- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
«حزب الله» و"الشرق الأوسط ما بعد الاتفاق النووي مع إيران"
"فيما يلي مساهمة الدكتور ماثيو ليفيت للنقاش الذي جرى حول مائدة مستديرة في "مجلس العلاقات الخارجية" بشأن تداعيات الاتفاق النووي مع إيران".
تُعتبر إيران الراعي والممول الرئيسي لـ «حزب الله»؛ فهي تمنح الحزب السياسي والجماعة المتطرفة في لبنان نحو 200 مليون دولار سنوياً، بالإضافة إلى مساعداتها في مجالات الأسلحة والتدريب والاستخبارات واللوجستيكا. ومع ذلك، فعلى مدى الثمانية عشر شهراً الماضية، خفضت إيران من دعمها المالي لـ «حزب الله» - ويعود ذلك إلى المنافع المصاحبة المترتبة على نظام العقوبات الدولية غير المسبوقة التي تستهدف البرنامج النووي الإيراني، فضلاً عن انخفاض أسعار النفط.
وغالباً ما قلّص تخفيض الدعم من الأنشطة السياسية والاجتماعية والعسكرية لـ «حزب الله» داخل لبنان. فمؤسسات الخدمة الاجتماعية خفضت من تكاليفها، كما تلقى الموظفون رواتبهم في وقت متأخر أو تم تسريحهم، بالإضافة إلى تخفيض تمويل المنظمات المدنية، مثل "المنار" - المحطة التلفزيونية الفضائية للحزب. وعلى النقيض من ذلك، لم تظهر القيادة السورية لـ «حزب الله» - التي تشكل أولوية بالنسبة لطهران نظراً لالتزامها بالدفاع عن نظام بشار الأسد - أي علامة على ضائقة مالية.
وإذا تم رفع العقوبات المتعلقة بالأسلحة النووية كلياً أو جزئياً، فإن تدفق الأموال الإيرانية سيمكّن «حزب الله» من الرد على الحركات السياسية والاجتماعية اللبنانية التي لا تشعر بالارتياح من تدخل الحزب في سوريا. إن الأزمات السياسية في لبنان، بدءً من عدم قدرة البلاد على اختيار رئيس لها وإلى [الاحتجاجات] من عدم جمع القمامة، هي نتيجة لهذا التقسيم الطائفي العميق. وقد يؤدي عبور المتطرفين من أهل السنة بأعداد كبيرة من سوريا إلى قيام المزيد من عدم الاستقرار في لبنان.
وستُفيد زيادة الإنفاق الإيراني أيضاً من العمليات الإقليمية والدولية لـ «حزب الله». فعمليات الحزب لم تعد تقتصر على التنافس على السلطة السياسية في لبنان ومحاربة إسرائيل. فمع حصوله على المزيد من الأموال، بإمكان «حزب الله» زيادة مساعداته للميليشيات الشيعية في العراق واليمن بالتعاون مع إيران، وإرسال أعداد صغيرة من المدربين المهرة لدعم القوات المحلية، والقتال الى جانبهم في بعض الحالات. ففي العراق، يقوم «حزب الله» بتدريب الميليشيات الشيعية والقتال معها. وعلى الرغم من أن عناصره تقاتل نيابة عن الحكومة، إلا أن تكتيكاتها تؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية. أما في اليمن فإن وجوده صغيراً، ولكن يمكن أن يوسّعه من خلال استلامه موارد إضافية. وبالفعل، يحاول «حزب الله» إيجاد دعم طويل الأمد لهذه العمليات. وفي العراق، على سبيل المثال، يستثمر الحزب في منظمات صورية.
وأخيراً، بإمكان زيادة التمويل أن تساعد «حزب الله» على إعادة قدراته خارج منطقة الشرق الأوسط. وقد وسّع الحزب من عملياته الإرهابية في دول متنوعة مثل قبرص وبيرو وتايلاند.
و«حزب الله» هو أكثر انشغالاً في الوقت الحالي من أي وقت مضى، وخاصة في سوريا، حيث يشارك في عمليات مسلحة وأنشطة دعم مكلفة. وفي الوقت نفسه، وسع الحزب من أنشطته الإقليمية إلى أبعد من ذلك، بإجهاده خزائنه حتى في الوقت الذي توجّب عليه تقليص أنشطته في لبنان. إن «حزب الله» الذي أصاب الثراء حديثاً قد يكون أكثر عدوانية داخل البلاد وخارجها، الأمر الذي يشكل تحدياً للأطراف الأقل تطرفاً على امتداد الطيف السياسي اللبناني، ويعزّز من أنشطته المزعزعة للاستقرار خارج لبنان.
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج ستاين للإستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن -
"مجلس العلاقات الخارجية"