- تحليل السياسات
- صفحات رأي ومقالات
الأكراد هم حالياً أفضل حليف للولايات المتحدة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا
بواسطة
باراك بارفي
٩ أكتوبر ٢٠١٥
متوفر أيضًا باللغات:
عن المؤلفين
مقالات وشهادة
في أعقاب الضربات الجوية الروسية ضد قوى الثورة السورية العربية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، برزت تقارير صحفية عن قرار أمريكي ببدء تسليح الميليشيا الكردية المعروفة بـ «وحدات الحماية الشعبية» في سوريا. إن هذه الضربات الجوية ستجعل المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش») أو «الدولة الإسلامية» أكثر تعقيداً، إذ أن هذه الفصائل ستركز قدرتها على الصمود وبالتالي ستعجز عن إيقاف التغلغل الجهادي في شمال - وسط سوريا. ولكن بالرغم من هذه العقبات، بإمكان الولايات المتحدة أن تحرص على مواصلة المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». فالأكراد السوريون استطاعوا مراراً إلحاق الهزيمة بـ «داعش» بواسطة الدعم الجوي الأمريكي. ولذلك، قد يؤدي تكثيف المساعدات المقدمة لهم في هذه المرحلة المفصلية إلى التعويض عن الخسائر التي تتكبدها قوى الثورة المعتدلة.
الخلفية
على الرغم من تركيز هذا المقال على النزاع العسكري الحالي بين الأكراد وتنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا، من المهم تسليط الضوء على بعض المعلومات المتعلقة بالخلفية السياسية ذات النطاق الأوسع. فالمناطق الكردية في شمال سوريا تخضع اليوم لسيطرة «حزب الاتحاد الديمقراطي»، الذي تأسس عام 2003، وهو الفرع السوري من «حزب العمال الكردستاني» في تركيا. وفي حين تعتبر الولايات المتحدة وتركيا وحلف شمال الأطلسي، أن «حزب العمال الكردستاني» منظمة إرهابية، إلا أن أنقرة استضافت قادة «حزب الاتحاد الديمقراطي» في السنوات الماضية. وقد انتهت هذه المناقشات الرسمية منذ عدة أشهر، مع تعثر محادثات السلام بين الأتراك و«حزب العمال الكردستاني» وبالتالي فشلها.
وفي الثمانينات، شجع النظام السوري عدة عناصر من الأكراد، الذي يشكلون حوالي 10 في المائة من السكان، على الانضمام لـ «حزب العمال الكردستاني»، من أجل الضغط على تركيا وإحباط التطلعات القومية الكردية المحلية. ووفقاً لذلك، أقدمَ ما يتراوح بين 7000 و10000 عنصر على هذه الخطوة؛ وقد قُتل منهم ما يقرب من 1500 عنصر في وقت لاحق أثناء العمليات. كما عبَر ما بين 200 و2000 مقاتل من «حزب العمال الكردستاني» إلى سوريا في بداية النزاع الحالي.
وفي حزيران/يونيو 2012، بدأت «وحدات الحماية الشعبية»، وهي جماعة شبه عسكرية تعود تقريباً لعام 2004، بإقامة نقاط تفتيش في شمال سوريا. وشهد الشهر التالي تطورات سريعة من خلال استيلاء الأكراد على أجزاء كبرى من كوباني (عين العرب) وعفرين وعامودا والمالكية في شمال سوريا، وذلك في اشتباكات محدودة ضد قوات النظام. وفي عام 2013، أُنشئت قوة مقاتلة نسائية تُعرف باسم «وحدات الدفاع النسائية». وفي حين تنفي «وحدات الحماية الشعبية» باستمرار خضوعها لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي»، تُثبت الوقائع صحة هذه الادعاءات.
هناك علاقة معقدة تجمع الأكراد بالنظام السوري. ففي عام 2011، قام النظام بتسهيل توسع «حزب الاتحاد الديمقراطي»/«وحدات الحماية الشعبية» من خلال إطلاق سراح سياسيين ومقاتلين أكراد، والتخلي عن مخزونات الأسلحة وفقاً لما يزعم. وبالرغم من أن المدن الشمالية على غرار الحسكة والقامشلي منقسمة ما بين الجيش السوري و«وحدات الحماية الشعبية»، ما زال الهدوء يسيطر عليها. وفي القامشلي، عمد النظام إلى توسيع نطاق تواجده منذ تموز/يوليو 2012. مع ذلك، اندلعت اشتباكات متقطعة بين الجانبين.
وفي أواخر عام 2012، دارت مناوشات بين «وحدات الحماية الشعبية» وقوى الثورة التابعة لـ «الجيش السوري الحر» المعتدل وجماعات أكثر تطرفاً مثل الجماعة السلفية «أحرار الشام» و «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة». وقد رفض «الجيش السوري الحر» التطلعات الكردية. وفي تموز/يوليو 2012، أعلن قائد الجماعة آنذاك رياض الأسعد أنه لن "يترك القامشلي لأجندة أي من الفصائل الكردية". وقد أعقب ذلك وقوع معارك في مدينة عفرين وحي الأشرفية وحي الشيخ مقصود في مدينة حلب.
وتجدر الإشارة إلى أن إحدى وحدات «الجيش السوري الحر» التي تم حشدها ضد «وحدات الحماية الشعبية» كانت عبارة عن لواء كردي، لكنه لم يشغل حيزاً مهماً. فالاختلافات العرقية لم تشكل سوى جزء من أسباب العداء الكامن بين الجماعتين. فقد كان «الجيش السوري الحر» قلقاً بالأحرى من علاقة «وحدات الحماية الشعبية» الوثيقة بالنظام، بينما كان سوريون آخرون من الذين يتمتعون بوعي سياسي مستائين من رفض «حزب الاتحاد الديمقراطي» الانضمام إلى المعارضة السياسية السورية.
وفي الآونة الأخيرة، جذبت معركة «وحدات الحماية الشعبية» ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» أنظار العالم. فمنذ منتصف عام 2013، بدأت «وحدات الحماية الشعبية» بمقاتلة الجهاديين، حتى في الوقت الذي رفضت فيه جماعات أخرى من «الجيش السوري الحر» الانخراط في القتال. ولكن، حيث أصبح تنظيم «داعش» عدواً أكبر، تصالحت معظم الجماعات التابعة لـ «الجيش السوري الحر» مع «وحدات الحماية الشعبية»، حتى أن عدداً من الألوية الصغيرة في «الجيش السوري الحر» انضم إلى الأكراد في دحر تنظيم «الدولة الإسلامية» من كوباني في وقت سابق من هذا العام. وقد سلطت المعركة الضوء على الدور الأساسي الذي يلعبه الأكراد في القتال ضد تنظيم «داعش»، مما أدى إلى عقد اجتماعات رفيعة المستوى بهذا الخصوص في أوروبا.
بالأرقام
يقول قادة «وحدات الحماية الشعبية» إنها كانت تضم حوالي 3000 مقاتل عند الإعلان عنها عام 2012 و «وحدات الدفاع النسائية» 700 عنصر تقريباً. أما اليوم، فقد بلغ عدد عناصر «وحدات الحماية الشعبية» حوالي 23650 بينما وصل عدد عناصر «وحدات الدفاع النسائية» إلى 19350، وفقاً لقادتها. ويحارب 1500 عنصر إضافي إلى جانب هذه القوات، حيث ينتمون إلى «لواء الصناديد» المكون من عرب من قبيلة شمّر (وتدعي القبيلة نفسها أنها تضم 5000 مقاتل بشكل إجمالي) ومئات المسيحيين السريان من «لواء سوتورو» (تدعي الطائفة أن عدد أتباعها يفوق الـ 1000). وقد انضم حوالي 300 أجنبي أيضاً إلى صفوف تلك القوات، بمن فيهم غربيون وأكراد إيرانيون. وتنشر وسائل الإعلام التركية أنباءً منتظمة عن أكراد أتراك لقوا حتفهم في سوريا بينما كانوا يحاربون تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى جانب «حزب الاتحاد الديمقراطي».
وبالإضافة إلى فرق القتال النظامية، تضم «وحدات الحماية الشعبية» شعبة للمخابرات العسكرية تتولى جمع المعلومات المتعلقة بتنظيم «الدولة الإسلامية»، و"قوات خاصة" مكلفة بالعمل وراء خطوط العدو، فضلاً عن وحدة لمكافحة الإرهاب. وتضم كل واحدة من الجماعات الثلاث مئات العناصر. وتدعي «وحدات الحماية الشعبية» أنها تستطيع حشد حوالي 45000 عنصر بشكل إجمالي، 15 في المائة منهم عرب، بينما يتألف الباقي بمعظمه من الأكراد. ويقدر القادة أن أكثر من نصف هذه القوات جاهزاً للقتال. ووفقاً لأرقام المراقبين المستقلين، قُتل ما يقرب من 3000 محارب أثناء المعارك، معظمهم خلال العمليات القتالية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، من بينهم 750 في معركة كوباني الشهيرة.
وتعتمد «وحدات الحماية الشعبية» إلى حد كبير على الأسلحة الخفيفة مثل بنادق الكلاشنيكوف والقذائف الصاروخية والمدافع الرشاشة من نوع PK. وتأتي معظم أسلحتها الثقيلة من مخابئ أسلحة تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، تم الاستيلاء عليها [أثناء العمليات القتالية]. وتدعي «وحدات الحماية الشعبية» أن لديها ست دبابات عاملة من طراز "تي-55"، تُستخدم بشكل محدود كونها تتعطل باستمرار. ويشكو قادة الجبهات أيضاً من كون هذه الدبابات غير فعالة إلى حد كبير. ويتم تفكيك عشرات الدبابات غير العاملة، بما فيها قسم تعرض للتدمير بفعل الضربات الجوية للتحالف، بسبب الصعوبة في الحصول على قطع الغيار. وتملك «وحدات الحماية الشعبية» أقل من 10 مركبات خفيفة عاملة من طراز "هامفي"، وهي لا تُستخدم للهجمات، بل لإخلاء الجرحى. ووفقاً لتقديرات «وحدات الحماية الشعبية»، تشمل ترسانتها مئات رشاشات الدوشكا الثقيلة التي تطلق رصاصاً من عيار 12.7 ملم و14.5 ملم و23 ملم. وتستخدم كذلك قذائف هاون من عيار 62 ملم و82 ملم و120 ملم. وتنتج «وحدات الحماية الشعبية» الصواريخ محلياً وتعيد تموين معظم مخابئها المستنزفة انطلاقاً من السوق السوداء العراقية.
قوة مقاتلة هائلة
تُقسم «وحدات الحماية الشعبية» إلى سبعة قطاعات على الصعيد العملياتي. وتضم كل منطقة من مناطق جزيرة وكوباني وعفرين قطاعين، بينما تضم حلب قطاعاً واحداً. ويجري خوض معظم العمليات القتالية في منطقتي جزيرة وكوباني. ويخضع كل قطاع لقيادة تتألف من 3 إلى 5 قادة من «وحدات الحماية الشعبية» و«وحدات الدفاع النسائية»، ويتخذون القرارات وفقاً لما تفصله اللجان. وعموماً، هناك حوالي 20 جبهة يقودها صغار الضباط التكتيكيين.
ويقول قادة «وحدات الحماية الشعبية» أنهم يسيطرون على ما يقارب 30000 كيلومتر مربع من الأراضي. ويفيد مسؤولون عسكريون أمريكيون أن الأكراد قد استولوا على أكثر من 17000 ميل مربع من أيدي تنظيم «الدولة الإسلامية»، بمساندة القنابل التي أمطرتها واشنطن في معظم الأحيان. وقد استطاعوا القيام بذلك من خلال استخدام تقنيات قتال فعالة. كما أن وحداتهم تتمتع بدرجة عالية من الالتزام ولديها نزعة إيديولوجية راسخة. فبخلاف القوات العراقية، التي سرعان ما خلعت زيها العسكري وفرّت من الموصل عندما شن تنظيم «الدولة الإسلامية» هجومه عليها، يخشى مقاتلو «وحدات الحماية الشعبية» أن إقدامهم على هذه الخطوة سيعرّض مجتمعاتهم للمجازر.
وتتّبع «وحدات الحماية الشعبية» تكتيكات حربية ناجحة، وهي مهارات قد اكتسبتها من «حزب العمال الكردستاني»، كما تراقب أراضي العدو من خلال مهام الاستطلاع. وتؤمن شبكة جواسيسها الواسعة معلومات قيّمة عن تحركات عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» وخطط المعركة الخاصة به.
وتُعتبر «وحدات الحماية الشعبية» ناجحة أيضاً في القيادة التكتيكية، التي تشكل "كعب أخيل" [أو نقطة ضعف] الجيوش العربية وسبباً للعديد من هزائمهم. ويتمتع صغار قادة الجبهات بهامش من المرونة، إلا أن تراتب القيادة القوي يعتمد على الرتب الأعلى فيما يتعلق بعدة قرارات أساسية. على سبيل المثال، في منطقة تل حميس الواقعة جنوب شرق القامشلي، يلتقي خمسة ضباط محليين، ثلاثة من «وحدات الحماية الشعبية» واثنان من «وحدات الدفاع النسائية»، كل أسبوع لمناقشة التطورات الميدانية. وإذا استشعر هؤلاء بالحاجة لشن هجوم، يطلبون الإذن من قيادة «وحدات الحماية الشعبية» للقيام بذلك.
إلا أن القيادة الميدانية تختلف وفقاً للقطاع. وتبرز عدة أمثلة عن ذلك من خلال التنسيق مع التحالف بصورة خاصة. ففي منطقة تل حميس، لا بد من أن يوافق أحد كبار الضباط الخمسة على طلب توجيه ضربة جوية. وفي المقابل، في مدينة الحسكة، يتمتع صغار الضباط بهامش من الحرية لإصدار أوامر بالقصف من دون الاستحصال على موافقة المسؤولين عنهم.
ونتيجة لذلك، تُعد «وحدات الحماية الشعبية» الحليف الأمريكي الأكثر فعالية في المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وقد تعثر برنامج التدريب والتجهيز الذي أطلقه البنتاغون، عندما ألقت «جبهة النصرة» القبض على المجموعة الأولى. وهو الأمر بالنسبة إلى المبادرة التي أطلقتها "وكالة المخابرات المركزية" الأمريكية لتسليح ألوية «الجيش السوري الحر» وتمويلها، والمعروفة بـ "قيادة العمليات العسكرية". وتُعتبر هذه الوحدات صغيرة جداً من أن تحرز تقدم ضد منظمة على غرار تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي يمكنه حشد حوالي 30000 مقاتل. وتستهدف ألوية «الجيش السوري الحر» النظام السوري بشكل أساسي، وليس تنظيم «الدولة الإسلامية». وتضم معظم هذه الألوية، أقل من 500 عنصر يحاربون تنظيم «الدولة الإسلامية».
ولكن بالرغم من نجاحاتها في القتال، أنشأت «وحدات الحماية الشعبية» مواقع ثابتة. ففي جنوب تل براك، بنت تحصينات دفاعية ملفتة من السواتر الرملية ونقاط المراقبة، وذلك لصد تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية». وهكذا، تكون «وحدات الحماية الشعبية» قد بنت ما يوازي محلياً خط ماجينو أو خط بارليف مصغراً، الأمر الذي يعيق القدرة على الابتكار من ناحية الهجوم. وقد بلغت تحركات «وحدات الحماية الشعبية» أقصى حدودها بشكل كبير لأن الأراضي الأخرى الواقعة تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» لا تحتوي تقريباً على أي أكراد. وبالتالي، تتردد «وحدات الحماية الشعبية» بالتقدم جنوباً باتجاه مناطق حضرية عربية أكبر، مثل مدينة الشدادة في محافظة الحسكة.
وعلاوة على ذلك، على الرغم من أن «وحدات الحماية الشعبية» هي قوة مقاتلة محترفة، إلا أنها تتصرف أحياناً كميليشيا تابعة لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي». فقد اختطفت سياسيين وناشطين مناهضين لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي». وفي حزيران/يونيو 2013، أطلقت النيران على حشد من المتظاهرين في عامودا، وأردت ثلاثة منهم قتلى. كما جندت قاصرين في صفوفها، على الرغم من أنها قد تعهدت بإنهاء هذا الإجراء.
واشنطن تحوّل مسارها
في البداية، نأت الولايات المتحدة بنفسها عن «حزب الاتحاد الديمقراطي». وإقراراً بالمخاوف التركية، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون في آب/أغسطس 2012 ما يلي: "يجب ألا تتحول سوريا إلى ملجأ لإرهابيي «حزب العمال الكردستاني»". ولكن عندما تحولت مصالح واشنطن الأساسية في سوريا باتجاه محاربة تنظيم «الدولة الإسلامية»، تعاظم دور «وحدات الحماية الشعبية». وسُجلت نقطة تحول أساسية عندما بدأت واشنطن بقصف مواقع تنظيم «داعش» خلال معركة كوباني في 27 أيلول/سبتمبر 2014 وقامت بإنزال جوي للأسلحة في الشهر التالي. بشكل إجمالي، شهد محيط كوباني 606 ضربة جوية. وتحولت المحادثات غير المباشرة مع «حزب الاتحاد الديمقراطي»، التي استُهلت عام 2012، إلى مناقشات رفيعة المستوى في تشرين الأول/أكتوبر 2014.
توصيات بشأن السياسات
نظراً للدور الأساسي الذي تلعبه «وحدات الحماية الشعبية» في المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، يجب على واشنطن النظر في إمكانية تزويدها بمساعدات غير فتاكة. على سبيل المثال، يفتقر قادة الجبهات لأجهزة تحديد المواقع (GPS). وتُعتبر زيادة التنسيق فيما يخص العتاد الجوي أولوية أيضاً. فبعض الضربات الجوية تتطلب وقتاً قد يستغرق ساعة من الزمن، مما يتيح لمقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» الوقت الكافي للتراجع أو تغيير مواقعهم. بإمكان الولايات المتحدة زيادة التنسيق من خلال تقديم تطبيقات متقدمة لأجهزة تحديد المواقع بغية توفير إحداثيات دقيقة مع خرائط متزامنة. وستستفيد «وحدات الحماية الشعبية» من معدات الاتصال الآمنة للاتصال المباشر مع القوات الأمريكية. وستقلص الأقنعة الواقية من الغازات من خطر الهجمات الكيميائية التي يشنها تنظيم «الدولة الإسلامية». وسيرحب القادة الميدانيون في «وحدات الحماية الشعبية» بنظارات الرؤية الليلية وحصص غذائية مثل وجبات الطعام الجاهزة، إذا ما تم توفيرها إليهم.
يتعيّن على واشنطن أن تكثف أيضاً التنسيق المخابراتي المحدود للغاية مع أجهزة الأمن الداخلي التابعة لـ «حزب الاتحاد الديمقراطي»، والمعروفة بـ "الأسايش"، لمنع تغلغل تنظيم «الدولة الإسلامية». وقد استعان «داعش» بعدد من الخلايا النائمة لتنفيذ سلسلة من الهجمات بواسطة السيارات المفخخة.
وعلاوة على ذلك، تضمن الأسلحة الثقيلة لتنظيم «الدولة الإسلامية» تفوقاً نوعياً على «وحدات الحماية الشعبية». وبالتالي، إذا تطورت علاقة استراتيجية مع «وحدات الحماية الشعبية»، لا بد لواشنطن أن تنظر أيضاً في إمكانية توفير مركبات مدرعة وقطع غيار لمركبات "هامفي" التي يتم الاستيلاء عليها، وذلك لاستخدامها في الهجمات.
إن بناء علاقة أفضل مع «حزب الاتحاد الديمقراطي» و«وحدات الحماية الشعبية» سيسمح للولايات المتحدة تحقيق أهدافها السياسية. على واشنطن أن تحث «حزب الاتحاد الديمقراطي» على خلق بيئة سياسية أكثر شمولية وتشجع على تحسين العلاقة مع الزعيم الكردي العراقي مسعود برزاني وتحرص على حماية حقوق العرب الذين يسكنون في المناطق الكردية.
وفي حين تركز روسيا حالياً على تقليص [تهديدات] حلفاء واشنطن السوريين وبالتالي إلحاق الهزيمة بهم، تحتاج الولايات المتحدة إلى حشد أكبر عدد ممكن من المتعاونين في معركتها ضد تنظيم «الدولة الإسلامية». وبما أن «وحدات الحماية الشعبية» تتصدر هذه المعركة داخل سوريا، فإن دعم قواتها من شأنه أن يعزز المصالح الأمريكية إلى حد كبير.
باراك بارفي هو زميل باحث في مؤسسة أمريكا الجديدة، ومتخصص في الشؤون العربية والإسلامية. وقد تم نشر هذه المقالة في الأصل من على موقع "منتدى فكرة".
"منتدى فكرة"
تنبيهات البريد الإلكتروني
خبراء في [القضية / المنطقة]