل مرة أخرى بعد ثلاث سنوات وحُكم عليه بالسجن المؤبد بتهمة تجديد تورطه في الأنشطة الإرهابية، وهو ما يُعد انتهاكاً لأحكام الإفراج عنه. ويشار إلى أنه أمضى في السجون الإسرائيلية فترة أطول من أي سجين فلسطيني آخر. وهو في المرتبة الرابعة على قائمة «حماس» الانتخابية.
تجسيد لديناميكيات الحركة الداخلية
في السنوات الأخيرة، حاولت «حماس» أن تصور نفسها على أنها المسؤولة السياسية عن شؤون غزة وشريكاً مباشراً للمجتمع الدولي خارج القنوات التي تسيطر عليها "السلطة الفلسطينية" في رام الله. وبعد أن أصبح يحيى السنوار زعيم الحركة في غزة عام 2017، انتقل ميزان القوة الداخلي من القيادة الخارجية إلى المسؤولين داخل القطاع. وفي غضون ذلك، مرّت «حماس» بفترة تقلّص في علاقاتها الخارجية، من بينها الانفصال عن نظام الأسد في سوريا والإطاحة بحكومة «الإخوان المسلمين» بقيادة محمد مرسي في مصر.
وخلال تولي السنوار منصبه، شهدت هذه الفترة أيضاً تزايد نفوذ فئتين متداخلتين من «حماس»، هما: السجناء والجناح العسكري، علماً بأن السنوار كان ينتمي إلى كليهما. بالإضافة إلى ذلك، تضم القائمة الانتخابية عدة أعضاء تم إطلاق سراحهم من السجون الإسرائيلية في إطار صفقة شاليط، مثل السنوار. وتظهر أيضاً في المراتب العليا أسماء بعض قادة «حماس» من الحرس القديم، بمن فيهم المرشح الأول خليل الحية ونزار عوض الله، اللذين نافسا السنوار في الانتخابات الداخلية الأخيرة للحركة. ولكن وفقاً لموقع "المونيتور" فإن ثلثَي المرشحين هم دون الأربعين من عمرهم.
الرد الدولي
يبقى أساس العلاقات بين الفلسطينيين والمجتمع الدولي هو الالتزام باللاعنف والاعتراف بإسرائيل وقبول الاتفاقيات السابقة. ووفقاً لبعض التقارير أبلغت "السلطة الفلسطينية" إدارة بايدن بأن جميع الفصائل المشاركة في انتخابات 22 أيار/مايو قد التزمت باحترام الاتفاقيات السابقة والاكتفاء بـ"المقاومة الشعبية السلمية ضد إسرائيل". لكن «حماس» لم تصدر أي تصريح علني مشابه. واللافت للنظر أنه من بين أكثر من 200 اعتراض قدمته حركة «فتح» ضد مرشحين معينين، أفادت بعض التقارير أن أياً من تلك الاعتراضات لم يشر إلى الصلات الإرهابية لمرشحي «حماس».
علاوة على ذلك، لا يزال المجتمع الدولي صامتاً بشأن مشاركة «حماس» في الانتخابات. فقد أعرب "الاتحاد الأوروبي" علناً عن دعمه للانتخابات من دون أن يأتي على ذكر «حماس»، على الرغم من أن قوانين الانتخابات المحلية في أوروبا تحظّر الأحزاب المرتبطة بالتمييز أو العنف. أما الحكومة الأمريكية فتجنبت بشكل عام الأسئلة المتعلقة بالانتخابات ولم تتخذ أي موقف علني بشأن ما إذا كانت ستعترف بالنتائج إذا لم تلتزم الانتخابات بشروط "اتفاقيات أوسلو" (التي تحظر مشاركة المرشحين الذين يدعون إلى [الكراهية] العنصرية أو العنف) ومبادئ "اللجنة الرباعية" (التي تتطلب الالتزام باللاعنف والاعتراف بإسرائيل). ولهذه المسألة أهمية خاصة بالنظر إلى أن إدارة بايدن أعادت التعامل مؤخراً مع "السلطة الفلسطينية" واستأنفت أعمال التنمية والمساعدات الإنسانية الأمريكية. لذلك فإن عدم وضوح [موقف] الولايات المتحدة بشأن التداعيات المحتملة للانتخابات قد يهدد هذه المساعدات - في أعقاب فوز «حماس» بأغلبية في الانتخابات التشريعية لعام 2006، تم تغيير القانون الأمريكي لتقييد المساعدة إذا كانت حكومة "السلطة الفلسطينية" تضم أعضاء من «حماس» أو تسمح للحركة بممارسة "نفوذ غير مبرّر". إن التزام الصمت في الأسابيع المقبلة لن يؤدي إلّا إلى زيادة الاحتمالات بأن تواجه واشنطن وضعاً أسوأ في صباح اليوم التالي للانتخابات.
كاثرين باور، زميلة "بلومنشتاين-كاتز فاميلي" في معهد واشنطن، وعملت سابقاً كممثلة لوزارة الخزانة الأمريكية في القنصلية الأمريكية في القدس في الفترة 2009 -2011. ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "راينهارد للاستخبارات ومكافحة الإرهاب" في المعهد، ومؤلف كتاب "«حماس»: السياسة والأعمال الخيرية والإرهاب في خدمة الجهاد" (ييل، 2006).