- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
ما يُمكن توقعه من "منتدى التعاون الصيني العربي" في دورته الأخيرة؟
من المرجح أن يركز الحضور في "منتدى التعاون الصيني العربي" على أزمة غزة ويعلن عن اتفاقيات تعاون جديدة، إلا أن أهمية هذه الاجتماعات تكمن بشكل خاص في ما يمكن أن تكشفه عن حدود النفوذ الصيني في الشرق الأوسط.
تستضيف بكين هذا الأسبوع ممثلين رفيعي المستوى من عدة دول عربية لحضور اجتماع آخر لـ "منتدى التعاون الصيني العربي" (CASCF)، بمناسبة مرور عشرين عاماً على انعقاد هذا الحدث للمرة الأولى في القاهرة. ومن المتوقع أن يلقي الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة افتتاحية أمام جمهور من وزراء الخارجية العرب وغيرهم من كبار المسؤولين، بما في ذلك رؤساء دول البحرين ومصر وتونس والإمارات العربية المتحدة. (تجدر الإشارة إلى أن دولة الإمارات لم ترسل أي ممثلين إلى المنتدى السابق - وهو اجتماع عُقد في كانون الأول/ديسمبر 2022 في المملكة العربية السعودية - على الرغم من الحضور البارز لشي في ذلك المنتدى، إلّا أن الزعيم الإماراتي محمد بن زايد سيحضر مؤتمر بكين).
ومن المرجح أن تشغل حرب غزة حيزاً مهماً من المناقشات العامة. فقد أشار نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي إلى أن المسؤولين سيكررون دعوات بكين القائمة منذ وقت طويل لوقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية ومنع امتداد النزاعات. ومن المتوقع أيضاً أن يركز المشاركون على مجالات تعزيز التعاون العربي الصيني (مثل الطاقة النظيفة والتكنولوجيا).
ويُعد "منتدى التعاون الصيني العربي" الأداة الرئيسية للصين للتواصل متعدد الأطراف مع العالم العربي. فهو يشمل جميع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية البالغ عددها اثني وعشرين دولة، ويجتمع كل عامين، بالتناوب بين الشرق الأوسط والصين، لمناقشة القضايا الإقليمية وفرص تعزيز التعاون. على سبيل المثال، تُوج منتديا 2020 و 2022 باتفاقيات تعاون بشأن أمن الطاقة، وتطوير البنية التحتية، وتبادل التكنولوجيا، والابتكار الأخضر. وتميز منتدى عام 2022 بشكل خاص بتركيزه المتزايد على الطاقة المتجددة وأبحاث السيارات وتنمية السياحة. وفي أعقاب ذلك الاجتماع، أشادت وسائل الإعلام الرسمية الصينية بزيارة شي إلى الرياض وجولته الأوسع في الشرق الأوسط، حيث اعتبرتها نجاحاً ساحقاً، ووصفتها بأنها "أعلى مستوى من العمل الدبلوماسي مع العالم العربي منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية".
وبعد ثلاثة أشهر، فاجأت بكين العديد من المراقبين بإعلانها أنها قد توسطت في اتفاق لاستعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، وهو اتفاق لا يزال قائماً إلى حد كبير حتى اليوم. وكان هذا التقارب أول إنجاز دبلوماسي كبير للصين في الشرق الأوسط، حيث لا تزال بكين تهلل له. لكن إلقاء نظرة فاحصة على الاتفاق يكشف عن سطحية الدبلوماسية الصينية في المنطقة، كونها لا تعالج المخاوف العربية الأساسية بشأن إيران (مثل البرنامج النووي)، بل تنشئ ببساطة آلية تواصل علنية بين الحكومتين السعودية والإيرانية. وفي الوقت نفسه، تواصل الصين تشجيع سلوك إيران المزعزع للاستقرار من خلال مشتريات النفط غير المشروعة وتأمين أوجه مختلفة من الغطاء الدبلوماسي، بدءاً من الدفاع الصريح عن الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل في الشهر الماضي، ووصولاً إلى حماية النظام الإيراني من المساءلة في مجلس الأمن الدولي.
وبناءً على ذلك، ينبغي على واشنطن تذكير شركائها بأن قمم "منتدى التعاون الصيني العربي" تُظهر حدود النفوذ الصيني في الشرق الأوسط، وليس نقاط قوته. فقد شملت أحدث إجراءات بكين في المنطقة دعم إيران بشكل فعال، واستضافة قادة "حماس"، وحماية سفنها فقط ضد التهديدات البحرية الحوثية، حتى في الوقت الذي تُعرّض فيه دول أخرى قواتها العسكرية للخطر لمواجهة هذه الهجمات بشكل مشترك وحماية الممرات المائية الإقليمية. وهذه ليست إجراءات قوة عالمية ملتزمة بتعزيز المصالح الجماعية للعالم العربي. وفي ظل التصريحات الجريئة التي ستنبثق عن اجتماع بكين هذا الأسبوع، بإمكان واشنطن تقديم خطاب مضاد مفيد من خلال الإشارة إلى مخاطر تعزيز التعاون وحدود استعداد الصين للتدخل بشكل هادف في الشؤون الإقليمية.
ريبيكا ريدليتش هي مساعدة باحثة في معهد واشنطن في "برنامج مؤسسة دايين وغيلفورد غليزر حول منافسة القوى العظمى والشرق الأوسط".