- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3077
سياسة ثقافية للشراكة العربية -الإسرائيلية
"في 11 شباط/فبراير، خاطب جوزيف براودي وتامارا كوفمان ويتس منتدى سياسي في معهد واشنطن بمناسبة إصدار دراسة براودي بعنوان "الاسترداد: سياسة ثقافية للشراكة العربية -الإسرائيلية". وبراودي هو زميل أقدم في "معهد أبحاث السياسة الخارجية" ومؤسس "مركز اتصالات السلام". وويتس هي زميل أقدم في "مركز سياسة الشرق الأوسط" في "معهد بروكينغز" ونائب مساعد وزير سابق لشؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأمريكية. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاتهما".
جوزيف براودي
تركّز دراسة "الاسترداد" على كيفية تخفيض ثقافة معاداة السامية وسياسة الرفض في البلدان العربية، وتعزيز ثقافة الشراكة مع إسرائيل من خلال إجراء تغييرات إيجابية في رسائل وسائل الإعلام والمدارس والمؤسسات الدينية.
ورغم أن جذور العدائية تجاه اليهود في المنطقة قديمة العهد، إلّا أن العمق الحالي للكراهية يشكّل ظاهرة حديثة، تُعزى جزئياً إلى الإيديولوجيات الغربية المعادية للسامية التي جُلبت إلى المنطقة من قبل السكان المحليين الذين أٌعجبوا بهذه الإيديولوجيات. يُذكر أن عدد اليهود المتأصلين من البلدان الناطقة بالعربية بلغ ذات مرة 900 ألف شخص، وحتى يومنا هذا لا تزال شريحة مناصرة للسامية باقية في البلدان التي فر منها هؤلاء اليهود. وعليه، ثمة تقاليد وقيم قائمة على التسامح لا بدّ من استردادها والبناء عليها.
وتوفر ثلاثة اتجاهات جديدة في المنطقة فرصةً لتحسين الخطاب وتعزيز ثقافة لقيام شراكة عربية-إسرائيلية. أولاً، هناك تقارب سياسي في المصالح بين الدول العربية وإسرائيل، في تطوّر "تنازلي" أسفر عن تحسينات متواضعة في الرسائل الرسمية المتعلقة باليهود وإسرائيل. ثانياً، هناك تنامي في الأصوات الشعبية داخل الدول العربية التي تدعو إلى "سلام بين الشعوب"، في اتجاه "تصاعدي" يركّز بشكل رئيسي على الجيل الشاب. وأخيراً، بدأت الجهات الفاعلة الإسرائيلية واليهودية الأمريكية بتطوير أدواتها الخاصة للاتصال والتوعية لإشراك الجماهير العربية في عملية تنطلق "من الخارج إلى الداخل". وتشمل الدراسة أمثلة على تطبيق محدد ومنفصل لوسائل التواصل الاجتماعي يجمع بين الإسرائيليين والشتات من يهود العراق مع المسلمين والمسيحيين داخل العراق. بالإضافة إلى ذلك، تمّ نشر كتب اُعدِّت من قبل اليهود المنفيين من الدول العربية وتمحورت حولهم، مع ترجمة إلى اللغة العربية، وتم توزيعها محلياً ضمن المنطقة، من بينها كتاب إيلي عمير "المطيرجي" ("مفريح هايونيم" بالعبرية)، المتاح الآن في شوارع بغداد.
وفي بعض الأحيان، تمنح الدول العربية موافقتها على نشر محتوى يُظهر صورة إيجابية عن اليهود أو إسرائيل، من خلال أخذ التصورات الأمريكية في الحسبان، لا سيما في ضوء المخاوف الأخيرة بشأن مستقبل انخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وفي حين يمكن ربط هذه التغييرات بالنفعية السياسية، إلّا أن العديد من الأصوات العامة تعبّر عن نفسها بصدق.
وعلى الرغم من التقدّم المُحرز في الخطاب المتعلق باليهود وإسرائيل، هناك تيارات معاكسة لهذه التطورات الثقافية. وأدى اشتداد المشاعر الطائفية إلى حدوث تحوّلات جديدة في معاداة السامية، على غرار المزاعم في وسائل الإعلام العربية السنّية بأن حلفاً سرياً يجمع بين إيران وإسرائيل. وفي الوقت نفسه، فإن الأصوات الشعبية التي تسعى من أجل السلام تواجه التخويف.
وتدعو الوعود التي تطرحها الفرص المتوفرة اليوم على وجه السرعة إلى [انخراط] الزعامة الأمريكية. فبإمكان الولايات المتحدة - وينبغي عليها - تشجيع حلفائها العرب على تعزيز التغيير ودعم الأفراد المؤيدين لأساليب التفكير الجديدة هذه. ويتطلب تدخل الولايات المتحدة في هذا المجال القيام بأعمال تحضيرية ضخمة، كما لا بدّ من تشكيل فريق متخصص ومتفان للمشاركة في هذا النوع من الأعمال.
ولإسرائيل أيضاً دور رئيسي في تعزيز هذه التحسينات. فقد بدأت إسرائيل عدداً من المبادرات، من بينها مشروع دبلومسية عامة لافت للنظر أطلقه فريق التواصل الرقمي التابع لوزارة الخارجية، عبر صفحتها على "فيسبوك". فضلاً عن ذلك، فمن بين غالبية الشعب اليهودي في إسرائيل المتجذر من الأراضي العربية، برز البعض الذي يدعو إلى الانخراط مع بلدانهم الأصلية. ويمكن لهؤلاء الأفراد أن يكونوا بمثابة سفراء مدنيين، من خلال زيادة الوعي والفهم حول هروبهم القسري وتجريدهم الجماعي، بالإضافة إلى إعادة إحياء ذكرياتهم من فترات التعايش الأفضل والسلام الأهلي.
تمارا كوفمان ويتس
توفر دراسة جوزيف براودي فرصة فريدة لمجتمع السياسة الخارجية من أجل استكشاف العلاقات العربية-الإسرائيلية خارج الحدود التقليدية للسياسة على المستوى المجتمعي. كما يتحدّى البحث وجهة نظر شائعة خاطئة عن العالم العربي باعتباره [كتلة] متجانسة ويسلّط الضوء على الفروق الدقيقة ضمن الديناميكيات الثقافية لفرادي البلدان.
وتبرز ثلاثة أسئلة رئيسية من هذه الدراسة. أولاً، هل أن الديناميكيات المشار إليها في النص هي نتاج اللحظة التاريخية الحالية؟ على سبيل المثال، توسّع الخطاب بشأن إسرائيل واليهود في العالم العربي ما بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر. كيف يمكن التوفيق بين السياق السياسي للخطاب ووجهات النظر الثقافية المتغيرة؟ ثانياً، تدعو هذه الدراسة كلاً من الولايات المتحدة والجالية اليهودية الأمريكية إلى المساعدة في تحقيق هذه الديناميات الثقافية. هل يمكن لأمريكا أن تضطلع الآن بهذا الدور، وكيف ستبدو السياسة المتعلقة بذلك؟ من الناحية التاريخية، كان يمكن إنجاز هذا العمل من خلال "وكالة الإعلام الأمريكية"، ولكن تمّ إغلاق هذه الوكالة في عام 1999. وبالتالي، لا بدّ من تمكين مؤسسة ما وتوكيلها بالمهمة والقدرة المناسبتين من أجل تحقيق هذه الأهداف. وكبديل، يجب أن تظهر إشارة طلب تدفع لاتخاذ خطوات؛ وصحيح أن إشارة الطلب الحالية ضعيفة، لكن ثمة مجال محتمل لتطويرها. ثالثاً، ما هي العلاقة بين التطورات الثقافية والسلطة السياسية، وإلى أي مدى يمكن أن تُنسَب التغييرات التي وصفها براودي في الدراسة إلى الدول العربية التي تسعى إلى إقامة علاقات أقوى مع الولايات المتحدة في ضوء مخاوفها الأمنية؟ إن الإجابات ستوعز على الخطوات التالية في هذه الرواية المتطورة.
أعدت هذا الملخص باسيا روزنباوم.
أمكن تنفيذ سلسلة برامج منتدى السياسات بفضل سخاء "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".