خلية صواريخ أربيل: معطيات من اعترافات حيدر حمزة البياتي
ما نُشر عن المعتقل حيدر حمزة البياتي ووصفه لعملية تجنيده من قبل «كتائب سيد الشهداء»، ودوره في الهجوم الصاروخي على أربيل في 15 شباط/فبراير 2021.
في الثالث من آذار/مارس، نشرت وسائل إعلام مختلفة، بما فيها قناة "الحدث" التلفزيونية السعودية، شريطاً مصوراً مدته أربع دقائق صدر عن السلطات في «إقليم كردستان العراق»، أظهر مقاطع من اعترافات مصورة لحيدر حمزة عباس مصطفى البياتي، الذي يصف دوره في الهجوم الصاروخي على أربيل في 15 شباط/فبراير 2021.
وفي حين يستحيل تأكيد صحة الشهادة ودقتها، إلا أن الوصف المفصل يوفر بعض النقاط المثيرة للاهتمام، إذا ثبتت صحتها.
وفقاً لما تبينه شهرته، فإن منفذ الهجوم، "البياتي"، هو تركماني من جنوب "سهل نينوى". وتشير شهادته إلى أنه وُلد في قرة داغ في قرية الحمدانية، التي تقع على مسافة متساوية بين الموصل وأربيل (36°10'0.86" شمالاً 43°29'3.59" شرقاً) وما يقرب من ثلاثة أميال غرب "خط سيطرة كردستان" على دلتا "نهر الزاب الصغير".
ويدّعي البياتي أنه تمّ تجنيده في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 (بعد أكثر من شهر بقليل من هجوم صاروخي سابق على أربيل من "سهل نينوى" في 30 أيلول/سبتمبر 2020). وتشير تفاصيل اعترافاته إلى أنه كان من سكان خبات، داخل كردستان، وقد زار الموصل و"سهل نينوى" حيث يبدو أنه "تعرّف" (على حد تعبيره) على رجل يصفه بأنه من «كتائب سيد الشهداء».
وإحدى السمات البارزة في شهادته هي ضعف الاتصالات مع «كتائب سيد الشهداء»، حيث قد يكون المجند الأولي قد وصف نفسه بأنه من «كتائب سيد الشهداء»، علماً بأنه لم يتم تحديد الأعضاء الآخرين على أنهم تابعون لهذه الجماعة، وربما كان البياتي في موقع ضعيف للحكم على مَن الذي كان قد جنّده أو عمل لاحقاً إلى جانبه. وعلى الرغم من أن الفصائل تتشارك الكثير من مناطق العمليات، إلا أن ميليشيات "الشبك" شرقي "سهل نينوى" ارتبطت بشكل وثيق بقواعد «عصائب أهل الحق» في برطلة، في حين تمّ تجنيد التركمان الشيعة من قبل «عصائب أهل الحق» وجماعات مثل «كتائب حزب الله» و«منظمة بدر» و«كتائب سيد الشهداء».
وكانت قيمة البياتي لخلية الهجوم تكمن بلا شك في إقامته في «إقليم كردستان» في منطقة خبات. وقد ساعد رجليْن آخريْن في شراء شاحنة من نوع "كيا" مسجلة في أربيل، والتي ثبت دورها المحوري في عملية النقل ذهاباً وإياباً على طول خط سيطرة كردستان. وقبل الهجوم بقليل، ساعد البياتي مهاجماً آخر على الحصول على إقامة في «إقليم كردستان» (ربما ككفيل مقيم).
وتضمنت التقنيات التي استخدمتها خلية الهجوم بعض الجوانب المثيرة للاهتمام. فقد استغرق الإعداد للعملية ما يقرب من ثلاثة أشهر. وكان الأمن العملياتي جيداً: فقد ارتدى البياتي واثنان آخران أقنعة خاصة بفيروس كورونا وقبعات بيسبول لإخفاء هوياتهم عن كاميرات المراقبة عند شرائهم شاحنة "كيا". وتمّ التخطيط للهجوم بصبر، حيث من المرجح أن تكون الشاحنة قد حددت نمطاً من النشاط ذهاباً وإياباً من "سهل نينوى" إلى أربيل، على مدار شهرين. وأبقت الخلية شاحنة الـ "كيا" على "طريق بردرش" بعد تعديلها وتحميلها برفوف مخفية لتحميل الصواريخ خلال رحلة سابقة إلى الموصل.
في المقابل، كان تنفيذ الهجوم أقل فعالية. فقد جهز المنفذون الصواريخ ومن ثم غادروا، وشنّوا الهجوم على ما يبدو بواسطة جهاز توقيت أو بعض الوسائل الأخرى عن بعد. ثم ابتعدوا بسرعة، حتى بطريقة عصبية، في الساعة 9:16 مساء. وهربت خلية الهجوم على الفور متوجهةً إلى الموصل وكان من المحتمل أن تكون قد خرجت من "خط سيطرة كردستان" عند إطلاق الصواريخ حوالي الساعة 9:33 مساء. ومن دون علم أعضاء الخلية، بدأت منصة الإطلاق في الذوبان مع إطلاق صواريخ متتالية، مما تسبب بنشرها على مساحة واسعة في المدينة.
وبشكل خاص، يبدو أن الخلية لم تثق تماماً بالبياتي. فهو لم يكن على علم بتاريخ الهجوم إلا يوم تنفيذه. وتم إجراء عمليات الاستطلاع قبل الهجوم في سوق "العلوة" قبل نصف يوم فقط من تنفيذه. وخلال الهجوم، تمّ إرسال البياتي ليكون سائق الهروب. وبعد الهجوم، يبدو أنه استأنف حياته الطبيعية في خبات، حيث أُلقي القبض عليه فوراً. ولم يتم تهريبه أو تغيير مكانه من قبل الميليشيا، كما يحصل عادةً مع عناصر مهمين وموثوقين ضمن «كتائب حزب الله» أو «كتائب سيد الشهداء». ويبدو أنه تمّ التعاطي معه كعنصر تواصل محلي يمكن الاستغناء عنه. ومن المحتمل أنه لم يعرف قط على وجه التحديد مع مَن أو لصالح مًن كان يعمل.
وإلى جانب الأدلة الأخرى، على غرار الانخراط الكبير لقنوات مرتبطة بـ «عصائب أهل الحق» في استعراض الهجوم التمهيدي والترويج له، فقد تشير تفاصيل قضية صواريخ أربيل أيضاً إلى أن مشاركة «كتائب سيد الشهداء» لم تكن دقيقة بالضرورة أو ربما غير متواصلة.