إدارة محافظة ديالى تُظهر اعتماد منظمة "بدر" على المالكي للحفاظ على قدرتها التنافسية
وفقاً لما استعرضته "الأضواء الكاشفة للميليشيات"، فإن الصراع على الزعامة في ديالى يبرز التنافس على السلطة الذي يشجعه الانحدار السياسي البطيء لمنظمة "بدر" بين الميليشيات والقوى القبلية.
قبل عام تقريباً، توقعت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" أن الانتخابات في ديالى وتشكيل الحكومة المحلية من شأنهما أن يوفرا دلالات هامة حول القدرة المتبقية لـ منظمة "بدر" والقوة الصاعدة لمنافستها الرئيسية "عصائب أهل الحق". وقد تأكد هذا التوقع من خلال التطورات الأخيرة.
النتيجة السياسية في ديالى
في الأول من آب/أغسطس 2024، انتخَب عشرة من أعضاء "مجلس محافظة ديالى" الخمسة عشر "عدنان الجابر" محافظاً جديداً لديالى. ويمثل الجابر "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، على الرغم من أن المالكي ليس لديه تمثيل في مجلس ديالى. فكيف حدثت هذه النتيجة؟ وفقاً للمالكي، الذي ظهر على قناة "آي نيوز" في 26 آذار/مارس 2024، حصل (ممثله) على منصب المحافظ بسبب الاتفاق الشامل للمالكي مع "تحالف نبني" بزعامة هادي العامري، والذي نص على أن تحصل "دولة القانون" على ثلاث مناصب محافظية، وقرار منظمة "بدر" بأن يكون محافظ ديالى أحد هذه المناصب. (الشكل 1)
وتشمل المناصب العليا من غير المحافظين "رئيس مجلس المحافظة" عمر الكروي - وهو سني من قائمة "السيادة" بقيادة خميس الخنجر، الذي يتزعم فصيلاً له تاريخ طويل في التعاون مع "عصائب أهل الحق" في شمال ديالى - ونائب الرئيس "سليم التميمي"، وهو عضو سابق في منظمة "بدر" الذي انشق منها وانضم إلى "عصائب أهل الحق". وبالتالي، فإن أياً من كبار المسؤولين الثلاثة في مناصب السلطة الرسمية في ديالى ليس من منظمة "بدر"، حيث كانت المحافظة تُعتبر تاريخياً إمارة لـ "بدر" وهادي العامري.
هل تغلبت "عصائب أهل الحق" على "بدر" في ديالى؟
كانت ديالى المركز الوحيد في العراق الذي تنافست فيه منظمة "بدر" و"عصائب أهل الحق" ضد بعضهما البعض في انتخابات مجالس المحافظات في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ولذلك سلطت "الأضواء الكاشفة للميليشيات" الضوء على قضية الانتخابات باعتبارها إحدى القضايا التي يجب مراقبتها منذ أيلول/سبتمبر 2023 اختباراً لموازين القوى بين "بدر" و"عصائب أهل الحق". وتمثلت الفكرة بأنه: إذا لم تتمكن "بدر" (وممثل القبائل في ديالى المرتبط بها "فالح الفياض") من التغلب على "عصائب أهل الحق" بشكل جماعي في ديالى، وهي المحافظة التي تعتبر قاعدة لهادي وفالح، فقد يكون الزخم قد تحول بشكل حاسم لصالح "عصائب أهل الحق".
وكما ذُكر في تغريدة في موقع "Inside Iraqi Politics"، فاز تحالف "نبني" بقيادة هادي العامري بأكبر كتلة تصويتية (107,554 صوتاً، أربعة مقاعد)، ولكن فقط على ما يبدو بمساعدة "إئتلاف دولة القانون" بقيادة المالكي، الذي لم يقدّم مرشحين وأرسل عدداً غير معروف من الأصوات التكتيكية باتجاه "نبني". (وإلى جانب حصيلة "نبني"، يمكن إضافة 29,961 صوتاً (مقعد واحد) من كتلة "الأساس" المستقلة اسمياً بقيادة القائم بأعمال رئيس البرلمان محسن المندلاوي، الحليف الحالي لمنظمة "بدر").
وفي المقابل، حصلت قائمة تحالف "الصفوة الوطني" بقيادة "عصائب أهل الحق" (التي تخوض الانتخابات محلياً تحت اسم "حق ديالى") على 44,195 صوتاً ومقعدين. إن إعادة تعيين "الكروي" - وهو قائد سابق في تنظيم "الدولة الإسلامية" تحوّل إلى رجل ميليشيا - كرئيس لمجلس المحافظة أبقت الهيئة خاضعة لشخصية قريبة من كل من "عصائب أهل الحق" (الجماعة المصنفة من قبل الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب) وقائمة "السيادة" (التي يقودها السياسي المصنف من قبل الولايات المتحدة خميس الخنجر). (في انتخابات عام 2023، فازت قائمة "السيادة" بـ 73,890 صوتاً وثلاثة مقاعد). كما استخدمت "عصائب أهل الحق" نفوذها المحلي لاختيار سليم التميمي نائباً للمحافظ - وهو واحد من العديد من زعماء القبائل المنشقين من عائلة التميمي الذين انضموا إلى "عصائب أهل الحق" وسط صراع عنيف داخل منظمة "بدر" في ديالى. وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، تعرَّض بعض أقارب التميمي لهجوم في كمين محلي أسفر عن مقتل أحد عشر رجلاً وامرأة وطفلاً.
التداعيات على توازن القوى بين "بدر" و"عصائب أهل الحق"
عانى زعيم "بدر" هادي العامري من عام عصيب في ديالى وفي مختلف المناطق التي يخاصم فيها "عصائب أهل الحق" (مثل صلاح الدين). وحاول إزاحة وكيله الرئيسي في ديالى (المحافظ السابق مثنى التميمي) واستبداله بمحمد جاسم العميري - نجل القاضي المقرب من هادي، جاسم محمد عبود العميري، رئيس "المحكمة الاتحادية العليا" العراقية التي تسيطر عليها الميليشيات. والآن، بإمكان مثنى التميمي وغيره من زعماء ديالى أن يروا أن هادي لا يمكنه الفوز حتى في ديالى بدون مساعدة المالكي، وكان ثمن ذلك هو ترك أولئك من عائلة التميمي المدعومين من منظمة "بدر" خارج الحكومة المحلية، بينما حصل أولئك من عائلة التميمي المتحالفين مع "عصائب أهل الحق" على مناصب بارزة.
وعلى المستوى الوطني، تشير حسابات "Inside Iraqi Politics" أن منظمة "بدر" حصلت على منصبي محافظ ومنصبين لرؤساء المجالس، مقابل منصب محافظ واحد لـ "عصائب أهل الحق" (الإرهابي المصنف من قبل الولايات المتحدة عدنان فيحان في بابل) ومنصبين لرؤساء المجالس. وهذا التوازن يُعتبر شبه متساوٍ. ومع الأخذ في الاعتبار شركاء "عصائب أهل الحق"، يتضح أن الكفة قد مالت لصالح قيس الخزعلي. وفيما يتعلق بـ "القوة الخفية" - أي السيطرة على الدولة مما يسمح بالهيمنة على المسؤولين ومن ثم التحكم في التدفقات المالية لتمويل التهديدات الإرهابية - ربما تتفوق "عصائب أهل الحق" بالفعل على منظمة "بدر" وتنمو بسرعة. وبالنسبة لمعارضي الميليشيات المدعومة من إيران في العراق، فإن "عصائب أهل الحق"، المصنفة من قِبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، أصبحت بشكل متزايد المنظمة التي يجب مراقبتها ومواجهتها بشكل عاجل، في مجالات مثل تمويل التهديدات الإرهابية.