- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
رسالة "يوم المحرقة"، من الاشمئزاز إلى الأمل
Also published in Times of Israel
ألهمت حرب غزة وسائل إعلام عربية متميّزة ورجال دولة بارزين للتوصل إلى أشكال جديدة دنيئة من إنكار المحرقة (الهولوكوست)، لكن أصواتاً أخرى تقدم بصيصاً من الأمل.
في ذكرى "يوم المحرقة" لعام 2024، لدي رسالتان. أولاً، في هذا الوقت الذي يتسم بالصراع المأساوي الرهيب، دعونا نتذكر كيف تقوم الجهات الفاعلة في الشرق الأوسط بتشويه ذكرى المحرقة لأغراض سياسية. لنأخذ على سبيل المثال هذا المقطع الذي بثته "قناة الجزيرة" ويظهر فيه إسرائيلي أحمق يُعبّر عن آراء هامشية ويساوي بين إسرائيل والنازيين ويحث "المحكمة الجنائية الدولية" على إصدار أوامر جنائية بحق قادة إسرائيليين.
وقد ظهر وهو يتظاهر - وبطبيعة الحال هذا أمر لن يُسمح به أبداً في قطر - مع صور حشد كبير من المتظاهرين المناهضين للحكومة، مما يشير بشكل خبيث إلى أن آخرين يشاركونه وجهة نظره المعتوهة. وفي أسفل المقطع نجد ادعاء "قناة الجزيرة" على غرار ما حدث في عام 1984 بـ "الحقيقة والشفافية". ليس من السهل الوصول إلى الثلاثية المتمثلة في إنكار المحرقة، والدعوة السياسية لـ "حماس"، والتضليل السياسي الصارخ، لكن "قناة الجزيرة" أتقنت هذه الصيغة.
بل بإمكان إيجاد هذه النظرة المشوّهة والمقلوبة عن "اليهود النازيين" بين شركاء إسرائيل في السلام. ومن الأمثلة الممتازة على ذلك هذه المقابلة التلفزيونية الصادمة التي أجريت في 22 نيسان/أبريل مع الأمين العام المهذب ورفيع الثقافة لـ "جامعة الدول العربية"، أحمد أبو الغيط، والتي التقطها " معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام" (MEMRIReports).
وفي هذه المقابلة، يقول وزير الخارجية المصري السابق ليس فقط أن إسرائيل، على غرار ألمانيا النازية، فقدت أي حق في الدفاع عن النفس، بل إن الضمير اليهودي احترق مع الهولوكوست، مع المحرقة. ومن الصعب أن نتصور شيئاً أكثر دناءة يقال بشكل أكثر واقعية من قبل مسؤول عربي يتم الترحيب به بانتظام في وزارات الخارجية في العواصم العالمية.
لكن رسالتي الثانية هي رسالة أمل ووعد. هذا هو تذكيري السنوي بأنه في أحلك لحظات التاريخ اليهودي - وربما الإنساني - اتخذ العرب خياراً.
لقد اختار البعض الانضمام إلى الجناة، على سبيل المثال، مساعدة قوات الأمن الخاصة النازية في تونس على التنقل من بيت إلى بيت بحثاً عن اليهود. واختار البعض أن يكونوا متفرجين، ويشاهدون (وغالباً ما يهتفون) بينما يتم تجميع اليهود للعمل القسري.
وبعضهم، على غرار التونسيَيْن الشجاعَيْن اللذيْن تم التغاضي عنهما لفترة طويلة خالد عبد الوهاب و سي علي السكات، واللذيّن اختارا حماية اليهود أو الدفاع عنهم أو إنقاذهم بعد أن واجهوا الاضطهاد والموت المحتمل. إنهما من بين الصالحين - ويقيناً يجب أن يكونا كذلك. (لمعلومات مؤسسة "ياد فاشيم - المركز العالمي البحثي والتعليمي لتخليد ذكرى الهولوكوست".)
وعلى نحو مماثل، هناك اليوم نساء ورجال فلسطينيون شجعان يرفضون، في أعماق الحرب والصراع، الانضمام إلى الحشد الذي محصلته صفر، ويطالبون بدلاً من ذلك بشجاعة بالسلام والتفاهم. لنتخيل لو أن "قناة الجزيرة" وغيرها من وسائل الإعلام الرئيسية ستضخم صوتهم - صوت محمد الدجاني، أو باسم عيد، أو غيرهم من أمثالهم - بدلاً من صوت "اليهود النازيين" البغيضين. لن يكون ذلك بمثابة معجزة على مستوى "الأسد الذي يستلقي إلى جوار الحمل"، ولكنه قريب جداً - ومن المؤكد أنه سيثير الأمل في شرق أوسط جديد حقاً. و"يوم المحرقة" هو يوم مثالي لقليل من الأمل.
روبرت ساتلوف هو "المدير التنفيذي - زمالة سيغال" و "رئيس كرسي «هوارد بي بيركوفيتش» لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط" في معهد واشنطن. وتم نشر هذه المقالة في الأصل على موقع "تايمز أوف إسرائيل".