- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
وزير الطاقة السعودي المُقال يعود إلى الحكومة
في أيلول/سبتمبر الماضي، بدا أن الخلاف استفحل بين المسؤول السعودي خالد الفالح وطموحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بعد تحفّظ الفالح على طرح أسهم شركة النفط الحكومية السعودية "أرامكو" للاكتتاب الجزئي. وفي غضون تسعة أيام وجد المسؤول المتمرس في قطاع النفط لفترة دامت أربعين عاماً أن وزارته قد جُردت من مسؤولياتها في مجال الصناعة والمعادن، وفقد منصبه كرئيس مجلس إدارة "أرامكو"، وتم فصله من منصب وزير الطاقة.
ومع ذلك، تم تعيين الفالح هذا الأسبوع على رأس وزارة الاستثمار المنشأة حديثاً لتحلّ محل "الهيئة السعودية العامة للاستثمار"، في خطوةٍ تكشف عن صعوبة إيجاد بديل عن خبرة الفالح ومواهبه. وبالفعل ألمح بعض المسؤولين السعوديين إلى أن «رؤية السعودية 2030» قد تمتد لتصبح «رؤية السعودية 2035»، في الوقت الذي تسجّل فيه أسهم "أرامكو" أداءً ضعيفاً منذ تعويمها في كانون الأول/ديسمبر. فقد هبط سعر أسهمها مرة أخرى عند الإغلاق في 25 شباط/فبراير إلى مستوىً أدنى من سعر التداول الأولي الذي بلغ 34 ريال عند طرحه في كانون الأول/ديسمبر، مسجّلاً ارتفاعاً بسيطاً عن سعر 32 ريال، والذي تم تشجيع المواطنين السعوديين على الشراء عنده، من خلال قروض مصرفية خاصة بفوائد متدنية.
والواقع أن تعيين الفالح فاجأ المتابعين لقطاع الطاقة، حيث أن هذا الأخير سيجد نفسه جالساً في الاجتماعات إلى جانب وزير الطاقة الذي حل محله (وهو الأخ غير الشقيق الأكبر لولي العهد، الأمير عبد العزيز بن سلمان) ورئيس مجلس إدارة "أرامكو" (ياسر الرميان الذي يرأس أيضاً "صندوق الاستثمارات العامة" - هيئة الثروة السيادية في المملكة). ومن المعروف أن الأمير عبد العزيز كان مستاءً من العمل تحت قيادة الفالح، ولن يكون الخبير النفطي الوحيد في الجتماعات الوزارة. ويواجه الرميان مشاكله الخاصة - إذ نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في 11 شباط/فبراير مقالاً على صفحتها الرئيسية يتناول العلاقة بين الرميان ومنتجة برامج تلفزيون الواقع السابقة من فلوريدا كارلا ديبيلو، أشار إلى أن بعض المسؤولين في "صندوق الاستثمارات العامة" كانوا مستائين من اهتمامه بالسيدة ديبيلو خلال الفترة الصعبة التي مرّت بها استثمارات الصندوق الرئيسية.
وعلى الرغم من الإعلان عن تعيين الفالح والتغييرات الأخيرة الأخرى باسم الملك سلمان، إلا أنه من الأرجح نسبها إلى ولي العهد والحاكم الفعلي للشؤون اليومية للمملكة. فقد أقيل رئيس "صندوق الاستثمارات العامة" وكذلك وزيرا الإعلام والخدمة المدنية، وأنشئت وزارتان جديدتان للسياحة والرياضة في خطوة تشكل جزءاً مهماً من التغييرات الاجتماعية المرتبطة بـ «رؤية السعودية 2030». ووزير الرياضة الجديد هو بطل سباق السيارات الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، نجل الأمير تركي الفيصل الذي شغل سابقاً منصب رئيس الإستخبارات العامة السعودية، ووصف مؤخراً خطة الرئيس ترامب الجديدة للسلام في الشرق الأوسط بـ"فرانكشتاين العصر الحديث". أما وزير السياحة الجديد فهو أحمد الخطيب، أحد المقربين من ولي العهد.
وفي المرحلة المقبلة، لن يتعين على الفالح المساعدة في الحفاظ على «رؤية السعودية 2030» على المسار الصحيح فحسب، بل عليه أيضاً تمهيد الطريق للفرص التي ستترافق مع استضافة السعودية لقمة "مجموعة العشرين" في تشرين الثاني/نوفمبر. وحتى ذلك الحين، يجب على الفالح أن يتعامل مع الحذر المستمر الذي يبديه المستثمرون الأجانب الناجم عن مقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي عام 2018 واحتجاز رجال الأعمال السعوديين والأمراء الخصوم في فندق "ريتز كارلتون الرياض" خلال الحملة على الفساد عام 2017. وبما أن أسعار النفط كانت منخفضة حتى قبل الوقع الاقتصادي للفيروس التاجي ("كورونا")، الذي وصل الآن إلى الشرق الأوسط، فسوف تكون هناك سياسات محدودة متاحة أمام الفالح للتغلب على هذه العقبات.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير "برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن.