- تحليل السياسات
- منتدى سياسي
لحظة تعلم: العرب والفلسطينيون والمحرقة
"في 28 تشرين الأول/أكتوبر، خاطب المدير التنفيذي لمعهد واشنطن روبرت ساتلوف وزميل "ويستون" محمد الدجاني منتدى سياسي في مقر المعهد في واشنطن. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظات الدكتور الدجاني؛ بإمكانك قراءة كلمات الدكتور ساتلوف المعدة سلفاً باللغة الانكليزية على ملف الـ ("بي. دي. إف.")".
نظراً إلى أن إسرائيل جارة للفلسطينيين والدول العربية، يتوجب على كافة الأطراف السعي إلى تحقيق المصالحة والتعايش على أساس السلام والعدالة وليس الاستبعاد. للأسف، لا ينظر الكثير من الفلسطينيين إلى الأطراف الأخرى في النزاع، من بينها إسرائيل والولايات المتحدة، سوى على أنهم "الآخر"، وبالتالي فإن كراهية هذا الآخر تؤدي إلى حلقة مفرغة من مفهوم "نحن ضدهم". وهذه النظرة تجعل سياسات الولايات المتحدة وإسرائيل محدودة بسياسات سطحية وتمنع الفلسطينيين من فهم ثقافة إسرائيل والولايات المتحدة وتاريخهما، إلى جانب ثقافتهم وتاريخهم الخاص.
بالإضافة إلى ذلك، يركّز العديد من الأشخاص من جانبي الصراع على الماضي. فهذا النقص في المرونة الشخصية والجماعية في وجه المأساة والخسارة يمنع الأفراد والمجتمعات من فهم أنفسهم وجيرانهم وأعدائهم. لذا، يتوجب عليهم بدلاً من ذلك أن يعطوا الأولوية لبناء مستقبل أفضل.
وتؤدي المحرمات في المجتمع الفلسطيني إلى إشعال النزاع بصورة أكثر وإلى إضعاف الأغلبية المعتدلة، وهم الأشخاص الذين يحتاجون إلى الاستقرار والنمو لإعالة أسرهم. كما أن القيود المفروضة على الخطاب، صريحة كانت أو ضمنية، تعزز التطرف ومعاداة السامية، والتي يمكن ملاحظتها في وجهات النظر الفلسطينية حول المحرقة. لقد كانت المحرقة مأساة للشعب اليهودي وللبشرية على حد سواء. لذا فإن المقارنة المستمرة ما بين النكبة والمحرقة في المجتمع الفلسطيني تعكس غياب الإلمام بحقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها. وفي الوقت نفسه، إن إصرار الإسرائيليين على منع [تدريس] النكبة من دروس التاريخ الخاصة بهم يؤدي إلى مزيد من الشقاق والنزاع.
من هنا فإن برنامج الدراسات الأمريكية في "جامعة القدس" و"حركة «الوسطية»" يهدفان إلى معالجة هذه المشاكل في الثقافة الفلسطينية وتمثيل الملتزمين بالإسلام وبطبيعته الحقيقية الكامنة في السلام والتسامح والرحمة. إذ يمكن لبناء الجسور أن يسهّل التفاهم وحسن النية والمصالحة بشكل متبادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. لذلك، يتعين على الجانبين الاعتراف بالروايات المتضاربة والتصالح معها وفي الوقت نفسه إجراء عملية نقد ذاتي. ومن شأن دراسة صادقة في المجتمعين أن تولد التفاؤل بشأن المستقبل. ففي النهاية، يريد معظم الإسرائيليين والفلسطينيين أن يتمتع أبناؤهم بحياة طبيعية، على الرغم من أنهم رهينة لأقلية صاخبة وعنيفة.
وفي هذا الإطار، تبرز الحاجة أيضاً إلى قادة شجعان يتمتعون بالبصيرة. فاليوم يقف العديد من القادة أو المواطنين متفرجين أو يكونون محرضين في بعض الأحيان. ففي آذار/مارس 2014، وبعد عودتي من رحلة إلى أوشفيتز مع مجموعة من الطلاب الفلسطينيين، وقفت مجتمعاتنا المحلية ووقف زملاؤنا في الجامعة صامتين أمام الصخب الذي أحدثه المحرضون. فلقد نشرت تسع جماعات طلابية فلسطينية في "جامعة القدس"، بما فيها "حركة «فتح»"، بياناً بعنوان "التطبيع خيانة"، وبدلاً من الدفاع عن الحرية الأكاديمية، وافقت الجامعة على استقالتي. وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد قال لزعماء يهود إن المحرقة كانت "جريمة بشعة"، لكنه لم يلتقِ قط الطلاب الذين زاروا معسكرات الاعتقال النازية للتشديد على هذه الرسالة أو الدفاع عنها ضد أولئك الذين يعتبرونها خيانة. فالقادة بحاجة إلى إيصال نفس الرسالة إلى جمهورهم كتلك التي يوصلونها في الخارج.
ومن الملاحظ هنا أن الطلاب الذين زاروا أوشفيتز لم يصبحوا أقل قومية، لا بل أكثر إنسانية. وعلى الرغم من الرفض الذي واجهوه من جيرانهم، أظهر العديد منهم الشجاعة الأخلاقية من خلال الدفاع عن الزيارة وتبادل خبراتهم على الصعيدين الإقليمي والعالمي. إذ يمكن للتعاطف أن يتصدى لدائرة العداء. من هنا فإن البيانات، مثل ذلك الذي أدلى به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً عن دور مفتي القدس في المحرقة والذي يشوه التاريخ وينكر إنسانية الجانب الآخر، لا تؤدي سوى إلى تعزيز حلقة العداء بين الطرفين.
أعد هذا الملخص پاتريك شميت.
محمد الدجاني هو زميل "ويستون" في معهد واشنطن ومؤسس "حركة «الوسطية»" للإسلام المعتدل. وكان أستاذ سابق في العلوم السياسية في "جامعة القدس" ومؤسس برنامج الدراسات الأمريكية في الجامعة، وقد كتب كثيراً عن الثقافة والسياسة العربية، من بينها إفتتاحية مع الدكتور ساتلوف في صحيفة "انترناشونال هيرالد تريبيون" عام 2011 بعنوان، "لماذا ينبغي على الفلسطينيين أن يدرسوا عن المحرقة ".
روبرت ساتلوف هو المدير التنفيذي للمعهد ومؤلف كتاب "من بين الصالحين: قصص مفقودة عن وصول اليد الطويلة للهولوكوست إلى البلاد العربية" (2006). وفي عام 2010، عُرضت النسخة السينمائية الوثائقية للكتاب التي تحمل نفس الإسم من على شبكة "پي. بي. إس" في جميع أنحاء العالم باللغات العربية والفرنسية والألمانية.