في ذكرى: الدكتور ديفيد بولوك
يتقدم معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بأحر التعازي لعائلة الدكتور ديفيد بولوك، والذي وافته المنية أمس عن عمر73عاماً، بعد معاناة طويلة مع المرض. الدكتور ديفيد، هو خبير دولي مرموق في مجال استطلاعات الرأي العام في الشرق الأوسط، وزميل برنشتاين في معهد واشنطن، ومدير منتدى فكرة لفترة طويلة.
يقول الدكتور، روبرت ساتلوف، "المدير التنفيذي لمعهد واشنطن "زمالة سيغال"، و"رئيس كرسي «هوارد بي بيركوفيتش» لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط: "كان ديفيد باحثا وممارسا متنوع القدرات بشكل ملحوظ، وبحكم عمله كأستاذ، ومسؤول حكومي أمريكي، وخبير في معهد واشنطن، كان له تأثير هائل على السياسة الخارجية للولايات المتحدة". "إن الإرث الذى تركه ديفيد هائل، وسنفتقده كثيرًا كمحلل لامع وزميل كريم وصديق مخلص"، أضاف ساتلوف.
مع حصول ديفيد على درجتي البكالوريوس والدكتوراه من جامعة هارفارد، كانت طبيعة عمله في مجال السياسة مرتبطة بقوة بتدريبه الأكاديمي. وبصفته محاضرًا زائرًا في جامعة هارفارد وأستاذًا مساعدًا في جامعة جورج واشنطن، قام ديفيد بتدريس تاريخ وسياسة الشرق الأوسط لمئات الطلاب الذين تقلدوا وظائف مرموقة في الحكومة والأوساط الأكاديمية فيما بعد.
بدأ ديفيد وظيفته الحكومية في عام 1986 كرئيس لمكتب أبحاث الشرق الأدنى وجنوب آسيا وأفريقيا التابع لوكالة المعلومات الأمريكية، حيث أشرف على استطلاعات الرأي العام التي أجرتها الحكومة، بما في ذلك دراسة مواقف النخبة، والمحتوى الإعلامي عبر الأقاليم الثلاثة. ومن عام 1996 إلى عام 2001، شغل العديد من المناصب الاستشارية الأخرى في مجال السياسات بوزارة الخارجية والتي غطت جنوب آسيا والشرق الأوسط، كما عمل لمدة أربع سنوات كخبير إقليمي ضمن طاقم تخطيط السياسات في الوزارة.
وفي عام 2002، تم تعيين ديفيد كمستشار رفيع المستوى لشؤون الشرق الأوسط الكبير في وزارة الخارجية الامريكية، حيث قدّم استشارات في السياسات المتعلقة بقضايا الديمقراطية والإصلاح في المنطقة مع التركيز بشكل خاص على حقوق المرأة. كما ساهم في إطلاق مبادرة الوزارة تحت عنوان "من أجل الديمقراطية للمرأة العراقية"، بتكلفة 15 مليون دولار، وساعد في تأسيس المجلس الأمريكي الأفغاني للمرأة، الذي يعمل بشكل مباشر مع المناصرين في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.
طوال حياته المهنية في الحكومة، سافر ديفيد بشكل متكرر في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط حيث التقى المسؤولين والمعارضين والمواطنين العاديين. كما كان لغويًا لامعًا، حيث كان يشعر بالارتياح في التحدث مع الناس من جميع الخلفيات من المغرب إلى القدس إلى العراق.
جلب ديفيد هذه الثروة من الخبرة وشبكة الاتصالات الواسعة إلى المعهد في عام 2007 عندما تولى مسؤولية برنامج اللغة العربية في بداية إطلاقه، كما كان رائدًا في مبادرة استطلاعات الرأي العام. أطلق المعهد، تحت إشراف ديفيد، موقعًا إلكترونيًا باللغة العربية وقام بتوسيع منتدى فكرة بشكل كبير، وهو عبارة عن مدونة ثنائية اللغة (الإنجليزية والعربية)، توفر منبرا للكتاب المحليين الذين لا يستطيعون في كثير من الأحيان النشر بشكل علني وبحرية في بلدانهم الأصلية. علاوة على ذلك، يوفر كل من الموقع الإلكتروني العربي ومنتدى فكرة منحة للمتحدثين باللغة العربية الذين قد لا تتيح لهم الفرصة الوصول إلى أبحاث رفيعة المستوى تتعلق بالسياسات.
بصفته رائدًا في مجال استطلاعات الرأي العام في الشرق الأوسط، قام ديفيد بتصميم تلك الاستطلاعات بغرض تقييم الرأي العام في البلدان الناطقة بالعربية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. وغالبًا ما كانت استطلاعاته تُلحق الأسئلة السياسية بدراسات أبحاث السوق العامة حتى لا يشكل محتواها عائقا أمام المستجيبين. علاوة على ذلك، حظيت نتائج تلك الاستطلاعات باهتمام الولايات المتحدة والحكومات الإقليمية في المنطقة على السواء، وكثيرًا ما استشهدت بها وسائل الإعلام الدولية. خلال الشهر الماضي، نُشر أخر استطلاع للرأي أجراه ديفيد حول المواقف السعودية في أعقاب الحرب بين حماس وإسرائيل، في صحيفة نيويورك تايمز، وصحيفة وول ستريت جورنال، وغيرها من المنافذ الإعلامية الرائدة.
كان ديفيد أيضا محاورا مؤثرا يتقن اللغة العربية والعبرية والكردية، وكان ضيفًا متكررًا على كل من وسائل الإعلام في الشرق الأوسط والولايات المتحدة، حيث كان يشرح سياسة الولايات المتحدة تجاه الشرق الأوسط، ويشرح شؤون الشرق الأوسط للجمهور الأمريكي.
"إن ما يتمتع به ديفيد من عمق في التفكير ومواهب فريدة لا يمكن المبالغة فيها". وأضاف ساتلوف: "إن وفاته خسارة لعائلته، وللمعهد، وللمجتمع الواسع من أولئك الذين يسعون بشدة إلى تحقيق شرق أوسط سلمي وديمقراطي".
ستظل ذكرى ديفيد حاضرة في زوجته جودي كيربيش، وابنه ماكس وزوجته ليزلي فراي، وابنته جودي وزوجها أدولفو باترون.
يمكن إرسال التكريمات المكتوبة عبر البريد الإلكتروني إلى editor@fikraforum.org.
Written tributes can be sent via email to editor@fikraforum.org.