إدماج قادة «الحشد الشعبي» (الجزء الثاني): تدريب الضباط يزداد بواقع خمسين ضعفاً
شهد هذا العام زيادة كبيرة في تدريب ضباط الميليشيات العراقية في الأكاديميات التابعة لوزارة الدفاع، وربما قد تُنشأ كلية مخصصة لتدريب أفراد «الحشد الشعبي» بموجب قانون موسّع.
يتخرج كبار قادة "المقاومة" العراقية على نحو متزايد من مؤسسات عسكرية محترفة، كما هو مفصل في الجزء الأول من هذا التحليل. ويتناول هذا القسم زيادة عدد الضباط المتدربين.
صحيح أن تدريب قادة تكتيكيين من «قوات الحشد الشعبي» في مرافق تدريب الضباط التابعة لوزارة الدفاع العراقية ليس بالأمر الجديد، إلا أنه حظي باهتمام شديد منذ كانون الثاني/يناير نظراً إلى وصول الدفعة الكبيرة الأولى من متدربي «الحشد». ففي السابق، كانت «قوات الحشد الشعبي» توفر جماعات صغيرة من حوالي عشرة متدربين لكل دفعة في وزارة الدفاع؛ وبالفعل، تخرّج تسعة من هؤلاء المتدربين في حفل أقيم في 2 كانون الثاني/يناير. أما الدفعة الأخيرة، فضمّت 412 متدرباً، أي في زيادة قدرها خمسون ضعفاً، ومن المزمع تدريب دفعة ثانية في وقت لاحق من هذا العام.
وعلى الرغم من أن «قوات الحشد الشعبي» تملك "المديرية العامة للتدريب" أو "معاونية التدريب"، فهي لا تدير منشأة موحدة للتدريب، بل يتم بذل جهود تدريبية أكثر تواضعاً من قبل فصائل فردية على غرار "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، اللتين صنفتهما الولايات المتحدة جماعات إرهابية. (للاطلاع على لمحة موجزة عن قواعد تدريب «الحشد الشعبي»، راجع الصفحات 30 و 67-69 من "التكريم من دون الاحتواء: مستقبل «الحشد الشعبي» في العراق").
تدريب «قوات الحشد الشعبي» في منشآت وزارة الدفاع
ينصّ "قانون الخدمة والتقاعد العسكري" ("القانون رقم 3" لعام 2010) في العراق على حصول الجنود على القليل من التدريب الأساسي والمتقدّم، وتوفير التعليم العسكري المحترف للمرشحين المؤهلين. وتشير "المادة 4" من "الأمر التنفيذي رقم 85" الصادر عن رئاسة الوزراء ("تعليمات حول شؤون مقاتلي «الحشد الشعبي»"، 7 آذار/مارس 2018) صراحةً إلى ضمان إمكانية وصول عناصر «الحشد الشعبي» إلى الكليات والأكاديميات العسكرية، على أن "يتمّ تحديد مخصصاتهم بالتنسيق مع وزارة الدفاع" (باستطاعتك قراءة ترجمة الأمر التنفيذي بكامله في هذا الرابط).
وحظي المسعى المذكور بدعم قوي من نائب رئيس «الحشد الشعبي» الراحل، أبو مهدي المهندس، الذي صنفته الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب، ومساعده أبو علي البصري (المسؤول في "منظمة بدر" والمعروف أيضاً باسم عدنان إبراهيم النجار، وليس رئيس خلية "الصقور" لمكافحة الإرهاب). وفي كانون الثاني/يناير 2020، أوضح أبو علي أنه من الضروري تكثيف تدريب ضباط «الحشد» من خلال "كليات التعليم العسكري" المحترف في الناصرية، والرستمية (في بغداد)، من أجل تلبية معايير التأهيل لأغراض الترقية، وذلك بموجب "قانون الخدمة والتقاعد العسكري". وقد بدأ التنفيذ سريع المسار لهذه الخطوة.
التدريب سريع المسار لضباط «الحشد الشعبي»
جاءت الدفعة الكبيرة الأولى من المشرحين لضباط «الحشد الشعبي» بأمر من القائد العام في 23 أيار/مايو 2022 (انظر الشكل 1)، ووافقت وزارة الدفاع على 412 متدرباً في 20 تشرين الأول/أكتوبر. وسابقاً، كان معظم متدربي «الحشد» بأعدادهم الصغيرة من "فرقة العباس القتالية"، وهي وحدة تابعة لـ «قوات الحشد» من خارج "المقاومة" تضم أتباع آية الله العظمى، علي السيستاني، وتخضع لقيادة ميثم الزيدي (انظر الشكل 2). وتشير هذه الدفعة المؤلفة من 412 عنصراً من «قوات الحشد الشعبي» إلى أن المعادلة قد انعكست. ففي ظل وجود دفعتين على الأقل في عام 2023، سيتمّ تدريب «قوات الحشد» بمفردها عموماً في حين سيكون جنود "فرقة العباس" من الأقلية؛ وسيتم اختيار الدفعة من بين جميع ألوية «الحشد»، بما فيها تلك المصنفة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
واستناداً إلى التقرير الاستقصائي ("التقرير") الصادر في 5 آذار/مارس عن موقع/مجلة "Iraq Oil Report" الحاصل على جوائز، تم اتخاذ القرار بشأن اختيار المرشحين الـ 412 على مستوى المقر الرئيسي لـ «قوات الحشد الشعبي» وسيتمّ توجيه إعادة توزيع الضباط برتبة ملازم في القوات على المستوى نفسه. فهذا المزج لوحدات «الحشد الشعبي» بقيادة نائب رئيس «الحشد»، عبد العزيز المحمدواي (المعروف أيضاً باسم أبو فدك)، الذي ينتمي إلى «كتائب حزب الله» والذي صنفته الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان، هو تماماً ما فكر فيه سلفه المهندس كوسيلة لتشديد قبضة القادة الإرهابيين المدعومين من إيران على «قوات الحشد الشعبي». وبالفعل، نقل "التقرير" عن أحد الضباط الطلبة وصفه التدريب على أنه "ثمرة الجهود الحثيثة التي بذلها الحاج أبو مهدي المهندس وقاسم سليماني"، في إشارة إلى الجنرال الإيراني الراحل الذي قُتل مع المهندس عام 2020. وقد تمّ اختيار "كلية التدريب العسكرية الرابعة" في الناصرية نظراً إلى "تعاون المتدربين فيها كافة"، وفقاً لضابط استخبارات في «الحشد الشعبي» في مقابلة مع موقع/مجلة "Iraq Oil Report".
هل تكون الخطوة التالية إنشاء أكاديمية «الحشد الشعبي»؟
في 8 شباط/فبراير، اقترح رئيس «قوات الحشد الشعبي» الذي صنّفته الولايات المتحدة على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان، فالح الفياض، أن يشمل التعديل المقترح لقانون «الحشد» الصادر عام 2016 إنشاء أكاديمية عسكرية خاصة بـ «الحشد». ويتماشى ذلك مع ما ناشد به المهندس، كما نص عليه "الأمر التنفيذي رقم 331" الصادر في 17 أيلول/سبتمبر 2019 (مستنسخ هنا في الملحق O)، وهو المخطط الذي صاغه الزعيم الراحل من أجل ترسيخ «الحشد الشعبي» كقوة عسكرية أساسية في العراق. وتوخّى الأمر إنشاء مديرية تدريب موسعة تابعة لـ «قوات الحشد» تضمّ ست مديريات فرعية مؤلفة من كلية لقيادة وأركان «قوات الحشد الشعبي» وأكاديمية عسكرية. وتشير تقارير وسائل الإعلام إلى أن التعديل المقترح، الذي لم يتمّ نشره بعد، قد يتضمن توجيهاً بإقامة منشآت مماثلة.