- تحليل السياسات
- المرصد السياسي 3240
"إدارة مكافحة المخدرات" تستهدف الشبكة العالمية للدعم الجنائي لـ «حزب الله»
Part of a series: Counterterrorism Lecture Series
or see Part 1: U.S. Efforts against Terrorism Financing: A View from the Private Sector
"في 9 كانون الثاني/يناير، خاطب جون فرنانديز منتدى سياسي في معهد واشنطن. والسيد فرنانديز هو الوكيل الخاص المساعد لـ "إدارة مكافحة المخدرات" المسؤول عن "مركز عمليات مكافحة الإرهاب" التابع لـ "شعبة العمليات الخاصة" [تحت مظلة وزارة العدل الأمريكية]. وفي منصبه هذا يشرف على الدعم المشترك بين الوكالات للتحقيقات الميدانية المتعلقة بهيكليات الدعم الجنائي العالمية التابعة لـ «حزب الله». وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاته".
في إطار الجهود المبذولة لجمع المؤسسات الاستخباراتية، ومؤسسات إنفاذ القانون، والمجتمعات العسكرية في المعركة ضد "الإرهاب المرتبط بالمخدرات" وتبييض الأموال الذي تمارسه المنظمات الإرهابية، قامت "إدارة مكافحة المخدرات" ("الإدارة") بتأسيس "مركز عمليات مكافحة الإرهاب المرتبط بالمخدرات" في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر. واليوم، يقوم هذا المركز بِدوريْن رئيسيين. أولاً، يشارك معلومات الإرهاب غير المرتبطة بالمخدرات الناتجة عن عملياته العالمية مع "مكتب التحقيقات الفيدرالي" والوكالات الأخرى التي لديها سلطات تحقيق أوّلية لتلك المعلومات. ثانياً، يُجري تحقيقاته الخاصة بقضايا المخدرات والإرهاب، مُرَكّزاً على "أهداف متقاربة" مثل مبيّضي الأموال ومخالفي العقوبات.
ومن بين الجماعات البالغ عددها 68 والتي صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية"، ربطت "إدارة مكافحة المخدرات" 25 منها بتجارة المخدرات. وتبيّن أن الأحكام القانونية الواردة في الفقرة 960(أ) من قانون الولايات المتحدة 21 هي أداة فعالة لتوسيع صلاحيات "الإدارة" كي تستهدف الأشخاص الذين يمارسون إرهاباً مرتبطاً بالمخدرات، ورغم أن القضايا التي تتولاها "إدارة مكافحة المخدرات" لا تؤدي دائماً إلى اتهامات مرتبطة بالإرهاب، إلا أن "الإدارة" تستخدم الأدلة والوسائل المتاحة لها لتحديد أكثر الجرائم التي يمكن مقاضاتها بسهولة.
وتتمتع "إدارة مكافحة المخدرات" بأكبر وجود أمريكي لإنفاذ القانون في الخارج وبشبكة مصادر موسّعة، وقد ساهم كلاهما في جمع المعلومات الاستخباراتية حول التكتيكات الإرهابية مثل استخدام الأجهزة المتفجرة المرتجلة في أفغانستان، فضلاً عن معلومات عن منظمات مثل «حزب الله» اللبناني وحركة "طالبان" وتنظيم «الدولة ألإسلامية» و "القوات المسلحة الثورية لكولومبيا" (FARC)، و "جيش التحرير الوطني الكولومبي" (ELN). بالإضافة إلى ذلك، كان مصدر هذه "الإدارة" هاماً للغاية في إحباط المخطط الإيراني لقتل السفير السعودي عادل الجبير في واشنطن في عام 2011. (حاول الإيراني المشتبه فيه منصور أرببسيار استئجار مُخبر "إدارة مكافحة المخدرات" - الذي اعتقد أنه عضو في عصابة "لوس زيتاس" لتهريب المخدرات - للقيام بعملية الاغتيال).
ويُعدّ «حزب الله» هدفاً فريداً لـ "إدارة مكافحة المخدرات" نظراً لعدة خصائص، هي: مستوى التطور العالٍ الذي يتمتع به؛ هيكليته التسلسلية والمنظمة؛ جمعه بين الأنشطة السياسية والعسكرية والجنائية والاجتماعية الواسعة النطاق؛ واستهدافه الأمريكيين بهجمات مميتة (قبل هجمات 11 تشرين الأول/سبتمبر، قتل «حزب الله» عدداً أكبر من الأمريكيين من أي منظمة إرهابية أجنبية أخرى). واليوم، تَعتبر إدارة ترامب «حزب الله» أولوية كبيرة على صعيد الأمن القومي وقد قادت جهوداً حثيثة شاركت فيها العديد من الحكومات بهدف وقف أنشطته.
وتعود شبكة دعم الأفعال الإجرامية الخاصة بـ «حزب الله» إلى تسعينيات القرن الماضي عندما سعى عماد مغنية، رئيس "منظمة الأمن الخارجي" في الحزب، إلى استحداث مصدر إضافي للتمويل إلى جانب الأموال التي تلقاها الحزب من إيران. وتوسّعت هذه الشبكة الإجرامية بشكل أكبر نتيجة للأعباء المالية التي تكبدها الحزب خلال حرب لبنان عام 2006.
وكانت "إدارة مكافحة المخدرات" قد بدأت باستهداف «حزب الله» قبل حوالي 30 عاماً من خلال "عملية تايتن" التي أوقفت بيع شحنات كوكايين بعدة أطنان كان يجريها شركاء الحزب بالتعاون مع كارتل المخدرات الكولومبي "لا أوفيسينا دي انفغادو". وشملت القضايا البارزة منذ ذلك الحين تاجر المخدرات اللبناني-الكولومبي البارز أيمن جمعة، و "البنك اللبناني الكندي".
وفي السنوات الست الماضية، قدّمت "إدارة مكافحة المخدرات" مساعَدات أسفرت عن اعتقال عدد من العناصر الفاعلة البارزة في شبكة الدعم الجنائي العالمية التابعة لـ «حزب الله»، من بينها علي فياض (2014)، وعلي قليلات (2014)، وألطف خناني (2015)، وحسن منصور (2015)، وإبراهيم أحمدون (2015). وفي عام 2016، استهدفت "عملية الأرز" خطة دولية لغسل الأموال، الأمر الذي أدى إلى اعتقال عميل «حزب الله» محمد نور الدين وغيره من خلال غارات متزامنة في بلجيكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. كما لعب المحققون الماليون في "مركز عمليات مكافحة الإرهاب المرتبط بالمخدرات" دوراً رئيسياً في اعتقال وتوجيه الاتهام إلى قاسم تاج الدين، أحد المموّلين لـ «حزب الله» حُكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، وأُمِر بدفع غرامة مالية قدرها 50 مليون دولار في آب/أغسطس 2019.
وإجمالاً، امتدت التحقيقات الميدانية التي أجرتها "إدارة مكافحة المخدرات" إلى ست قارات وركّزت بشكل مكثف على أفراد في أوروبا والمكسيك و"منطقة الحدود الثلاثية" (للأرجنتين والبرازيل وأوروغواي) وفنزويلا وغرب إفريقيا. ومنذ عام 2017، أسفرت جهود "الإدارة" على هذه الجبهة مجتمعة عن تقديم سبع عشرة لائحة اتهام وأربعة عشر اعتقالات وثلاث عمليات تسليم وتسعة تصنيفات (على لائحة خاصة) لأفراد مرتبطين بـ «حزب الله» من خلال "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" التابع لوزارة الخزانة الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، هناك أربع عمليات اعتقال معلّقة، وثماني لوائح اتهام معلقّة، وأربع عمليات ترحيل معلّقة سوف يتم النظر فيها في المستقبل القريب.
ويعتمد «حزب الله» بشكل متزايد على تدفقات عائدات (إيرادات) الأنشطة الإجرامية من مجموعة كبيرة من المصادر تشمل الشتات اللبناني، وأعضاء الحزب، والمتحالفين والمتعاطفين معه، والمتعاونين عن غير قصد. وحتى أن الحزب تنافس على عقود غسل الأموال بالطريقة نفسها التي تتنافس عليها الكارتلات الكولومبية وغيرها من المنظمات الإجرامية. وبالتالي، تُعتبر تصنيفات "مكتب مراقبة الأصول الأجنبية" أداة مفيدة بشكل خاص في استهداف أنصار «حزب الله». وسواء كانت هذه التصنيفات منفردة أو صدرت بالتزامن مع لائحة اتهام جنائية (الخيار الأقوى)، فإنها تساهم في وقف تدفقات العائدات، وعزل «حزب الله» عن شركائه، وتوفير أساس للاتهامات الجنائية، وتشويه سمعة قيادة الحزب.
ويظهر بوضوح مدى تقدير «حزب الله» للعائدات الإجرامية وخوفه من فكرة وضع عملائه تحت الوصاية الأمريكية في الضغوط التي مارسها الحزب وإيران على الحكومات التي تتخذ إجراءات بحق هؤلاء العملاء. على سبيل المثال، بعد اعتقال تجار المخدرات والأسلحة علي فياض وخالد المرعبي وفوزي جابر في جمهورية التشيك في عام 2014، قام أفراد مقرّبون من فياض بخطف خمسة ضباط عسكريين تشيكيين في لبنان. وتمّ الإفراج عن الضباط بعد مبادلتهم بفياض والمرعبي.
وفي عام 2017، تم تسليم الناشط علي قليلات من بلجيكا إلى الولايات المتحدة بعد أن كشفت المخابرات عن مؤامرات لـ «حزب الله» تهدف إلى تأمين إطلاق سراحه. ومن بين تلك التهديدات خطط لاغتيال المدّعين المتورّطين في قضيته واختطاف ملحق لوزارة الدفاع البلجيكية في بيروت.
وفي العام نفسه، سعت عناصر مرتبطة بإيران إلى رشوة الحكومة المغربية بعد اعتقالها قاسم تاج الدين. ويُحسب للمغاربة أنهم قاوموا الضغط السياسي الإيراني وعجّلوا بتسليمه إلى الولايات المتحدة. وفي عام 2018، قطعت طهران علاقاتها الدبلوماسية مع الرباط، ويعود ذلك جزئياً إلى هذا القرار.
وفيما يتعلق بحجم العائدات التي حققها «حزب الله» من المشاريع الإجرامية التي نفذها، فلا يمكن تحديد رقم دقيق، لكن تقديرات غير رسمية رجّحت أن هذه العائدات تشكّل نسبة متدنية تصل إلى 10 في المائة من إجمالي الإيرادات. ومع ذلك، يمكن قياس النجاح المحقق بشكل أكبر من خلال المعلومات السلبية حول العائدات التي خسرها «حزب الله»، والعوائق التي كبلت قدراته، وتدهور المعنويات في صفوفه والتشويه الذي لحق بسمعته.
وعلى صعيد التفاعلات مع الشركاء الأجانب للولايات المتحدة، تتعاون "إدارة مكافحة المخدرات" عن كثب مع العديد من الدول حول هذه القضايا. ونظراً لأن العديد من الشركاء الأوروبيين لم يصنفوا «حزب الله» برمته كمنظمة إرهابية بعد، وجدت "الإدارة" أنه من الأجدى عدم استخدام صفة الإرهابي خلال الإحاطات الإعلامية. فالإشارة إلى أنشطة «حزب الله» المرتبطة بتهريب المخدرات/الأسلحة وتبييض الأموال مع تجنب ذكر صفة الإرهاب يساهمان في تجنّب الحساسيات السياسية. ومع ذلك، تبرز تعقيدات في بعض الأحيان خلال الرسائل المُعلنة بعد الاعتقالات. على سبيل المثال، أرادت الولايات المتحدة تسليط الضوء على روابط «حزب الله» في البيانات الصحفية الصادرة عن "عملية الأرز"، مما أثار غضب العديد من الحلفاء الأوروبيين.
وبالنسبة لعلاقة «حزب الله» بـ «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني، كثيراً ما تتداخل الأنشطة الإجرامية التي تنفذها المنظمتان. فعلى غرار «حزب الله»، لجأت إيران إلى تدفقات عائدات الأنشطة الإجرامية لتعويض القيود المالية الناتجة عن عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، والنفقات الخاصة التي تكبّدتها على الحروب التي شنتها بالوكالة. بالإضافة إلى ذلك، تلقّت "إدارة مكافحة المخدرات" معلومات عن السفارات الإيرانية التي تُستخدم لتعزيز المؤسسات الإجرامية لـ «حزب الله». على سبيل المثال، استُخدمت الحقائب الدبلوماسية في نقل المخدرات في بعض الأحيان. وفي حين تُعتبر إيران المموّل الرئيسي لـ «حزب الله»، إلا أن العائدات غير الشرعية التي يحققها الحزب تصّب أحياناً في خزينة إيران.
وفي سوريا، استخدم «حزب الله» عائداته من المخدرات لشراء أسلحة لمقاتليه بالنيابة عن نظام الأسد، حيث يُعتقد أن القائد البارز علي فياض وشخص آخر قاما بعمليات الشراء. كما يقوم الحزب بحماية طرق التهريب فيما يسمى بالهلال الشيعي، بما في ذلك في سوريا. وتشير التقارير إلى أن الماريجوانا، والكبتاجون، وغيرها من المخدرات يجري تهريبها بشدة من قبل المخابرات العسكرية السورية.
يُذكر أن مسؤولين قياديين في «حزب الله» منحوا الضوء الأخضر أو غضوا النظر عن و/أو أوعزوا مباشرة بتنفيذ العديد من هذه الأنشطة الإجرامية، بمن فيهم مسؤول لجنة الارتباط والتنسيق المركزية (الشؤون الأمنية) وفيق صفا وعبدالله صفي الدين، ممثل الحزب لدى إيران وقريب الأمين العام لـ «حزب الله» حسن نصرالله. وواقع أن لنصرالله القدرة على منع هؤلاء الأفراد، لكنه اختار عدم القيام بذلك، يؤكد مدى أهمية إيرادات الأنشطة الإجرامية للمنظمة الإرهابية.
أعدت هذا الملخص سامانثا ستيرن.
أمكن تنفيذ سلسلة برامج منتدى السياسات بفضل سخاء "عائلة فلورنس وروبرت كوفمان".