- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
إدارة الانقطاع بين الولايات المتحدة ودول الخليج في كامب ديفيد
من المقرر أن يصل الى واشنطن قريباً وليا عهد المملكة العربية السعودية والبحرين للاجتماع مع الرئيس الأمريكي أوباما وقادة آخرين من دول «مجلس التعاون الخليجي». وسوف تتناول الاجتماعات التي ستنعقد في البيت الأبيض وكامب ديفيد في 13-14 أيار/مايو، التعاون الأمني بين الولايات المتحدة ودول «مجلس التعاون الخليجي» في أعقاب المعالم التي أُعلنت مؤخراً عن صفقة نووية مع إيران. وربما يعكس غياب ملكي السعودية والبحرين، عدم رضا الملك سلمان من نتائج المناقشات التي جرت الأسبوع الماضي بين الولايات المتحدة ومسؤولين من دول الخليج، في الرياض وباريس. إلّا إن القضية الأكثر جوهرية هي وجود وجهات نظر مختلفة للبيت الأبيض ولمعظم عواصم دول «مجلس التعاون الخليجي» حول الإطار النووي الإيراني وتداعياته على الشرق الأوسط.
يشعر معظم قادة دول «مجلس التعاون الخليجي» بالقلق على وجه الخصوص، من أن تخفيف العقوبات والنهاية المفترضة لحالة العزلة الإيرانية سوف تشجع طهران على زيادة دعمها للجماعات الشيعية المسلحة في الدول العربية، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة. وقد أعرب الملك سلمان أيضاً عن قلقه من أن إبرام اتفاق مع طهران دون إجراء عمليات تفتيش كافية لضمان وقف التطور النووي الإيراني من شأنه أن يؤدي إلى خطر اندلاع سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط. وتتفاقم هذه المخاوف من جراء التصور القائم بأن واشنطن تسعى إلى التقارب مع طهران بينما تتحول بعيداً عن حلفائها السنة في الخليج الأمر الذي يؤدي إلى حدوث المزيد من التشابك الإقليمي.
وفي هذا السياق، قد يرغب قادة دول «مجلس التعاون الخليجي» رؤية مخرجات فعلية أكثر من مجرد سماعهم كلمات خلال اجتماعات كامب ديفيد. ومن وجهة نظرهم قد يكون السيناريو الأفضل هو قيام الولايات المتحدة بوضع خطط جديدة تتمثل باعتماد مبادرة حازمة ضد التدخل الإيراني، وخاصة في سوريا. وقد يقطع ذلك شوطاً طويلاً نحو إقناعهم بأن أمريكا جادة في احتواء النفوذ الايراني. كما أكدوا أيضاً [رغبتهم في التوقيع على] اتفاقيات دفاع خطية مع واشنطن، فضلاً عن الحصول على أسلحة توفر لهم تفوق نوعي على إيران.
ومع ذلك، هناك فجوة كبيرة بين هذه القائمة من الأمنيات التي ترغب دول «مجلس التعاون الخليجي» في الحصول عليها، وبين تلك التي يكون البيت الأبيض على استعداد لمنحها في الواقع في اجتماعات كامب ديفيد. إن إدارة أوباما معنية ببناء علاقات أمنية، القوية بالفعل، في مجالات التعاون والتدريب ومبيعات الأسلحة، ولكن من غير المرجح أن تعرض ترتيبات دفاعية جوهرية جديدة أو تبادر في إجراء تغيير كبير في سياسة الولايات المتحدة تجاه التدخل الإيراني. ونظراً لهذا الواقع، يجب على واشنطن الاستفادة من الاجتماعات المتوقع أن تستمر عشر ساعات لدفع التحالف الاستراتيجي قدماً، والسعي نحو بذل جهود تضم أربعة محاور رئيسية بالإضافة إلى ترتيبات عسكرية جديدة:
1. يجب على الرئيس أوباما أن يعطي مصداقية كاملة في اللغة واللهجة إلى وجهات النظر القائمة في الخليج حول وجود تهديد مباشر من طهران. في الوقت الذي يبدو أن واشنطن وشركائها في التفاوض يتقدّمون نحو التوصل إلى اتفاق مع إيران يركّز بشكل ضيق على الأسلحة النووية، يشعر قادة دول «مجلس التعاون الخليجي» بالقلق من إحراز الجمهورية الإسلامية تقدماً ثابتاً، بتغييرها ميزان القوى في المنطقة، وسعيها إلى توسيع نموذجها التدخلي عبر حدودهم. وهذا صحيح بشكل خاص بالنسبة للبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت، التي كانت مستهدفة بالعنف المرتبط بايران. وفي هذا الصدد، كتب عبد الرحمن الراشد على موقع قناة العربية في 10 أيار/مايو، بأن دول الخليج تخشى من أن التوقيع على اتفاق نووي ضيق سوف يقلّم أظافر إيران نووياً، لكنه "سيترك لها باب القفص مفتوحاً لتعيث في المنطقة، وتهدد وجودهم". ولا يتوجب على الرئيس أوباما التوافق معهم حول فعاليات الاتفاق النووي لإبلاغهم عن تفهمه لقلقهم العميق.
2. يجب على الرئيس الأمريكي أن يكون منفتحاً أمام أفكار مبدعة حول كيفية توسيع التعاون ضد التهديدات غير التقليدية مثل الهجمات الألكترونية. وهذا من شأنه أن يسلط الضوء على فهمه الدقيق للتهديد الإيراني، بتعديله أساساً ما أشار إليه في مقابلة أجراها مع صحيفة "نيويورك تايمز" في 4 نيسان/أبريل عندما قال بأن أكثر ما يثير قلق الحكومات الملكية في الخليج هو قيام "إيران بغزو [بلدانها]". على سبيل المثال، قد يناقش الهجمات الإلكترونية على شركة آرامكو السعودية عام 2012 التي ربما شُنت بمساعدة ايرانية. وقد يرحب قادة دول «مجلس التعاون الخليجي» بالمخرجات الفعلية القابلة للقياس الكمّي لمواجهة التهديد الإيراني داخل حدودهم.
3. يجب على واشنطن الاستماع وكسب المعرفة أثناء اجتماع القمة، لا سيما من حيث التعرف على ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الإبن المفضل للملك الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع. لقد كان الأمير الشاب وأحد أفراد العائلة المالكة وجه الحملة العسكرية السعودية ضد الحوثيين في اليمن، لذلك سيكون من الحكمة بالنسبة للرئيس أوباما التحقق من خططه الأخرى المتعلقة بالسياسة الإقليمية. وتشمل المجالات الهامة التي [يجب أن تسترعي الانتباه] وتعمّق التعاون: سوريا، والحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، ومواجهة التطرف.
4. يجب على الرئيس أوباما أن يروّج لأفكار [واضحة] حول مكان وتوقيت الاتصالات في المستقبل. إن بناء العلاقات أمراً ضرورياً لطمأنة هؤلاء الحلفاء، لذلك يجب على واشنطن استخدام أي إحباطات تتعلق بقمة كامب ديفيد، لكي تكون قوة دافعة نحو تخطيط فرصاً إضافية لرسم سبيل للتقدم معاً. إن العلاقات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودول «مجلس التعاون الخليجي» هي أقوى وأكثر أهمية من أي انقطاع ذو علاقة بسياسات محددة.
لوري بلوتكين بوغارت هي زميلة في برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن.