- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3922
خمسة دروس من أزمة إنقاذ السفينة "سونيون" في البحر الأحمر
ينبغي على الولايات المتحدة وشركائها اتخاذ عدة خطوات فورية لتجنب كارثة بيئية، ومواجهة التحريف الحوثي حول الحادثة، ومنع الحوثيين من خلق حالات طوارئ أخرى تتعلق بالمواد الخطرة في البحر الأحمر.
في 21 آب/أغسطس، شنت قوات الحوثيين في اليمن عدة هجمات ضد ناقلة النفط الخام "سونيون" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9312145) التي ترفع العلم اليوناني في جنوب البحر الأحمر. وأجبر القصف الطاقم على التخلي عن السفينة المحملة بحوالي 900,000 برميل من النفط الخام العراقي، واستمرت الحرائق على سطح السفينة لأيام، ووفقاً لبعض التقارير يعود سبب ذلك إلى المتفجرات التي زُرعت أثناء عملية صعود الحوثيين على متن السفينة. ولتجنب كارثة بيئية، يجب سحب السفينة بعيداً عن موقعها الحالي عالي الخطورة إلى ميناء آمن، وإلا فقد ينتج عنها تسرب نفطي كارثي يؤثر على كافة أنحاء منطقة البحر الأحمر، مُلوِثاً المياه المستخدمة من قبل مصايد الأسماك والحياة البحرية ومحطات تحلية المياه، بالإضافة إلى التسبب في مزيد من الاضطرابات في حركة الشحن العالمية.
وحتى تاريخ كتابة هذه السطور، تفيد تقارير "القوة البحرية للاتحاد الأوروبي" "أسپيديس " (EU NAVFOR) بأنه لم يتم الكشف عن أي تسرب نفطي (على عكس بعض التقارير الإعلامية) وأن السفينة لم تعد تنجرف. ومن جانبهم، يبدو أن الحوثيين وافقوا على السماح بعملية لسحب وإنقاذ السفينة. ومع ذلك، لا ينبغي تفسير هذه التقارير على أنها إشارات على أن السفينة المضروبة أصبحت خارج دائرة الخطر، كما لا يعني ذلك أن الحوثيين سيتوقفون عن مهاجمة ناقلات النفط المحملة بعد أن رأوا المخاطر البيئية لليمن بشكل مباشر. وفي الواقع، تحمل حادثة "سونيون" عدة دروس فورية للولايات المتحدة وللجهات الفاعلة الأخرى في سعيها لاتخاذ أفضل الوسائل لتأمين السفينة بسرعة، ومنع حدوث تسرب كارثي، وحل أزمة البحر الأحمر الأوسع نطاقاً:
تجنب تأخيرات الإنقاذ ومنح إعفاءات من العقوبات. كان إجراء عمليات الإنقاذ خلال حملة الهجمات الحوثية المستمرة منذ أشهر في البحر الأحمر أمراً صعباً، ولن تكون حادثة "سونيون" استثناءً. وقد يكون العثور على زوارق سحب مناسبة تقع بالقرب من المنطقة ومستعدة للعمل في مثل هذه البيئة المحفوفة بالمخاطر أمراً صعباً، وقد تنشأ تأخيرات إضافية إذا استأجر المنقذون قوارب خاضعة للعقوبات الأمريكية. ووفقاً لبعض التقارير كان هذا هو الحال مع عمليتي إنقاذ أخيرتين في البحر الأحمر وخليج عدن - حيث كان لا بد من التخلي عن العملية الأولى عندما انتهى الأمر بغرق السفينة. وفي كلتا الحالتين، كانت زوارق السحب المختارة مرتبطة بشركة مقرها الإمارات العربية المتحدة كانت قد شاركت في "معاملة كبيرة لنقل المنتجات البتروكيماوية من إيران". ووفقاً لبعض التقارير يتم استئجار القوارب نفسها لسحب "سونيون" أيضاً؛ وإذا كان الأمر كذلك، فيجب على واشنطن منح إعفاءات فورية لاستخدامها، حيث أن المزيد من التأخيرات لن يؤدي إلا إلى زيادة الخطر على سلامة هيكل الناقلة.
الاستعداد للتحديات الفنية وتحديات حماية القوات. لقد واجهت عمليات السحب المتعلقة بالحوادث البحرية السابقة للحوثيين انتكاسات بسبب المشاكل الفنية وتدخل الحوثيين. يجب التعامل مع أي مشاكل من هذا القبيل بسرعة في الحالة الحالية نظراً لاحتمال حدوث تسرب نفطي كبير. وعلى الرغم من أن ملامح عملية إنقاذ "سونيون" وتوقيتها لا تزال غير مؤكدة حتى الآن، إلا أنه سيتعين على القوات البحرية (ولا سيما تلك التابعة لقوة "أسپيديس") البقاء بالقرب من الناقلة لمنع الحوثيين من تعطيل العملية. وقد أظهرت التجربة أن الحركة مستعدة للتدخل في جهود الإنقاذ إذا كان بإمكانها تحويل الوضع إلى ورقة مساومة سياسية - كما شوهد بشكل بارز خلال المهمة المطولة لتفريغ ناقلة النفط "صافر"، وهي سفينة تخزين متداعية ظلت في حالة من الغموض لسنوات على الرغم من مخاطر الكارثة البيئية. لذلك، يجب على جميع الأطراف المعنية مواصلة الضغط على الحركة (بما في ذلك من خلال الدبلوماسية) إلى حين يتم تجنب أسوأ سيناريو ممكن لـ "سونيون" بشكل نهائي.
منع الحوثيين من "العودة إلى مكان الحادث". كما ذُكر أعلاه، يبدو أن قوات الحوثيين عادت إلى السفينة "سونيون" وزرعت متفجرات في الأيام التي أعقبت هجماتها الأولية، مما أدى إلى اندلاع الحرائق التي لا تزال مشتعلة حتى تاريخ كتابة هذه السطور. (تشير بعض التقارير إلى أن الهجمات الأولية شملت مقذوفات غير معروفة ومركبة سطحية بدون طيار). وإذا كانت هذه التقارير صحيحة، فإنها تتوافق مع التكتيك المعروف للحركة المتمثل في العودة إلى السفن المنكوبة بمجرد التخلي عنها من أجل إلحاق المزيد من الضرر. وكان هذا هو الحال عندما تعرضت سفينة الشحن "تيوتور" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9942627) للهجوم في 12 حزيران/يونيو. فبعد أن ضربت قوات الحوثيين السفينة مرتين على الأقل، فقد تُركت تنجرف وتم التخلي عنها؛ ثم باشرت تلك القوات بشن هجوم أخير أدى إلى غرق السفينة. (للحصول على معلومات وتحليلات شاملة حول الحوادث التي تمت مناقشتها في هذا المرصد السياسي وهجمات الحوثيين السابقة التي تعود إلى عام 2019، راجع "متتبع الحوادث البحرية" التابع لمعهد واشنطن). وفي المستقبل، يجب على القوات الأمريكية والأوروبية أن تكون مستعدة لتقديم الحماية الفورية لأي سفن منجرفة أو متضررة بشدة ومحملة بشحنات خطرة، وبالتالي منع الحوثيين من العودة ثانية من أجل الصعود على متنها أو مهاجمتها و/أو إغراقها.
مواجهة التحريف الحوثي . بالنظر إلى سجلهم حتى الآن، فمن المرجح أن يستخدم الحوثيون منافذ إعلامية مختلفة - والتي تشمل قنوات التواصل الاجتماعي الفعالة الخاصة بهم - للادعاء بأنهم وافقوا على عملية سحب "سونيون" بدافع من المخاوف الإنسانية والبيئية. ومع ذلك، فقد هددت الحركة مراراً وتكراراً سفناً تحمل شحنات خطرة وهاجمتها وحتى أغرقتها، دون أي قلق واضح بشأن التأثير الإنساني المحلي في اليمن أو في مناطق أخرى. ففي شباط/فبراير، على سبيل المثال، شنت الحركة هجمات صاروخية على سفينة الشحن العامة "روبيمار" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9138898)، التي غرقت بعد أسبوعين. وعندما غرقت السفينة، كانت تحمل حوالي 22,000 طن متري من سماد فوسفات الأمونيوم وكبريتات الأمونيوم و280 طناً مترياً من زيت الوقود الثقيل والديزل البحري. وفي حزيران/يونيو، وسط مخاوف من تسرب محتمل للتلوث من هذه الشحنة الغارقة، دعت "المنظمة البحرية الدولية" إلى "المساهمة بمعدات لمواجهة التلوث النفطي"، مشيرة إلى أن اليمن غير مجهز للتعامل مع كارثة من هذا النوع بمفرده.
وإذا حاول الحوثيون بالفعل تحويل حادثة "سونيون" إلى "انتصار" إنساني، فيجب على الولايات المتحدة وشركائها الرد بحملات إعلامية متعددة الوسائط تُظهر كيف أن الحوثيين كانوا يعرّضون شعبهم والمنطقة الأوسع نطاقاً في البحر الأحمر للخطر. وبالفعل، بدأت "القيادة المركزية الأمريكية" في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للتعليق على هجمات الحوثيين. يجب توسيع نطاق هذه الجهود لتسليط الضوء على جميع السفن التي ألحقت بها الحركة أضراراً جسيمة منذ تشرين الثاني/نوفمبر تضامناً مع حرب غزة - ومن بينها سفينة "روبيمار"، التي كانت مرتبطة بشركة مقرها لبنان ولم تكن لها أي صلات بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا الشريكة في التحالف.
يجب على واشنطن أيضاً إعادة التأكيد على مدى تأثير هذه الهجمات في تعطيل التجارة الإقليمية - بما في ذلك مع الدول التي تقوم فيها جماعات مسلحة أخرى مدعومة من إيران بدعم الحوثيين. والعراق هو مثال صارخ: فكما هو الحال مع "سونيون"، كانت هناك ناقلتان أخريان تعرضتا للهجوم هذا الشهر تحملان شحنات تم تحميلها في محطة نفط البصرة في جنوب العراق وكانت متجهة إلى أوروبا، وفقاً لبيانات من شركتي "كيبلر" و"مارين ترافيك". وحتى إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، لم تسلم من مثل هذه الحوادث - ففي أواخر أيار/مايو، هاجم الحوثيون سفينة شحن في جنوب البحر الأحمر كانت وجهتها النهائية الجمهورية الإسلامية.
النظر في مرافقة السفن التي لها صلات بإسرائيل. يُركز الحوثيون حالياً على مهاجمة السفن التي لها أي صلات بإسرائيل، بما في ذلك السفن التي لا تزور إسرائيل نفسها ولكنها مملوكة/مدارة من قبل كيانات لديها سفن أخرى ترسو في الموانئ الإسرائيلية. ومن هذا المنطلق، كانت "سونيون" هدفاً مُغرياً بشكل خاص. فهي مرتبطة بشركة "دلتا تانكرز" اليونانية، التي تعرضت لهجومين آخرين في وقت سابق من هذا الشهر: ضد سفينتي "دلتا بلو" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9601235) و"دلتا أتلانتيكا" (رقم "المنظمة البحرية الدولية" 9419101) أثناء إبحارهما في البحر الأحمر وهما تحملان شحنات نفط عراقية إلى مصفاة في اليونان، وفقاً لبيانات من شركة "كيبلر". وذكرت تصريحات الحوثيين حول هجوم "سونيون" أن السفينة تابعة لشركة "لها صلات" بإسرائيل وسفن ترسو في الموانئ الإسرائيلية.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن إرغام السفن التجارية على طلب مرافقة بحرية، إلا أنه ينبغي حث تلك التي تكون عرضة بشكل خاص للهجوم على أخذ هذا الخيار على محمل الجد. على سبيل المثال، يمكن للمهام البحرية التي تعمل في المنطقة إضافة لغة حول أهمية المرافقة في بيانات التوجيه المنتظمة التي تصدرها للسفن التجارية في المنطقة، وخاصةً أثناء انتظار "سونيون" لعملية الإنقاذ. يجب أن تشير هذه البيانات أيضاً إلى أن إيقاف تشغيل نظام التعريف الآلي للسفينة لا يضمن حمايتها من هجمات الحوثيين.
نعوم ريدان هي زميلة أقدم في معهد واشنطن وأحد مبتكري سلسلة "الأضواء الكاشفة للبحرية."