- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
إدراجات جهات فلسطينية ومصرية جديدة على لائحة الإرهاب تسلّط الضوء على إيران و«الإخوان المسلمين»
خلال المؤتمر السنوي لـ «معهد دراسات الأمن القومي» في تل أبيب في 31 كانون الثاني/يناير، أعلن "منسق شؤون مكافحة الإرهاب" في وزارة الخارجية الأمريكية ناثان سيلز أن واشنطن أضافت جهات فلسطينية ومصرية جديدة إلى لائحة الإرهاب، وهذه الكيانات متّهمة بارتكاب أعمال مخلة بالاستقرار على غرار تقويض عملية السلام واستهداف كبار المسؤولين المصريين وتهريب الأسلحة إلى قطاع غزة. وتشمل هذه الجهات شخصاً واحداً هو زعيم حركة «حماس» اسماعيل هنية إلى جانب ثلاثة تنظيمات هي «حركة الصابرين» (غزة) و«لواء الثورة» (مصر) و«حركة سواعد مصر» المعروفة باسمها المختصر «حسم». وتطال هذه الإدراجات مسألتين تهمّان بوجه خاص إدارة ترامب، وهما: رعاية إيران للإرهاب، والعنف المستلهَم من جماعة «الإخوان المسلمين».
وكلاء إيران
في البيان الصحفي الذي ذُكرت فيه الجهات المصنّفة على لائحة الإرهاب، شدد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون على أن "إيران ترعى وتوجّه" كلاًّ من «حماس» و«حركة الصابرين» وأن هاتين الحركتين مستمرّتان في محاولة القيام بهجمات بناءً على توجيهات طهران. ويشير البيان على سبيل المثال إلى أن "قوى الأمن التابعة لـ«السلطة الفلسطينية» ألقت القبض على خمسة عناصر «حركة الصابرين» كانوا يعملون بناءً على أوامر إيران ويحصلون على التمويل في غزة لتنفيذ هجماتهم".
وعلى النحو نفسه، كان اسماعيل هنية يعمل على تحسين العلاقات مع إيران خلال فترة تولّيه رئاسة «حماس» في غزة. وعلى الرغم من تدهور العلاقات مع طهران عندما رفضت الحركة دعم نظام الأسد في سوريا، إلّا أنّها سرعان ما عادت إلى سابق عهدها في عهد هنية، ولا سيما بعد أن أرسل وفداً من «حماس» إلى إيران في العام الماضي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، صرّح رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي غادي أيزنكوت أن المبالغ السنوية التي تدفعها إيران لتمويل «حماس» وغيرها من الجماعات المسلحة في غزة ارتفعت إلى 100 مليون دولار. وبالاضافة الى تواصل هنية مع إيران، سلّطت وزارة الخارجية الأمريكية الضوء أيضاً على "علاقاته الوثيقة" مع الجناح العسكري لحركة «حماس» وما ذكرته بعض التقارير عن ضلوعه في "هجمات إرهابية ضد مواطنين إسرائيليين." (وهذه التهم هي سبب تولّي وزارة الخارجية الأمريكية إدراجه على لائحة الإرهاب وليس وزارة الخزانة، التي تستهدف بالدرجة الأولى المموّلين الإرهابيين واللوجستيين، علماً أن هنية كان يخضع أيضاً لقيود مالية مفروضة من وزارة الخزانة لبعض الوقت قبل الإعلان الصادر في الواحد والثلاثين من كانون الثاني/يناير).
ومن ناحيتها، تتقاضى «حركة الصابرين» وفقاً لبعض التقارير، عشرة ملايين دولار سنوياً من طهران. وقد تأسس هذا التنظيم على يد القائد السابق لـ«حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين» هشام سالم الذي كان هدفاً لعدة محاولات اغتيال، من بينها محاولات نفّذتها جماعات جهادية سلفية فلسطينية. وسالم هو مسلم من الطائفة الشيعية، و«حركة الصابرين» تصرّح علناً عن ولائها لإيران وتنظّم التجمعات بمناسبة الذكرى السنوية لـ«الثورة الإسلامية» عام 1979 وتعقد حلقات دراسية حول العقيدة الشيعية. أضف إلى ذلك أن راية هذا التنظيم هي نسخة معدّلة عن راية «حزب الله»، وقد اتخذ التنظيم مواقف موالية لإيران بشأن قضايا لا علاقة لها بالصراع العربي الإسرائيلي. هذا ويتحدّر سالم من سلالة طويلة من الإرهابيين وسبق أن أُلقي القبض عليه من قبل السلطات الإسرائيلية و«السلطة الفلسطينية» و«حماس» على مر السنين.
وتفيد التقارير أن دعم إيران لـ«حركة الصابرين» يتضمن تمويلاً للمشاريع الخيرية التي تهدف إلى كسب تأييد شعبي للتنظيم، اقتداءً بنموذج «حزب الله» بشكل شبه كامل. على سبيل المثال، أفادت التقارير الإعلامية الإسرائيلية من عام 2015 أن اللوازم المدرسية التي وزّعتها «حركة الصابرين» في غزة ضمّت صوراً لأمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله. ومع ذلك لم يُكتب حتى الآن، أي تقرير معمّق عن هذا التنظيم.
العنف المستلهم من جماعة «الإخوان المسلمين»
ظهر تنظيم «حسم» في تموز/يوليو 2016 بعد تبنّيه المسؤولية عن الهجوم الذي أودى بحياة ضابط الشرطة المصري محمود عبد الحميد. ومنذ ذلك الحين، نفذ التنظيم عدة هجمات محلية أخرى استهدفت أفراد الحكومة وقوى الأمن بشكل خاص. وفي الآونة الأخيرة، تبنى المسؤولية عن عملية تفجير سفارة ميانمار في القاهرة في أيلول/سبتمبر 2017.
وبعد شهر على ظهور «حسم» ، أعلن «لواء الثورة» تأسيسه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وعلى غرار «حسم»، استهدفت هجماته بالدرجة الكبرى عناصر الأمن والحكومة في مصر، ومن بينها اغتيال ضابط كبير في الجيش هو الرائد عادل رجائي في تشرين الأول/أكتوبر 2016.
وقد يكون الاتصال المباشر بين «حسم» و«لواء الثورة» وبين جماعة «الإخوان المسلمين» محل نقاش، ولكن كلتا الحركتين تعتبران منسجمتين ومستلهمتين من هذه الجماعة. وبحسب الخبير في الشؤون المصرية إريك تراجر، " منذ الإطاحة بزعيم «الإخوان المسلمين» محمد مرسي من الرئاسة عام 2013، انتشرت جماعات مسلحة متشددة غير بارزة في مصر. وعلى الرغم من أنه لا يمكن ربط هذه الجماعات بشكل حاسم بسلسلة القيادة التي تشتهر بصرامتها في صفوف جماعة «الإخوان المسلمين»، والتي قطعتها الحكومة خلال حملة القمع الشديدة التي أعقبت الإطاحة بمرسي، تتبنى هذه الجماعات إيديولوجيا «الإخوان المسلمين» وروايتهم بشكلٍ علني."
والأمر المعبّر هو أن أعمال «حسم» و«لواء الثورة» وخطاباتهما تتشابه إلى حدّ كبير مع أعمال وخطابات القيادي المتشدد الراحل في جماعة «الإخوان المسلمين» محمد كمال، و "الصفحات التي تعرض هجماتهما على مواقع التواصل الاجتماعي غالباً ما تستعرض شعارات «الإخوان المسلمين» والشخصيات التاريخية التابعة لهم". وفي إحدى الحالات، تبنّت كل من حركة «حسم» و«الإخوان المسلمين » الهجوم على قوات الأمن في تموز/يوليو 2017 كما لو كان خاص بكل منهما بصورة منفردة. ومن المرجح على نطاق أوسع أن تكون عناصر من «الإخوان المسلمين » قد انضمت إلى جماعات مسلحة حسنة التدريب على غرار «حسم» و«لواء الثورة»، في حين ظلّت تدّعي شن هجمات ضد المدنيين الأجانب والمصريين.
وعلى الرغم من أن الإدراجات الجديدة لوزارة الخارجية الأمريكية تأتي في إطار الجهود الرامية إلى حرمان تلك الكيانات من الموارد اللازمة لتخطيط عمليات إرهابية وتنفيذها، إلّا أن أياً منها لا يملك على الأرجح أي ممتلكات تخضع لسلطة الولايات المتحدة. وبالتالي فإن هذه الخطوات هي أكثر رمزية في طبيعتها، وتهدف إلى دعم الحلفاء الإقليميين الرئيسيين الذين يشاركون مخاوف واشنطن بشأن رعاية إيران للإرهاب والعنف المستلهم من «الإخوان المسلمين».
ماثيو ليفيت هو زميل "فرومر- ويكسلر" ومدير برنامج "ستاين" للاستخبارات ومكافحة الإرهاب في معهد واشنطن.