- تحليل السياسات
- منتدى فكرة
عرض استذكار لديفيد بولوك
كان تفاؤل ديفيد اللامتناهي وحكاياته العميقة والمسلية وتعليقاته المراعية على عمل زملائه سمات تميز بها خلال عمله في معهد واشنطن. ومن المؤكد أن إرشاده سيستمر في إلهام العشرات من المهنيين الشباب الذين عملوا معه والذين سيحافظون على إرثه.
تتميز سيرة ديفيد بولوك المهنية ببحوث قائمة على ثوابت كثيرة تهمه، بما في ذلك الحوار مع شعوب منطقة الشرق الأوسط وبينها، ودعمها لتحظى بمستقبل أفضل، وحب اللغة المشتركة والثقة بقوتها لبناء احترام وتفاهم متبادلين. لقد أثبت ديفيد بولوك بعمله في معهد واشنطن، تمامًا كما فعل في عمله السابق في وزارة الخارجية، قدرته على دمج هذه الاهتمامات مع زمالة عميقة وجدية أكسبته احترام وصداقة الزملاء وصانعي السياسات في واشنطن والمنطقة على حدّ سواء. أصبحت أفكار ديفيد ورؤيته وقيادته السمات التي تميزت بها المشاريع الثلاثة الرئيسية التي نفذها معهد واشنطن خلال توليه منصب مدير مشروع فكرة، وهي منتدى فكرة واستطلاعات الرأي العام لمعهد واشنطن وحضور معهد واشنطن باللغة العربية.
تتميز سيرة ديفيد بولوك المهنية ببحوث قائمة على ثوابت كثيرة تهمه، بما في ذلك الحوار مع شعوب منطقة الشرق الأوسط وبينها، ودعمها لتحظى بمستقبل أفضل، وحب اللغة المشتركة والثقة بقوتها لبناء احترام وتفاهم متبادلين. لقد أثبت ديفيد بولوك بعمله في معهد واشنطن، تمامًا كما فعل في عمله السابق في وزارة الخارجية، قدرته على دمج هذه الاهتمامات مع زمالة عميقة وجدية أكسبته احترام وصداقة الزملاء وصانعي السياسات في واشنطن والمنطقة على حدّ سواء. أصبحت أفكار ديفيد ورؤيته وقيادته السمات التي تميزت بها المشاريع الثلاثة الرئيسية التي نفذها معهد واشنطن خلال توليه منصب مدير مشروع فكرة، وهي منتدى فكرة واستطلاعات الرأي العام لمعهد واشنطن وحضور معهد واشنطن باللغة العربية.
وصل ديفيد بولوك إلى معهد واشنطن محمّلًا بخبرة واسعة في نشر الديمقراطية والرأي العام وبناء الحوار. وسرعان ما تم تكليفه برعاية مشروع نشأ في ذلك الوقت، وهو مدونة ثنائية اللغة مؤيدة للديمقراطية تعرض وجهات نظر الكتّاب حول الأحداث الإقليمية الحالية في المنطقة مع التركيز على وجهات النظر المحلية. كانت بداية منتدى فكرة استشرافية، إذ شددت المقالات القليلة الأولى التي نُشرت على منتدى فكرة على استياء المصريين الشديد من الانتخابات المصرية التي جرت قبل اثني عشر يومًا من اندلاع احتجاجات الربيع العربي في القاهرة. ومع تطور هذه الحركة في المنطقة، بدأ الكتّاب باستخدام هذا المنفذ لتوضيح هذه الفترات التي شهدت عددًا من الانهيارات والفرص.
مع تطور الأحداث في الشرق الأوسط، تطوّر منتدى فكرة تحت قيادة ديفيد بولوك، منذ بدأ يرأس هذه النشرة في العام 2011، ليتحول إلى منصة تتميز بأكثر من 500 مساهم من مختلف أنحاء المنطقة ويتسع نطاق تغطيته ليطال قضايا ملحة في مجالات الحوكمة والاقتصاد والعلاقات الإقليمية، من الجزائر إلى اليمن. أصبح هؤلاء المساهمون غالبًا زملاء وأصدقاء ولذلك لم يصعب عليه إيجاد مستضيفين متحمسين للقائه خلال زياراته المتكررة إلى المنطقة. جسّد منتدى فكرة إيمانه بأهمية تبادل الأفكار، إذ عرض أعمال المزيد والمزيد من الكتّاب الذين كان وصولهم إلى الجماهير المتحدثة بالإنكليزية فقط محدودًا، والذين كانوا يسعون بشكلٍ نشط لتعزيز النقاش البنّاء بشأن قضايا حوكمة رئيسية، من الفدرالية في لبنان إلى الانتخابات في كردستان العراق.
في أوائل تسعينيات القرن الفائت وخلال الفترة التي كان فيها صانعو السياسات الأمريكيون يناقشون فائدة تحديد الرأي العام في العالم العربي، قال ديفيد إنه لا ينبغي تجاهل الرأي العام لمواطني الدول الاستبدادية وإن معرفة رأي السكان في القضايا الحالية - وليس فقط رأي النخبة فى المنطقة - قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إدراكات ورؤى سياسية مفاجئة.
ولتحقيق هذه الغاية، أحضر خبرته في إجراء استطلاعات الرأي العام إلى معهد واشنطن، فقدم أولًا تحليلًا لاستطلاعات الرأي الموجودة، ثم اعتمد على خبرته السابقة في وزارة الخارجية لتطوير برنامج استطلاع في معهد واشنطن. خلال هذه الفترة، وأثناء الزمالات الزائرة السابقة، أصدر ديفيد الكثير من الدراسات حول مخاطر وإمكانيات استطلاعات الرأي العام في العالم العربي، من ضمنها "الشارع العربي"؟ الرأي العام في العالم العربي (1993)، استطلاعات رأي مراوغة: استخدامات وانتهاكات استطلاعات الرأي من الدول العربية (2008)، أمة منقسمة: آراء الفلسطينيين حول موضوع الحرب والسلم مع إسرائيل (2020)، إلى جانب مئات المقالات التي تحلل النقاط المشتركة بين السياسة والرأي العام في الشرق الأوسط.
وفي بداية العام 2010، أشرف ديفيد بولوك على عشرات استطلاعات الرأي لصالح معهد واشنطن والتي شملت مجموعات سكانية من بلاد المشرق إلى دول الخليج وتضمنت اجتماعات شخصية منتظمة مع شركات استطلاع إقليمية لمناقشة التفاصيل المنهجية والتعاون لضمان الحصول على أفضل نتائج استطلاعية ممكنة. ومن خلال هذه الاستطلاعات، تمكن من رصد المواقف بشأن الأحداث الحالية الرئيسية وقضايا السياسة الخارجية ذات الصلة بسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط واستخلص معلومات مفيدة حول تغير الاتجاهات مع مرور الوقت. وقد حذر عمله مرارًا وتكرارًا من عرض أي موقف عام على أنه موقف واحد متراص، لا سيما في البلدان حيث يمكن للمعدلات الوطنية أن تخفي الانقسامات العميقة بين مختلف المجموعات السكانية دون الوطنية.
تم إجراء هذه الاستطلاعات باللغة العربية بالطبع. ونظرًا لأن ديفيد لغوي نهم ولديه اهتمام لا يمكن إشباعه باللغات، يرافقه تواضع يتناقض مع عدد اللغات التي يتحدث بها فعليًا، كثيرًا ما كان يفاجئ الضيوف ويسعدهم من خلال تبادل المجاملات بلغتهم - بما في ذلك لغات الشرق الأوسط التي نادرًا ما تتم دراستها في الولايات المتحدة.
ولكن شكلت اللغة العربية شغفًا خاصًا سرمديًا. لقد قام فريق الموقع العربي تحت قيادة ديفيد بولوك بتطوير الموقع بسرعة ليصبح عبارة عن مجموعة كبيرة من أبحاث الباحثين في معهد واشنطن، وساعد في إنشاء نموذج لموقع المعهد اللاحق باللغة الفارسية. وفي الآونة الأخيرة، أطلق الموقع العربي ترجمة فيديو لأهم المقابلات والمنتجات المرئية التي أجراها معهد واشنطن، ما زاد من التزام معهد واشنطن بتطوير المحتوى العربي.
وتقوم هذه الجهود على إتقان ديفيد للغة العربية وتفانيه في محاورة الكثير من تيارات الفكر السياسي في العالم العربي. ولتحقيق هذه الغاية، أصبح ديفيد بولوك ضيفًا أساسيًا تشاهده جماهير "سكاي نيوز العربية" و"الحدث" و"تلفزيون أورينت" و"دي دبليو العربية" و"العربية" و"الجزيرة" و"الحرة" وغيرها من القنوات العربية، حيث ناقش مجموعة واسعة من المواضيع وساعد في توضيح السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وعبر ظهوره هذا، خاض حوارات مع ضيوف من جميع أنحاء العالم العربي وأحيانًا نقاشات حامية.
ولا يمكن ذكر مساهمات ديفيد بولوك المهمة من دون التطرق إلى وجوده كزميل. كان تفاؤل ديفيد اللامتناهي وحكاياته العميقة والمسلية وتعليقاته المراعية على عمل زملائه سمات تميز بها خلال عمله في معهد واشنطن. كما تولى دور إرشاد الجيل التالي من الباحثين في الشرق الأوسط على محمل الجد، سواء من خلال برنامج مساعدي الباحثين والمتدربين في معهد واشنطن أو من خلال عمله كأستاذ في الكثير من مؤسسات الأبحاث. كان ديفيد بولوك يشجع الباحثين الشباب دائمًا إن أبدوا اهتمامًا في أي من مجالات خبرته أو اقترحوا الكتابة في منتدى فكرة. ومن المؤكد أن هذا الإرشاد سيستمر في إلهام العشرات من المهنيين الشباب الذين عملوا معه والذين سيحافظون على إرثه.