- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
المشاكل المتأججة في منطقة الشيعة الغنية بالنفط تضاعف قلق الرياض
يمثل مقتل ضابط أمن سعودي في الرابع من تموز/يوليو في هجوم بقذائف صاروخية (آر. بي. جي.) وأسفر أيضاً عن إصابة ثلاثة آخرين أحدث تصادم في سلسلة من الاشتباكات الأخيرة في بلدة العوامية - جزء من منطقة القطيف الساحلية - بين قوات الأمن والناشطين الشيعة. وتُعزى الأجواء الحالية على الأقل جزئياً إلى جهود الحكومة لإعادة تطوير جزء قديم من العوامية، من المفترض أن يُحسّن المرافق المحلية ويجعل المنطقة أيضاً أكثر سهولة للشرطة. ولكن السياق الأوسع هو أن الشيعة في العوامية، القريبة من البنية الأساسية لتصدير النفط في المملكة، يشعرون بالتهميش والتمييز ضدهم في المجتمع السعودي، كما أن تعاطفهم تجاه إيران يخيف السلطات السعودية.
وعلى الرغم من الارتكاز على قرون من العداء الديني، إلّا أنّ التوترات الأخيرة تعود إلى أوائل عام 2016، عندما أعدم السعوديون رجل الدين الشيعي نمر النمر، الذي اتُهم بالتحريض. ورداً على ذلك، قام الإيرانيون الغاضبون بنهب السفارة السعودية في طهران، مما أدى إلى قطع العلاقات [الدبلوماسية بين السعودية وإيران]. ومن الأحداث الأخيرة ما يلي:
· في آذار/مارس، قتلت قوات وزارة الداخلية السعودية "إرهابيَيْن" تم تحديدهما بأنهما من أبناء الشيعة وفقاً لإسميهما، كما اعتقلت أربعة آخرين أثناء غارة على مزرعة قالت السلطات بأن لها صلة بالهجمات الإرهابية التي خططت لاستهداف العوامية. وتم ضبط مواد متفجرة ومدافع رشاشة وذخائر.
· في منتصف أيار/مايو، قُتل جندي من القوات الخاصة السعودية وأُصيب خمسة من زملائه بجراح عندما تعرضت دوريتهم لإطلاق النار في المسورة، الذي هو حي في العوامية يتم إعادة تطويره. وأظهرت صورة نُشرت في وسائل الإعلام السعودية ثقباً واضحاً انخرم من جانب سيارة مدرعة بواسطة قذيفة آر. بي. جي.
· في نهاية أيار/مايو، أصيب اثنان من رجال الأمن السعوديين بجروح من جراء انفجار عبوة ناسفة أثناء قيامهما بدورية في جزء من العوامية.
· في مطلع حزيران/يونيو، توفي شيعيان، وُصِفا بأنهما "إرهابيان مطلوبان"، عندما انفجرت سيارتهما الرباعية الدفع بينما كانت تسير في شارع للتسوق في المنطقة. وتوقعت وسائل الإعلام السعودية أن الرَجُلين كانا في طريقهما إلى زرع قنبلة عندما انفجرت قبل موعدها المحدد.
وقبل الحادث الذي وقع في الرابع من تموز/يوليو، أفادت صحيفة "واشنطن بوست" أن ما لا يقل عن ستة من رجال الأمن وستة إرهابيين وعدد من المدنيين قُتلوا حتى الآن هذا العام في مناوشات جرت داخل العوامية وحولها.
وقد يؤدي مستوى العنف إلى بدء حملة قمع سعودية أكثر صرامة أو تصعيداً من قبل نشطاء شيعة في مناطق أخرى، من بينها جزيرة البحرين المجاورة التي تستضيف مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية. وحتى الآن لم يتورط أي من العسكريين أو الدبلوماسيين الأمريكيين في مشاكل قط، ولكنهم سيكونون معرّضين اذا ما استُهدفوا. وتعمل القنصلية في الظهران، على بعد أميال قليلة من العوامية، كسفارة مصغرة. وفي الوقت نفسه، يُفترض أن الأسلحة التي يستخدمها الشيعة السعوديين قد جاءت من إيران أو من جنوب العراق، وهي منطقة شيعية أخرى. وعلى الرغم من أن دعم طهران للشيعة في الدول العربية المحافظة في الخليج هو شفهي أساساً، إلّا أنّه تم اعتراض إمدادات أسلحة ومتفجرات عندما كانت في طريقها إلى الجماعات المسلحة.
ونظراً لأزمة قطر الحالية، يأتي الحادث الأخير في وقت محرج للسعودية. (لم يتم الإبلاغ عن أي صلة لقطر في المشاكل التي تواجهها العوامية). كما أن استمرار وقوع ضحايا بين قوات الأمن السعودية قد تضر بوحدة الروح المعنوية، والتي ربما تكون قد تأثرت سلبياً من خلال إعفاء ولي العهد محمد بن نايف من منصبه الشهر الماضي، والذي شغل أيضاً منصب وزير الداخلية. ويقال إن محمد بن نايف، محتجز في قصره في جدة، بسبب المخاوف من أنه قد يقود المعارضة ضد بديله محمد بن سلمان.
وقد يكون أمراً ذو أهمية عدم مشاركة كل من الملك سلمان ونجله الأمير محمد فى القمة الاقتصادية العالمية لمجموعة العشرين التي ستُعقد فى هامبورغ بألمانيا في 7 و 8 تموز/يوليو. وبدلاً من ذلك يُمثل المملكة وزير مالية سابق، ولا يمثلها حتى الوزير الحالي. وكان من الممكن أن تكون قمة مجموعة العشرين مناسبة ممتازة لمحمد بن سلمان لعرض التقدم الذي أحرزته حتى الآن خطته الاقتصادية «الرؤية 2030» والتي تهدف إلى تحويل اقتصاد المملكة، وإظهار دوره القيادي في المشروع. وسيكون غياب الأمير بن سلمان جلياً في هذه القمة.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، ومؤلف مشارك في مذكرات المعهد السياسية لعام 2017 "إعادة بناء التحالفات ومكافحة التهديدات في الخليج".