- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 4027
ما بين إسرائيل وتركيا: التداعيات على سوريا الجديدة (الجزء الأول).
توضح مديرة مكتب إعلامي إقليمي كيف تُسهم التوغلات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة في سوريا في تعقيد الجهود الرامية إلى استقرار البلاد، ولماذا تُعد المساعدة الخارجية متعددة الأطراف أمراً ضرورياً.
في التاسع من نيسان/أبريل، عقد معهد واشنطن منتدى سياسي افتراضي من جزأين. وشاركت في الجلسة الأولى مايا جبيلي، مديرة مكتب رويترز في لبنان وسوريا والأردن، ومقرها بيروت. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتها؛ وسيتم نشر ملخص الجلسة الثانية بشكل منفصل. وفيما يلي ملخص للجلسة الثانية مع سونر چاغاپتاي وأساف أوريون.
تتزايد التباينات بين مواقف إسرائيل وتركيا وأهدافهما في سوريا. فتركيا ترغب في رؤية سوريا مستقرة وموحدة، وتركز على نجاح المشروع السياسي الجديد الذي يتبلور في "ظل هيئة تحرير الشام"، وهي الجماعة التي تزعمت حملة الإطاحة بنظام الأسد. وفي الوقت الذي تسعى فيه أنقرة إلى تعميق التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري مع دمشق، تواصل إسرائيل تكثيف توغلاتها العسكرية عبر الحدود، وقد صرحت سلطاتها بأنها تسعى إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح داخل سوريا.
وقد حاول الرئيس المؤقت أحمد الشرع إيصال رسالة لإسرائيل مفادها أن سوريا لا تُشكّل تهديداً أمنياً، وطلب من حلفاء دمشق نقل هذه الرسالة. كما سعى أيضاً إلى الاستفادة من القانون الدولي، داعياً إسرائيل إلى احترام الحدود السورية بموجب اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، وطلب من دولة قطر التوسط في تلك القضية. ومع ذلك، استمرت الغارات والتوغلات الإسرائيلية، مما أثار غضباً وخوفاً لدى الشعب السوري، الذي يرى في ذلك عملاً عسكرياً غير مبرر. ومن جهتها، تُصر إسرائيل على أن تحركاتها دفاعية بالدرجة الأولى، مشيرة إلى حاجتها، في ظل بيئة ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، إلى إقامة مناطق عازلة تحميها من الهجمات عبر الحدود. غير أن السوريين يسعون إلى إعطاء الأولوية للتحركات التي تحفظ وحدة بلدهم، بدلاً من تلك التي تهدد وحدة أراضيه.
وفي الواقع، يواجه الشرع العديد من التحديات التي يتعين عليه التعامل معها قبل أن يتمكن من تحقيق الاستقرار الكامل في سوريا، حيث يُفاقم الوجود العسكري الإسرائيلي المستمر من تعقيد هذه القضايا الحساسة. فمن جهة، لا يزال الشرع يسعى إلى تعزيز سلطته على مختلف الجهات الفاعلة في أنحاء البلاد. وقد بدا عجزه عن فرض السيطرة الكاملة على الفصائل المسلحة جلياً مؤخراً، خلال موجة من أعمال القتل الانتقامي التي استهدفت العلويين في المنطقة الساحلية. ويدرك الشرع المخاطر المرتبطة بخطته، فرغم استمرار المفاوضات، إلا أن المحاولات السابقة لتأسيس حركة وطنية موحدة تحل محل نظام الأسد باءت جميعها بالفشل.
وعلى هذا النحو، يرى العديد من السوريين ضرورة إشراك دول أخرى في عملية دعم الاستقرار في البلاد، مؤكدين الحاجة إلى دعم خليجي موحد. ومن وجهة نظرهم، فإن إعادة بناء سوريا لا يمكن أن تتحقق إذا أُلقي العبء على عاتق دولة واحدة فقط - سواء كانت تركيا أو قطر أو غيرهما - لتتحمل بمفردها تحديات مرحلة ما بعد الأسد. وبدلاً من ذلك، يمكن أن تتوزع الأدوار بين دول مختلفة، بحيث تضطلع كل منها بمسؤوليات أمنية أو اقتصادية متباينة.
وعلى المستوى الدولي، تشهد العلاقات العسكرية بين سوريا وروسيا تطوراً ملحوظاً، ويبدو أن موسكو ماضية في الحفاظ على وجودها العسكري هناك، رغم الغموض الذي يكتنف طبيعة هذه العلاقة الدفاعية وتعقيداتها.
في المقابل، فإن تقييم السياسة الأمريكية تجاه سوريا يبدو أكثر تعقيداً. فقد أعطى تصريح الرئيس ترامب باستعداد إدارته للوساطة بين تركيا وإسرائيل انطباعاً لدى السوريين بأن الولايات المتحدة قد تضطلع بدور أكبر في مستقبل بلادهم.
إلا أن المواقف في واشنطن ما تزال منقسمة بين من ينظر إلى الشرع باعتباره جهادياً سابقاً يجب التعامل معه بحذر، وبين من يرى فيه شريكاً محتملاً لتعزيز الاستقرار الإقليمي. وقد نشرت وزارة الخارجية الأمريكية قائمة بالمعايير التي يتعين على دمشق الالتزام بها قبل أن تتمكن واشنطن من رفع العقوبات المفروضة على البلاد منذ عهد الأسد. وحتى ذلك الحين، تُشكل العقوبات الأمريكية عقبة كبيرة أمام جهود إعادة بناء الاقتصاد السوري.
أعدت هذا الملخص "رينا جابر". أصبحت سلسلة منتدى السياسات ممكنة بفضل سخاء "عائلة فلورنس" و "روبرت كوفمان".