خبراء معهد واشنطن يحثون إدارة بايدن على توضيح تداعيات مشاركة «حماس» في انتخابات "السلطة الفلسطينية"
إذا قررت "السلطة الفلسطينية" إجراء الانتخابات بمشاركة «حماس»، فقد يكون لذلك تداعيات مهمة على قدرة الولايات المتحدة على التعامل بشكل بنّاء مع "السلطة الفلسطينية" والنهوض بقضية السلام الفلسطيني الإسرائيلي.
15 آذار/مارس 2021
أقرّ فريق خبراء معهد واشنطن المعني بعملية السلام في الشرق الأوسط البيان التالي المتعلق بسياسة الولايات المتحدة تجاه انتخابات "السلطة الفلسطينية":
إن الانتخابات هي لبنة مهمة في بناء حكومة ديمقراطية، وعلى إدارة بايدن أن ترحب بالخطوات الرامية إلى إجراء انتخابات داخل "السلطة الفلسطينية". ولكن إذا قررت "السلطة الفلسطينية" إجراء الانتخابات بمشاركة حركة «حماس»، فقد يكون لذلك تداعيات مهمة على قدرة الولايات المتحدة على التعامل بشكل بنّاء مع "السلطة الفلسطينية" والنهوض بقضية السلام الفلسطيني الإسرائيلي. وفي حين أن "السلطة الفلسطينية" هي في نهاية المطاف صاحبة القرار بشأن ما إذا كانت ستجري الانتخابات ومتى وكيف ستجريها، إلا أن للولايات المتحدة قيمها وسياساتها وقوانينها الخاصة التي ستحدد استعدادها وحتى قدرتها على التعامل مع "السلطة الفلسطينية" بعد هذه الانتخابات. وحرصاً على تفادي الالتباسات والحسابات الخاطئة، يجب على الولايات المتحدة أن تبلغ قادة "السلطة الفلسطينية" بموقفها حول هذه القضايا بشكل واضح وعلى مستوى رفيع.
في عام 2006، أجرت "السلطة الفلسطينية" انتخابات سُمح فيها لـ «حماس» والتنظيمات التابعة لها بالمشاركة دون استيفاء الشروط المحددة المنصوص عليها في "اتفاقيات أوسلو" وحتى دون نبذ العنف. وفي النهاية، فازت «حماس» والمرشحون التابعون لها في الانتخابات. نتيجةً لذلك، رفضت الولايات المتحدة - انطلاقاً من وفائها لقيمها - التعامل مع "السلطة الفلسطينية" إلى حين تلبية حكومة هذه السلطة شروطاً أساسية تشمل نبذ العنف والاعتراف العلني بإسرائيل والالتزام بالاتفاقات والتفاهمات السابقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وعكست هذه المتطلبات الشروط التي اعتمدها المجتمع الدولي من خلال "اللجنة الرباعية" وتم تكريسها في "قانون مكافحة الإرهاب الفلسطيني" الذي اعتمدته الولايات المتحدة عام 2006. غير أن «حماس» رفضت تلبية هذه الشروط، ونتيجة لذلك تعيّن تقليص العديد من جوانب العلاقات بين الولايات المتحدة و"السلطة الفلسطينية"، بما في ذلك المساعدات، على نحو أضر بأهداف السياسة الأمريكية و"السلطة الفلسطينية" نفسها.
ومن المحتمل أن تسفر الانتخابات المقبلة لـ "السلطة الفلسطينية" عن نتيجة أخرى من شأنها أن تكون خطوة إلى الوراء في العلاقات الأمريكية الفلسطينية، بالنظر إلى أنه يبدو أن «حماس» والتنظيمات التابعة لها ستشارك مجدداً في هذه الانتخابات. وعلى المستوى الأساسي، فإن الانتخابات التي تسفر عن قيام سلطة فلسطينية تضم بين وزرائها ومسؤوليها أشخاصاً غير مستعدين لنبذ العنف والاعتراف بإسرائيل والالتزام بالاتفاقات السابقة، هي انتخابات تتنافى مع الهدف النهائي المتمثل بحل الدولتين. أما من ناحية التأثيرات الفورية، فستؤدي مثل هذه النتيجة إلى تعقيد مسار تحقيق الأهداف التي وضعتها إدارة بايدن. وكان من الحكمة أن تتبنى الإدارة الأمريكية سياسة معاودة التعامل مع "السلطة الفلسطينية"، والتي تشمل استئناف المساعدات في نهاية المطاف والتركيز على إحراز تقدم ملموس على أرض الواقع لصالح الفلسطينيين وإسرائيل. لكن هذه السياسات قد تصبح عرضة للخطر بما أن الولايات المتحدة - من حيث القانون والسياسة - لا تستطيع التعامل مع سلطة فلسطينية لا تلتزم بهذه الشروط.
ليس من شأن أمريكا أن تقرر ما إذا كان ينبغي لـ "السلطة الفلسطينية" إجراء الانتخابات أم لا، فهذا القرار يعود لـ "السلطة الفلسطينية". ومع ذلك، تتحمل الولايات المتحدة المسؤولية بأن توضح لـ "السلطة الفلسطينية" الآن - أي قبل الانتخابات - كيف يمكن لقرار "السلطة الفلسطينية" بشأن المشاركة في الانتخابات أن يعرقل العلاقات الأمريكية الفلسطينية. ولضمان وضوح الأمور، يجب على الولايات المتحدة:
• التوضيح لـ "السلطة الفلسطينية"، على مستوى رفيع بما فيه الكفاية، بأن القانون والسياسة الأمريكية سوف يمنعان تطوير العلاقات، بما في ذلك تقديم المساعدات، مع حكومة "السلطة الفلسطينية" التي تضم مسؤولين من «حماس» أو تابعين لها، ما لم يؤكد هؤلاء المسؤولون بوضوح وبشكل لا لبس فيه، التزامهم بالشروط المحددة أعلاه.
• التشاور مع إسرائيل لضمان أخذ مصالحها في الحسبان وتحقيق التوافق بين المواقف الأمريكية والإسرائيلية.
• التشاور مع الحلفاء العرب، وخصوصاً شركاء السلام أي الأردن ومصر، ومع الأطراف العربية المعنية الأخرى أيضاً، من بينها السعودية والدول العربية التي تربطها بإسرائيل علاقات سلمية.
في عام 2006، فوجئت الولايات المتحدة بنتيجة انتخابات "السلطة الفلسطينية"، ومن جانبها لم تتوقع هذه السلطة رد الفعل الأمريكي. وهذه المرة، مع الاسترشاد بالتاريخ، من المهم أن تدرك "السلطة الفلسطينية" أن الولايات المتحدة سترفض التعامل مع حكومة تعجز عن مطالبة مسؤوليها بنبذ العنف والالتزام بالحل السلمي للنزاع. إن مبدأ "الاقتراع أو الرصاص" - وليس "الاقتراع والرصاص" - هو ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الأمريكية. ولا ينبغي لواشنطن أن تجازف بفشل "السلطة الفلسطينية" في تقدير التداعيات المحتملة لأفعالها. من هنا فإن توضيح القوانين والسياسات الأمريكية الراسخة الآن قد يساهم في تجنب تكرار عام 2006 في عام 2021.