"أحرار سنجار": استخدام الجالية اليزيدية من قبل الفصائل
تُشكل "أحرار سنجار" مثالاً مقلقاً على استخدام الميليشيات المدعومة من إيران الأقليات الصغيرة لشن هجمات صاروخية عبر الحدود على «إقليم كردستان العراق» وبناء خلايا إرهابية داخل «كردستان العراق».
بدأت جماعة "أحرار سنجار" نشاطها على شبكة الإنترنت في 3 شباط/فبراير 2022، ومنذ ذلك الحين تبنت أربع هجمات على أهداف تركية في «إقليم كردستان». ويمثل فصيل "أحرار سنجار" عودة إلى صيغة الجماعة الواجهة التقليدية، أي الجماعة التي تنشط على شبكة الإنترنت لتخفي جزئياً الفصيل الحقيقي الذي ينفّذ الهجمات على الأرض، وفي هذه الحالة، اليزيديون الذين تجنّدهم الميليشيات المدعومة من إيران والذين يقومون بتنفيذ هجمات على أهداف تركية وكردية.
الهجمات التي تبناها "أحرار سنجار"
تبنى "أحرار سنجار" أول هجوم له في 3 شباط/فبراير 2022، إذ ادّعى مسؤوليته عن استهداف القاعدة التركية في زيلكان بصواريخ من عيار 122 ملم في هجوم نُفذ في الليلة التي أعقبت غارة جوية تركية عنيفة في 2 شباط/فبراير على «وحدات مقاومة سنجار» المنضوية تحت "الفوج 80" في «قوات الحشد الشعبي».
وتشير أدلة أخرى إلى أن الخلايا الحركية التي تشكل نواة "أحرار سنجار" شنت ما لا يقل عن أربع هجمات أخرى على قواعد تركية في «كردستان العراق» وكانت تخطط لبدء حملة إرهابية أوسع نطاقاً في «إقليم كردستان العراق». وأعلن فصيل "أحرار سنجار" مسؤوليته عن هجمات 3 نيسان/أبريل التي شنها بواسطة شاحنة مجهزة بمنصة إطلاق صواريخ من عيار 122 ملم ومحاولة هجوم بصواريخ من عيار 122 ملم في 4 نيسان/أبريل. وفي الآونة الأخيرة، أعلن "أحرار سنجار" مسؤوليته عن هجوم بطائرة بدون طيار على زيلكان في 21 أيار/مايو، مع ادعاءات غير مثبتة باستخدام ما بين أربع وعشر طائرات مسيرة، ومقتل شخص واحد من جنسية غير تركية على ما يبدو.
تغلغل مقاتلين إيزيديين في «إقليم كردستان»
في 16 أيار/مايو 2022، نشر "مجلس أمن «إقليم كردستان»" مقطع فيديو مدته سبعة عشر دقيقة اتُهم فيه أربعة من اليزيديين المشتبه بهم بتهريب صواريخ من عيار 107 ملم إلى «كردستان العراق» بهدف قصف مكتب سياسي، وسدّيْن محلييْن، بالإضافة إلى محطة صغيرة لتوليد الطاقة ومحطة فرعية للكهرباء.
ومما يثير الاهتمام أن التدريبات التي تلقتها الخلية الإرهابية المزعومة شملت في إطارها مواقع لـ "الفوج 80" في «قوات الحشد الشعبي» مثل تل عزير/القحطانية وشاركت فيها وحدات أخرى من «قوات الحشد الشعبي» (كتائب حزب الله و "اللواء 53" في «قوات الحشد الشعبي» ("الإمام الحسين") التي قدمت التدريب والدعم المالي لـ "وحدات مقاومة سنجار" منذ إدماجها في «الحشد الشعبي».
المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالأسلحة تشير إلى هجمات مخططة لم يتبنَ أي طرف مسؤوليتها
من وجهة نظر استخباراتية متعلقة بالأسلحة، ظهرت قطعة مميزة من المعدات في هجوم صاروخي على زيلكان في 3 شباط/فبراير 2022 وفي مقطع فيديو نُشر في 16 أيار/مايو لترسانة الخلية المحتجزة المكونة من تسعة صواريخ. وهذا القاسم المشترك هو قطعة فريدة من نوعها تتمثل بالموقتات الخضراء مع شريط لاصق أبيض (انظر الشكل 1).
والأكثر إثارة للاهتمام هو ظهور هذه الموقتات الخضراء والشريط اللاصق الأبيض أيضاً في 15 كانون الثاني/يناير 2022، عندما استهدفت خلية إرهابية أخرى من اليزيديين في «كردستان العراق» قاعدة تركية في زيلكان بصواريخ حسيب/فجر-1 من عيار 107 ملم أطلقتها من داخل «الإقليم». ويشير هذا إلى أن خلية 16 أيار/مايو كانت تعتمد على مخزون الموقتات نفسه الذي استخدمته خلية 15 كانون الثاني/يناير في «كردستان العراق»، أو أنها تلقت لاحقاً موقتات مماثلة لموقتات خلية 15 كانون الثاني/يناير، أو أنها كانت تعدّل موقتات 15 كانون الثاني/يناير و16 أيار/مايو محلياً في كردستان. كما كانت منصات الصواريخ (الشكل 2) المستخدمة في صور 15 كانون الثاني/يناير و16 أيار/مايو متطابقة (بينما كانت هجمات 3 شباط/فبراير و 3 نيسان/أبريل بصواريخ محمولة على مركبات).
وتشير هذه العوامل إلى أن الجماعة نفسها (التي تبنت أربع هجمات باسم "أحرار سنجار") شنت أيضاً هجمات لم تتبناها أي جهة في 15 كانون الثاني/يناير وزودت خلية 16 أيار/مايو بالمعدات.
ما نعرفه عن "أحرار سنجار"
بناءً على الأدلة المرصودة وفيديو "مجلس أمن «إقليم كردستان»"، تتمتع جماعة "أحرار سنجار" والخلايا الحركية الثلاث المعروفة التي تم اكتشافها حتى الآن بالخصائص التالية:
- يزيديون تلقوا تدريبات على يد فصائل مدعومة من إيران. ادعى حسين دخيل حسن، أحد المحتجزين اليزيديين في 16 أيار/مايو، أنه تلقى تدريبات على منظومات صواريخ عيار 107 ملم من رجل عربي (أبو علي) في قاعدة يديرها "اللواء 53" في «قوات الحشد الشعبي» في تلعفر. وزعم إلياس أكرم علي، وهو محتجز يزيدي آخر في 16 أيار/مايو، أنه تلقى تدريباً من قبل الرجل العربي نفسه في قاعدة تابعة لـ «قوات الحشد الشعبي» في تل عزير/القحطانية (جنوب مدينة سنجار) وأنه خضع لدورتيْن تدريبيتيْن إضافيتيْن على الصواريخ في تل عزير، شارك في إحداهما ثلاثة عشر عنصراً، ووفرت "كتائب حزب الله" مدرباً لجلسة واحدة على الأقل.
- يزيديون تربطهم صلات مزعومة بـ «حزب العمال الكردستاني». وفقاً لـ "مجلس أمن «إقليم كردستان»"، لدى جميع معتقلي 16 أيار/مايو صلات بـ «حزب العمال الكردستاني» في سنجار، وتم شراء المركبة المستخدمة لتهريب الصواريخ من عيار 107 ملم إلى «الإقليم» بمبلغ 9500 دولار وفّرها ضابط استخبارات له صلات بـ «حزب العمال الكردستاني». وزعم خالص إسماعيل شارو، أحد المعتقلين اليزيديين في 16 أيار/مايو، أنه قام بأعمال سابقة لجمع المعلومات الاستخباراتية لـ «حزب العمال الكردستاني» داخل «كردستان العراق». ولم تتضح طبيعة التعاون بين «حزب العمال الكردستاني» و«قوات الحشد الشعبي»، ولكن يظهر تداخل خطير للغاية بين الدوافع المناهضة لتركيا والمعادية لـ «إقليم كردستان»، وتُعزى جزئياً للضربات الجوية التركية على المقرات اليزيدية في سنجار.
- الانطلاق من مخيمات اللاجئين في «إقليم كردستان». كان محتجزو 16 أيار/مايو يعيشون في مخيم "كبرتو" للنازحين داخلياً (شمال شرق بحيرة الموصل) ومخيم "شاريا" (جنوب مدينة دهوك) ومخيم "إيسيان" (بالقرب من طريق أربيل- دهوك). واستُخدم مخيم واحد على الأقل كموقع لإخفاء الصواريخ.
- مهاجمة أهداف تركية وأهداف أخرى في «إقليم كردستان».
تُعد ظاهرة استخدام الفصائل المدعومة من إيران للأقليات الفرعية ممارسة راسخة. فقد أنشأ أبو مهدي المهندس وحدات من الشبك، والتركمان، والمسيحيين المزعومين في «قوات الحشد الشعبي» التي كانت مقرّبة بشكل خاص من رؤسائها في «الحرس الثوري الإسلامي» الإيراني. وفي الآونة الأخيرة، جاءت بعض الهجمات الصاروخية على «إقليم كردستان» من قرى الأقلية الكاكائية الصغيرة في أجزاء من سهل نينوى الأقرب إلى الأهداف في أربيل. وفي 15 نيسان/أبريل 2022، شنت الفصائل هجوماً بطائرات مسيرة استهدف خط أنابيب لتصدير النفط في «إقليم كردستان» من قاعدة "اللواء 78" في «قوات الحشد الشعبي» (وهي وحدة سنية تابعة تُدعى "نوادر") شمال بلدة زمار. وأدى الضم الجماعي لأكثر من ثلاثة آلاف مقاتل إيزيدي في "اللواء 80" من «الحشد الشعبي" أيضاً إلى خلق مركز تجنيد لتنفيذ عمليات إرهابية. وهذا تطور يجب متابعته عن كثب وستتناوله التغطية المقبلة لمنصة "الأضواء الكاشفة للميليشيات".