لطالما كان الكعبي الرجل المختار لإيران في "المقاومة" العراقية، وبدا خطابه الأخير كمحاولة للسيطرة على الرسائل العامة للميليشيات
في التاسع من كانون الأول/ديسمبر 2021، ألقى مؤسس "حركة حزب الله النجباء" أكرم الكعبي خطاباً متلفزاً في ظل خلفية أعلام لجماعات واجهة ناشطة، تتمثل (من اليسار إلى اليمين، باستثناء علميْ "حركة النجباء" والعراق):
"لواء ثورة العشرين". علامة واجهة نائمة يمكن تفعيلها.
"رجال الله". تبنّت هذه الجماعة هجوماً صاروخياً أُطلق فيه ما لا يقل عن 3 صواريخ سقطت في محيط "مطار بغداد الدولي" في 22 نيسان/أبريل 2021. وكان هذا الهجوم واحداً من آخر الهجمات الصاروخية التي تبنّتها أيضاً جماعة واجهة (حيث لم تتبنَّ أي جهة معظم الهجمات بنيران غير مباشرة منذ صيف 2021). يمكن الاطلاع على تقريرنا هنا.
"أصحاب الكهف". إحدى أبرز جماعات الواجهة، والأكثر نشاطاً اعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2021. وغالباً ما تتبنى هذه الجماعة هجمات بالقنابل المزروعة على جانب الطرق التي تستهدف شاحنات مدنية يُدّعى أنها تزوّد القوات الأمريكية بالإمدادات. ومع ذلك، زعمت جماعة "أصحاب الكهف" أنها أطلقت خمسة صواريخ على "يسود همعلا"، وهو موقع قريب من مرتفعات الجولان، في أيار/مايو 2021. وتم نشر تبني هذا الهجوم على قنوات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لـ"المقاومة" في 14 أيار/مايو، وبعدها سرعان ما تمّ سحب تلك النشرة لتعود وتُنشر من قبل جماعة أخرى تُعرف بنشرها المكثَّف للمحتوى الصادر عن "أصحاب الكهف"، مما يؤكد أن البيان يعود إلى هذه الأخيرة. يمكن الاطلاع على تقريرنا عبر النقر على هذا الرابط. ورأت سابقاً "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن "أصحاب الكهف" وثيقة الصلة بـ "عصائب أهل الحق"، بناءً على تقارب قناتها العلنية مع هذه الأخيرة ومع قائدها قيس الخزعلي. اطّلع على اللمحة العامة عن "أصحاب الكهف" على الرابط التالي.
"المقاومة الدولية". جماعة واجهة برزت في كانون الثاني/يناير 2021 (انظر هنا) وركزت بشكل أساسي على تبني الهجمات بالعبوات الناسفة على جانب الطريق التي تستهدف قوافل الشاحنات. وتُظهر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي تقارباً وثيقاً مع "حركة النجباء".
"لواء الثائرين". جماعة واجهة صغيرة برزت في تموز/يوليو 2021. وفي 23 تموز/يوليو، تبنّت هجوماً بطائرات مسيرة على قاعدة تابعة للتحالف في محافظة إربيل في كردستان. وكان هذا الهجوم إحدى الهجمات الأخيرة بالطائرات المسيرة التي تبنتها أيضاً جماعة واجهة (وعلى غرار الهجمات الصاروخية، ازدادت الهجمات بالطائرات المسيرة التي لا يتم تبنّيها منذ تموز/يوليو 2021).
"لواء ثأر المهندس". جماعة واجهة ثانوية برزت للمرة الأولى في 21 أيار/مايو 2020 مدعية أنها استهدفت القوات الأمريكية في مطار بغداد بأربعة صواريخ "كاتيوشا" في السادس من أيار/مايو من ذلك العام، واستهدفت مروحيات أمريكية من طراز "شينوك" في بغداد بواسطة صاروخين في 17 نيسان/أبريل 2020. وبعد فترة من الهدوء، عادت لتبرز في 7 تموز/يوليو 2021. ونشر "لواء ثأر المهندس" على حسابه الجديد: "إن الجيش الأمريكي هو الذي سيدفع ثمن أرواح الشهداء". وجاء هذا المنشور بعد عشرين دقيقة من إطلاق 12 صاروخاً على "قاعدة الأسد الجوية" خلال أسبوع من التصعيد ضد التحالف. وشكّل هذا المنشور أحد الاعترافات الأولى للميليشيا بوقوع الهجوم. وبعد 56 دقيقة من الهجوم، أصدرت قناة "لواء ثأر المهندس" بياناً تتبنى فيه مسؤولية الضربة وتدعي أنها أطلقت 30 صاروخاً، مشيرةً إلى التوقيت الدقيق لإطلاقها. وأعادت الحسابات والقنوات المختلفة المرتبطة بـ"عصائب أهل الحق" و"النجباء" نشر هذا التبني. اطّلع على اللمحة العامة عن الجماعة على الرابط التالي.
"لواء القاسم". علامة واجهة نائمة يمكن تفعيلها.
"التشكيل الولائي". علامة واجهة نائمة يمكن تفعيلها.
من خلال الظهور العلني لـ "حركة حزب الله النجباء" إلى جانب رموز عدد من الجماعات الواجهة، شكّلت "الحركة" وأكرم الكعبي استثناء عن القاعدة السابقة التي انطوت على استخدام الجماعات للتعتيم على المسؤولية المباشرة عن الهجمات. وفي حين توقّفت عملية تبني الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار إلى حد كبير (حيث أثنت عليها وسائل إعلام "المقاومة" - من دون نسبها إلى أي جماعة)، تستمر "أصحاب الكهف" في إعلان مسؤوليتها عن الهجمات على القوافل.
ومن وجهة النظر الأولية لـ "الأضواء الكاشفة للميليشيات"، هناك عدد من الملاحظات الفورية البارزة من الخطاب:
1. يحاول أكرم الكعبي وإيران إعادة تطبيق السيطرة المركزية. لم يدّعِ الكعبي أنه يتحدث باسم "الهيئة التنسيقية للمقاومة في العراق" ("التنسيقية") التي تنضوي تحت لوائها "حركة النجباء"، ولكنه مع ذلك قدّم مؤشرات واضحة على أنه يقود جماعات الواجهة أو يتحدث باسمها. وفي الوقت الذي تخفق فيه أبرز وكيلتان لإيران (كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق")، سواء في الانتخابات أو في الهجمات على غرار محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في 7 تشرين الثاني/نوفمبر، فليس من المفاجئ عدم ظهور رايتيْهما إلى جانب أكرم الكعبي. وفي الأسابيع الأخيرة، بدا أن شركاء إيران الأكثر موثوقية - مثل "كتائب سيد الشهداء" - يعودون إلى الواجهة في المؤسسات التي تدعمها إيران مثل "صابرين نيوز". ولم يظهر أيضاً علم "قاصم الجبارين"، جماعة الواجهة المرتبطة بـ"كتائب حزب الله"، الأمر الذي ربما يشير إلى أن هذه العلامة دخلت في فترة ركود. (لاحظت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" وقف تبني "قاصم الجبارين" مسؤولية الهجمات على القوافل منذ آب/أغسطس).
2. الكعبي راضٍ عن ربط "النجباء" بجماعات الواجهة. لعب أكرم الكعبي دوراً فريداً منذ كانون الثاني/يناير 2020 حين ذهب إلى إيران وحظي بمعاملة أفضل من جميع قادة "المقاومة" الآخرين في أعقاب مقتل قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس. ويمثل خطابه المرة الأولى التي يربط فيها قائد أحد الفصائل نفسه بجماعات الواجهة، مما يؤكد المكانة الخاصة للكعبي وحصانته النسبية، كونه غير موجود فعلياً في العراق وليس لديه طموح على ما يبدو للاضطلاع بدور علني وصريح سواء في مجلس النواب العراقي أو قوات الأمن في العراق، بخلاف معظم قادة "المقاومة" الآخرين.
3. يشير الخطاب إلى أن "المقاومة" تستعد لاستئناف الأعمال العدائية ضد الولايات المتحدة في العراق. تضمَّن خطاب الكعبي عدة تهديدات ضد الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن "الوسائل السياسية والحديث عن المفاوضات والحوار السياسي أثبتا فشلهما. كما ثبت أنها وسائل غير مجدية وأن اللغة التي يفهمها الأمريكيون ليست سوى سلاح «المقاومة» وفوهة البندقية". وقال أيضاً "نحن اليوم مستعدون كما كنا بعد عام 2003 لمقاومة الاحتلال الأمريكي من تحت الأرض، وقد تعهدنا لمقاتلي «المقاومة» بأننا سنثأر لدماء الشهيدين أبو مهدي المهندس والحاج قاسم سليماني، إلى جانب بقية الشهداء".
ومن النادر نسبياً أن يدلي الكعبي بتصريحات علنية كهذه، ولذلك فقد دعم موثوقيته ودوره القيادي في استمرار المقاومة الحركية. وقد يشير بيان الكعبي إلى الدعم الإيراني المتزايد للنشاط الحركي لـ "المقاومة" في العراق في عام 2022، أو قد يمثل ببساطة الالتزام الثابت الضروري بالمقاومة المتوقع من أي شخص يحاول السيطرة على قيادة "المقاومة". وربما تجدر الإشارة إلى أن الكعبي لم يحدد مهلة نهائية من أي نوع، مما يعكس التصريحات الأخيرة لوكيل آخر لإيران، هو أبو ألاء الولائي، حول السماح بمرور رأس السنة بسلام. وقد يكون الكعبي والولائي قد خففا من حدة ما تمّ إعلانه سابقاً في 19 تشرين الثاني/نومفبر حين أعلنت "التنسيقية" أننا "سنكون جاهزين لطرد الاحتلال حالما تحين اللحظة، وتنتهي المهلة النهائية بعد منتصف ليل 31/12/2021". ومنذ صدور هذا البيان، بدأت القنوات الإعلامية لـ"المقاومة" بالعدّ التنازلي لنهاية وقف إطلاق النار في 31 كانون الأول/ديسمبر.