- تحليل السياسات
- محاضرة حول مكافحة الإرهاب
الإعادة إلى الوطن من شمال شرق سوريا والجهود المبذولة لمكافحة التطرف العنيف
Part of a series: Counterterrorism Lecture Series
or see Part 1: U.S. Efforts against Terrorism Financing: A View from the Private Sector
يناقش نائب منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية كيفية تعامل الحكومات مع تحديات إعادة المحتجزين في المعسكرات السورية ومحاربة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية.
"في 19 نيسان/أبريل، استضاف معهد واشنطن الحدث الأخير في سلسلة محاضرات مكافحة الإرهاب، الذي شارك فيه مسؤول وزارة الخارجية الأمريكية إيان موس. وفيما يلي كلمته للسجل".
شكراً لـ "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" ولماثيو ليفيت لدعوتي للانضمام إليكم اليوم لمناقشة التقدم الذي أحرزناه في إعادة معتقلي تنظيم "الدولة الإسلامية" وأفراد عائلاتهم من شمال شرق سوريا، وعملُنا لمواجهة التطرف العنيف على نطاق أوسع. اسمي إيان موس، وأعمل كنائب منسق مكافحة الإرهاب المسؤول عن اعتقال الإرهابيين ومكافحة التطرف العنيف في "مكتب مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية".
تستدعي مجموعة التحديات المعقدة التي يطرحها السكان المحتجزون في مخيمَي الهول والروج في شمال شرق سوريا إجراءات عاجلة ودعماً من المجتمع الدولي. وتشمل هذه التحديات المساعدة على تحقيق الاستقرار في شمال شرق سوريا ودعم مجتمعات العودة في العراق وشمال شرق سوريا، وتقديم الدعم المنهجي لفك الارتباط وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج، والأهم من ذلك، الإعادة إلى الوطن.
وفيما يتعلق بالإعادة إلى الوطن، أجرينا اتصالات دبلوماسية مكثفة وشهدنا نتيجة ذلك تقدماً ملحوظاً خلال العام الماضي. فقد أُعيدَ أكثر من 3000 فرد - أكثر من العامين الذين سبقه مجتمعين - إلى عدد من البلدان المختلفة، من بينها ألبانيا وبربادوس وكندا وفرنسا والعراق وكوسوفو وقرغيزستان وهولندا والنرويج والسودان وإسبانيا وسلوفاكيا.
ويستمر هذا الجهد، ونتوقع هذا العام قيام 25 دولة على الأقل من مناطق مختلفة من العالم بإجراء عملية إعادة واحدة على الأقل. وبالفعل في عام 2023، قامت عشر دول بإعادة أكثر من 1300 من مواطنيها إلى أوطانهم.
نشكر جميع شركائنا على دعمهم، ولا سيما الكويت، التي تواصل القيام بدور لا غنى عنه في عمليات الإعادة إلى الوطن من خلال عملها كمركز عبور لعمليات الإعادة إلى الوطن بمساعدة الولايات المتحدة. وبسبب هذه الجهود، أصبح مئات الأطفال بعيداً عن الأذى وقادرين على عيش حياة أكثر أماناً يستحقونها - أي العيش بعيداً عن التهديد اليومي للأيديولوجية العنيفة لتنظيم "الدولة الإسلامية". وبدلاً من ذلك، باستطاعة هؤلاء الأطفال العيش أخيراً حيث يمكنهم الوصول إلى التعليم والفرصة لبناء حياتهم وتحقيق أحلامهم.
بالإضافة إلى ذلك، أود أن أشير إلى القيادة التي أظهرها شريكان - كوسوفو والعراق اللتان أعادتا مئات المقاتلين إلى أوطانهم في عام 2022. وبينما تشكل إعادة النساء والأطفال إلى أوطانهم أمراً مهماً وعاجلاً، إلّا أن الحقيقة الصعبة هي أنه يجب على الدول أيضاً إعادة الرجال والشباب المتواجدين في مراكز الاحتجاز والتأهيل إلى أوطانهم.
وفي النهاية، تشكل إعادة هؤلاء الأفراد خطراً أقل بكثير من تركهم في شمال شرق سوريا. ولا يزال عشرة آلاف من مقاتلي تنظيم "داعش" رهن الاعتقال هناك، وهو أكبر تجمع للإرهابيين المعتقلين في أي مكان في العالم. ويواصل تنظيم "الدولة الإسلامية" البحث عن فرص جديدة لتجديد صفوفه من خلال محاولة إطلاق سراح هؤلاء المقاتلين المحتجزين. وإذا هربوا، فلن يشكلوا تهديداً لشمال شرق سوريا والمنطقة فحسب، بل لأوطاننا أيضاً.
وأفضل طريقة لمنع ذلك هي إعادة هؤلاء الأفراد إلى أوطانهم لكي يُمكن إعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم، وعند الاقتضاء، مقاضاتهم. إن الوضع هش على أرض الواقع، وقد تتكرر مجدداً محاولات الهروب من السجن مثل تلك التي حدثت في معتقل الحسكة في كانون الثاني/يناير 2022.
وتشكل رعاية النازحين في المخيمات وإدارة المقاتلين المحتجزين ضغطاً على "قوات سوريا الديمقراطية"، شريكنا المحلي في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية". أريد أن أضيف أن تقليل عدد السكان في كل من المخيمات ومراكز الاحتجاز لا يجعلنا أكثر أماناً فحسب، بل يجعل المشكلة أكثر قابلية للإدارة أيضاً، بما في ذلك من خلال تسهيل وصول المنظمات الإنسانية لتقديم الخدمات اللازمة للأفراد الذين ينتظرون العودة إلى مجتمعاتهم الأصلية.
أريد أيضاً أن أتطرق مباشرة إلى التحدي الرئيسي، الذي هو سياسي بطبيعته وليس تقني، الذي تواجهه عمليات الإعادة إلى الوطن من شمال شرق سوريا. نسمع مراراً وتكراراً القادة يقولون إن جماهيرهم المحلية تُعارض الإعادة إلى الوطن، ويعتبرون أن المقاتلين قد يُعرّضون نزلاء السجون لخطر التطرف، إذا نجحت محاكمتهم. كما يُعربون عن قلقهم من أن العائدين الذين لا يمكن مقاضاتهم بإمكانهم التخطيط للقيام بهجمات إرهابية في المستقبل أو التشجيع على العنف. كما أنهم فشلوا في رؤية الإنسانية بشكل كامل في الأطفال الأبرياء الذين يشكلون أكثر من نصف إجمالي عدد السكان في المخيمات، ويؤكدون أن هؤلاء الأطفال سيشكلون خطراً أمنياً على المجتمعات في حالة عودتهم وعندما تتم إعادتهم.
إن مخاطر التطرف الذي يؤدي إلى العنف والعودة إلى الإجرام حقيقية. ومع ذلك، يجب أن تكون هذه المخاطر متوازنة مع الاحتمال البديل المتمثل في عودة ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي كان يسيطر في أفضل حالاته على منطقة جغرافية أكبر من المملكة المتحدة، وارتكب فظائع في مناطق خاضعة لسيطرته، وخطط هجمات إرهابية في جميع أنحاء العالم وألهم القيام بها. لهذا السبب يجب علينا محاسبة الجناة على أي جرائم ارتكبوها، وإعادة تأهيل وإدماج أولئك الذين لا يمكن محاكمتهم في مجتمعاتهم الأصلية.
وتتعلق هذه المشكلة بالعمل الجماعي، فإذا عملنا معاً، يمكننا تقليل المخاطر التي نواجهها جميعاً، ونملك الأدوات اللازمة للقيام بذلك. ولا يمكننا التخفيف من المخاطر التي تواجهها كل دولة على حدة في إعادة مواطنيها إلى الوطن فحسب، بل التقليل أيضاً من مخاطر عودة تنظيم "الدولة الإسلامية" التي تهددنا جميعاً.
وعلى نحو متزايد، نشهد أيضاً تحقيقات ومحاكمات ناجحة تُجرى في كل من الولايات المتحدة ودول أخرى، والتي تُظهر حقاً فعالية أنظمتنا القضائية في محاسبة أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية" على أفعالهم. وتقوم ألمانيا وهولندا وفرنسا والسويد، من بين دول أخرى، بالتحقيق مع أعضاء تنظيم "داعش" ومحاكمتهم. وغالباً ما يشارك شركاؤنا الأوروبيون في فرق تحقيق مشتركة لتجميع الأدلة لبناء قضايا أشد عمقاً.
لقد رأينا العديد من الأمثلة على التحقيقات والمحاكمات الناجحة. فقد أكدت "محكمة العدل الفيدرالية الألمانية" مؤخراً الحكم الصادر على طه الجميلي بالسجن المؤبد في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 بتهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة ضد الضحايا الإيزيديين. كما أدانت ألمانيا زوجته جينيفر وينيش، المنتمية إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، بتهمة المساعدة والتحريض على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لتورطها في استعباد فتاة إيزيدية تبلغ من العمر خمس سنوات وإساءة معاملتها وقتلها، فضلاً عن استعباد والدة الطفل وإساءة معاملتها. وحكمت عليها "المحكمة الإقليمية العليا" في ميونيخ بالسجن عشر سنوات وتنظر في زيادة مدة العقوبة بسبب خطورة الجريمة.
نحن نعلم أن أنظمتنا القضائية على مستوى المهمة، ولدينا أُطر لمساءلة الأشخاص. وفي 10 كانون الثاني/يناير 2023، أعادت إسبانيا ثلاثة عشر طفلاً وإمرأتين من شمال شرق سوريا. واعتقلت النساء اللواتي كن عرائس لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" لدى وصولهن إلى قاعدة توريخون الجوية خارج مدريد. وأمر القاضي باحتجازهن قبل المحاكمة دون كفالة بتهمة "الانضمام إلى تنظيم إرهابي"، أي "داعش". وأكد القاضي أن الإمرأتين شاركتا في أنشطة دعم تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل وبعد انتقالهن إلى منطقة الصراع السوري العراقي مع أزواجهن في منتصف عام 2014.
وفي شباط/فبراير 2023، أعلنت هولندا أنها تخطط لمحاكمة الإمرأة الهولندية، حسناء عرب - التي أعيدت من سوريا مع 11 إمرأة أخرى في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 - بسبب عضويتها في منظمة إرهابية. كما ستواجه اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لاستعبادها إمرأة يزيدية.
وعلى الصعيد المحلي، تواصل الولايات المتحدة مقاضاة أعضاء تنظيم "الدولة الإسلامية". ففي قضية "البيتلز" التاريخية في نيسان/أبريل 2022، على سبيل المثال، أدانت هيئة محلفين الشافعي الشيخ بأخذ رهائن مما أسفر عن مقتل أربعة مواطنين أمريكيين هم، جيمس فولي، كايلا مولر، ستيفن سوتلوف، وبيتر كاسيج، وكذلك رعايا بريطانيون ويابانيون في سوريا. وقد حُكم عليه بالسجن مدى الحياة.
وبالانتقال إلى عملنا لمنع التطرف العنيف ومكافحته، أود أن أتطرق إلى الشراكات القوية التي أقامتها وزارة الخارجية الأمريكية لتعزيز هذه الجهود، والتي تشمل المشاركة مع المسؤولين الحكوميين المحليين والوطنيين، وسلطات إنفاذ القانون، وأخصائيي الصحة العقلية، والأخصائيين الاجتماعيين، وقادة المجتمع المحلي والمجتمع المدني - وبالطبع، يهتم كل منهم ويستثمر في الحفاظ على سلامتنا جميعاً. فابتداءً من "شبكة المدن القوية" ووصولاً إلى "مدارس الأمهات"، تُعزز البرامج التي ندعمها حول العالَم مقاربات كافة الجهات الحكومية والمجتمع بأسره في منع التطرف العنيف ومكافحته.
وبالإضافة إلى التصدي للتهديد من قبل المنظمات الإرهابية الإسلامية مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" وتنظيم "القاعدة" والجهات التابعة لهما، فقد وضعنا مكافحة إرهاب الهوية البيضاء ومعاداة السامية، وهو ما نُشير إليه بالتطرف العنيف القائم على دوافع عنصرية وعرقية، على رأس أولوياتنا. لقد رأينا جميعاً كيف يمكن أن تلهم حوادث التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية حركات مماثلة في بلدان أخرى. ويشكل اقتحام مكاتب الحكومة البرازيلية في كانون الثاني/يناير واعتقال مدبّري الانقلاب في ألمانيا في كانون الأول/ديسمبر مثالَين على التأثير المباشر وغير المباشر للتحركات الأمريكية، سواء كانت قائمة على أيديولوجية التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية أو المناهضة للحكومة أو نظرية المؤامرة. ولهذا السبب أقدمنا على دعم عمليات الحوار عبر الأطلسي من خلال "شبكة المدن القوية". ومثل هذه المناقشات بين صانعي السياسات والممارسين المحليين من الولايات المتحدة وكندا وأوروبا، تساعدنا في تحديد الاتجاهات العابرة للحدود الوطنية وأفضل الممارسات لمواجهة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية.
وفي أيار/مايو الماضي، أطلقت وزارة الخارجية ووزارة العدل الأمريكيتين "منتدى إنفاذ قانون مكافحة الإرهاب"، الذي استضافته حكومة ألمانيا بصورة مشتركة في برلين. وجمع هذا الحدث الذي دام يومين أكثر من 100 من مسؤولي إنفاذ القانون والمدعين العامين وغيرهم من ممارسي العدالة الجنائية من أكثر من أربعين دولة لبناء تحالف عالمي غير رسمي، مع التركيز على المناطق المحلية التي نشطت فيها مجموعات التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية والشبكات والجهات الفاعلة. وسوف يجتمع "منتدى إنفاذ قانون مكافحة الإرهاب" مجدداً في أوسلو هذا الصيف.
وفي صيف عام 2021، أطلق "المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون" دليل ممارسة العدالة الجنائية لمعالجة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية. ولتنفيذ هذا الدليل، يعقد "المعهد الدولي للعدالة وسيادة القانون" سلسلة من الموائد المستديرة لممارسي العدالة الجنائية وغيرهم من صانعي إنفاذ القانون والسياسات. وفي الأسبوع المقبل، سأشارك في إحدى هذه الموائد المستديرة في مالطا، والتي تركز على معالجة التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية في قطاع الأمن.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أعدّت الولايات المتحدة بالشراكة مع النرويج "مجموعة أدوات التطرف العنيف القائم على دوافع عنصرية وعرقية"، وهي مبادرة أطلقها "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب" وتُشكّل مورداً مفيداً للمجتمع الدولي في مواجهة التحديات المرتبطة بالتطرف العنيف القائم على الدوافع العنصرية والعرقية، وذلك من خلال اتباع مقاربة تشمل المجتمع بأسره، وتستند إلى وجهات نظر السلطات الحكومية، والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية وقادة المجتمع المحلي والمؤسسات المدنية مثل المدارس ودور العبادة.
يجب أن نعمل معاً جميعاً من أجل إبقاء الدول الأخرى والولايات المتحدة في مأمنٍ من الإرهاب، وقد أحيينا مؤخراً الذكرى السنوية العاشرة لهجوم "ماراثون بوسطن"، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح المئات. وبينما نتذكر أولئك الذين فقدناهم في ذلك اليوم، يجب علينا أيضاً تشجيع صمود الناجين وعائلات الضحايا وأصدقائهم.
وقد أسس أحد المتسابقين المصابين في ذلك اليوم، وهو ديف فورتييه، منظمة "عالَم واحد قوي" (One World Strong) من أجل إنشاء صلة وصل بين الناجين من الإرهاب حول العالَم. وقد أرسلنا ديف إلى أكثر من اثني عشرة دولة لمشاركة قصته وتوسيع شبكته من الناجين والممارسين. كما دخلنا مؤخراً في شراكة مع منظمة "عالم واحد قوي" ومع بعثتنا في كندا ضمن حدث دبلوماسي رياضي شارك فيه أكثر من 2000 شاب وشابة من مدينة كيبيك. وتُسلّط مثل هذه المشاركات الضوء على الشراكات الديناميكية التي نعمد إلى بنائها حول العالَم. كما تبرز هذه الأمثلة، والعديد من الأمثلة الأخرى، حقيقة مدى أهمية شراكاتنا، خاصة مع المجتمع المدني، في منع التطرف العنيف.
شكراً لكم، وأتطلع إلى مناقشتنا اليوم.