- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
قائد إماراتي يزور قطر: خطوة تقدمية ولكنها ليست إنجازاً هاماً
تعكس زيارة رئيس الإمارات إلى الدوحة التي تخللتها لقاء زعيم من حركة "طالبان" والرئيس الإسرائيلي، مدى نطاق الدبلوماسية الإماراتية وتنوعها.
في الخامس من كانون الأول/ديسمبر، توجّه رئيس الإمارات محمد بن زايد إلى قطر في غمرة الأضواء المسلّطة على كأس العالم الذي تستضيفه هذه الأخيرة، في زيارة قصيرة وصفها مستشاره بأنها "خطوة أخرى نحو تقوية التضامن بين دول الخليج وتعزيز العمل المشترك". يُذكر أنه منذ عام 2017، شابت العلاقات بين البلدين موجة من التوترات التاريخية والسياسية على حدّ سواء، مع انضمام أبوظبي سابقاً إلى السعودية والبحرين ومصر في فرض حظر دبلوماسي وتجاري دام حوالي أربع سنوات على قطر. وعلى الرغم من رفع الحظر رسمياً في كانون الثاني/يناير 2021، إلا أن المسؤولين الإماراتيين بقوا متحفظين تجاه قطر حتى الآن. وحتى في الآونة الأخيرة مع حفل افتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم في 20 تشرين الثاني/نوفمبر، كان محمد بن زايد غائباً بشكل ملحوظ على الرغم من حضور الزعيم السعودي الفعلي محمد بن سلمان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ومع ذلك، يبدو أن الزيارة في 5 كانون الأول/ديسمبر هي إسلوب محمد بن زايد للإقرار بأن الوقائع المتغيرة تستلزم تحولات في السياسة. ونقلت وسائل الإعلام الحكومية الإماراتية قوله إن استضافة قطر لكأس العالم هي "نجاح وفخر لجميع" دول الخليج والعالم العربي الأوسع نطاقاً. وعلى الرغم من الخلافات الكثيرة والمخاوف بشأن حقوق الإنسان التي أحاطت بالتحضيرات للحدث، إلّا أن التغطية التلفزيونية للمباريات جذبت الملايين في جميع أنحاء العالم، حيث تلقت الدوحة إشادة رفيعة المستوى لتعاملها مع اللوجيستيات المحلية بشكل جيد (على سبيل المثال، غرد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك في 4 كانون الأول/ديسمبر)، "نهنئ قطر على استضافتها كأس العالم الرائع حتى الآن").
ويمكن أن تكون الدبلوماسية الإماراتية متعددة الأوجه ومربكة بالنسبة للآخرين من خارج المنطقة. ففي الرابع من كانون الأول/ديسمبر، استضاف محمد بن زايد القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني - مسؤول طالبان الملا يعقوب، نجل زعيم التنظيم السابق سيئ السمعة الملا عمر - لإجراء محادثات حول تعزيز العلاقات بين البلدين. كما فازت شركة إماراتية مؤخراً على شركات قطرية وتركية ووقعت على عقد لإدارة مطارات أفغانستان.
وفي أعقاب زيارته الخاطفة إلى الدوحة، عاد رئيس الإمارات إلى بلاده وأجرى محادثات غير رسمية مع نظيره الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ. وناقش الرئيسان المساعي الرامية إلى تعزيز اتفاق التطبيع الموقع بين البلدين في عام 2020، من جملة أمور أخرى، حيث صرّح هرتسوغ قائلاً: "إن اتفاقات إبراهيم هي [مسألة] إجماع وطني في إسرائيل على كافة جوانب الطيف السياسي... و[الآن]، علينا الارتقاء إلى مستويات أعلى".
كما لقي هرتسوغ ترحيباً حاراً خلال زيارته التاريخية للبحرين قبل يوم من زيارته للإمارات، حيث التقى بالعاهل البحريني وقادة الجالية اليهودية الصغيرة في الجزيرة. ولكن بخلاف الإمارات، لم تتخلَ البحرين عن موقفها المتحفظ إزاء قطر. فعلى سبيل المثال، لم تسمح بعد بالرحلات المباشرة إلى الدوحة، لذلك لم تستفد من مشجعي كرة القدم الذين ربما كانوا سيمكثون في فنادقها ويسافرون إلى الدوحة لحضور المباريات، كما فعل الكثيرون من مدينة دبي الإماراتية. وسيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كانت رحلة محمد بن زايد إلى قطر ستُحفّز أي تحول في سياسة البحرين.
وبالنسبة لواشنطن، ستدعم زيارة محمد بن زايد مساعيها الدبلوماسية المتواصلة لتحسين العلاقات مع الشركاء العرب الخليجيين وفيما بينهم. وكانت إحدى أولوياتها تحسين شبكة الرادارات والدفاعات الجوية التي توفر الحماية لهذه الدول من إيران، جاراتها العدائية عبر الخليج. ومن المحتمل أن تُسهل الجولة الأخيرة من الدبلوماسية هذه المهمة. ولكن بشكل عام، تبدو الأحداث الأخيرة وكأنها تشكل تقدماً أكثر من كونها إنجازاً هاماً.
سايمون هندرسون هو "زميل بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.