قيس الخزعلي يطالب بإقالة فالح الفياض من رئاسة الحشد الشعبي
تعمل "عصائب أهل الحق" بجد للحصول على ما سعت إليه منذ فترة طويلة: دور قيادي رفيع داخل "قوات الحشد الشعبي"، وهي فجوة واضحة في محفظتها من مناصب السلطة.
في 15 آذار/مارس، أصدر المسؤول الأمني في ميليشيا "كتائب حزب الله" العراقية أبو علي العسكري بياناً أوضح فيه أن ...... "أما مسألة إبعاد قيادات أو استبدال أخرى [في «قوات الحشد الشعبي»] فيجب ان تُتخذ بقرار من داخل «هيئة الحشد»... والعمل بخلاف ذلك وفي هذا التوقيت غير المناسب يُعَدّ خطأً كبيراً" (الشكل 1).
وجاء هذا التصريح على الأرجح رداً على بيان صادر عن زعيم "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي الذي دعا علناً إلى استبدال رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض. فقد ظهر الخزعلي في "ملتقى الرافدين" في 5 آذار/مارس وأشار إلى أن الوقت قد حان لاستقالة الفياض. وركزت حجته على نقطتين: أولاً، تجاوز الفياض السن القانونية المحددة لمنصبه؛ وثانياً، لا يجوز أن يكون الفياض رئيساً لـ"قوات الحشد الشعبي" وزعيماً لحزب سياسي في الوقت نفسه. ووفقاً للخزعلي، يعتقد "الإطار التنسيقي"، وهو ائتلاف القيادات الشيعية في العراق، أن الفياض يجب أن يتولى منصباً سياسياً وليس دوراً أمنياً، معتبراً أنه يستطيع تولي أي منصب سياسي (مثل نائب الرئيس) "بعد استقالته من منصبه كرئيس «قوات الحشد الشعبي»" (الشكل 2).
وقبل هذه التصريحات التي أدلى بها الخزعلي، وجهت بعض الشخصيات من "عصائب أهل الحق" انتقاداتٍ لاذعةً إلى الفياض عبر التشكيك في نزاهته. ففي الأول من آذار/مارس، تم التقاط صورة للفياض وهو يصافح علي حاتم السليمان، الذي هو زعيم سني لإحدى قبائل الأنبار انضم إلى حركة الاحتجاجات السنية عندما كان نوري المالكي رئيساً للحكومة. وقد اتهمت من تدّعي بأنها "المقاومة" السليمان وغيره من قادة الاحتجاجات بتسهيل استيلاء تنظيم "الدولة الإسلامية" على المناطق العراقية السنية في عام 2014. وفي نيسان/أبريل 2022، عاد السليمان من المنفى إلى بغداد بعد إسقاط تُهَم الإرهاب الموجَّهة ضده - وهي خطوة كان قد تم تنسيقها على ما يبدو من قبل "الإطار التنسيقي" للحد من النفوذ المتزايد لرئيس مجلس النواب آنذاك محمد الحلبوسي.
واستخدمت "عصائب أهل الحق" صورة المصافحة لمهاجمة الفياض. فقد قال حسن سالم، أحد أعضاء كتلة "الصادقون" النيابية التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، في تغريدةٍ نشرها على "تويتر" بتاريخ 2 آذار/مارس: "عندما يقوم رئيس «هيئة الحشد الشعبي» بزيارة علي حاتم السليمان الذي وقف على منصات الفتنة لدعم الإرهاب والمحرّض لإسقاط العملية السياسية ومهاجمة الأجهزة الأمنية، وعلى وجه الخصوص «الحشد الشعبي» [...] فماذا يقدم الفياض من إجابة لعوائل الشهداء؟ وهل يستحق أن يكون رئيساً لحشدنا المقدس؟" (الشكل 3).
وفي 4 آذار/مارس، انتقد نائب آخر من "عصائب أهل الحق"، أحمد الموسوي، الفياض قائلاً: "كنا نعتقد بأنك ستعتذر لذوي الشهداء على الخطيئة التي ارتكبتها وأنت تصافح أحد رؤوس الفتنة". ثم هدد الموسوي الفياض وقال: "سنقوم بتكليفنا الشرعي والقانوني تجاهك" (الشكل 4).
ورداً على هذه الحملة الهجومية التي شنتها "عصائب أهل الحق"، ظهر الفياض على قناة "يو تي في" (UTV) في 3 آذار/مارس ووصف لقاءه مع السليمان بأنه صدفةً، مؤكداً أنه ذهب للقاء زعيم قبلي آخر وصافح السليمان احتراماً للتقاليد القبلية فقط عندما أدرك أنه كان حاضراً في التجمع. إلا أن هذا الجدل لا يتعلق في الواقع بمصافحة السليمان الذي لم يكن ليُسمَح له بالعودة إلى الأنبار في المقام الأول من دون الحصول على الضوء الأخضر من "عصائب أهل الحق" وغيرها من الميليشيات الشيعية الكبرى، بل هو في الحقيقة مسألة تنافُس بين اثنتين من الميليشيات الكبرى في "المقاومة".
من جهة، تعتقد "عصائب أهل الحق" أنها لم تُمنَح الأدوار التي تستحقها داخل "الحشد الشعبي"، وتريد الآن توجيه عملية استبدال الفياض في نهاية المطاف والتحكم بها. ومن جهةٍ أخرى، تمارس "كتائب حزب الله" القدر الأكبر من النفوذ في "الحشد الشعبي" - لأسباب ليس أقلها أن قائد "كتائب حزب الله" أبو فدك يشغل منصب رئيس أركان "الحشد الشعبي"، أي أنه القائد الفعلي للهيئة. [ويجدر بالذكر] أن "كتائب حزب الله" غير مستعدة لتقاسم نفوذها مع زعيم قوي جديد من "عصائب أهل الحق" ومن مستوى الفياض. وعلى العموم، ليست هذه إلا علامة أخرى على اتخاذ الخزعلي خطواتٍ أكثر عدائيةً ضد "الحرّاس القدماء" في "الإطار التنسيقي"، سواء كانوا من أعضاء "منظمة بدر" أو أشخاصاً مستقلين مثل الفياض.