الانقسام الرباعي داخل الإطار التنسيقي في انتخابات مجالس المحافظات (الجزء الثاني): أهو انقسام حول محافظة ديالى؟
ديالى هي المحافظة الوحيدة التي تتصارع فيها القوى السياسية الميليشياوية الرئيسية التابعة لتحالف "الإطار التنسيقي" بعد أن حاول الشيخ حديث العهد (في السياسة) قيس الخزعلي تحدّي هادي العامري وفالح الفياض الأكبر منه سناً في المحافظة الأصلية لقبيلتيهما
كما تبيّن في الجزء الأول من هذا التحليل، غالباً ما استمر تحالف "الإطار التنسيقي" في العراق في التمسك في إطار لائحة واحدة في المحافظات الشمالية (أي "المستعمرات" التي حاصرتها الميليشيات المدعومة من إيران خلال حربها ضد تنظيم "الدولة الإسلامية")، ويعكس ذلك حاجة قوى "الإطار التنسيقي" التي يهيمن عليها الشيعة إلى وضع خلافاتها الداخلية جانباً لمواجهة المعارضة السنية والكردية والصدرية. إلا أن محافظة واحدة تشذّ عن هذه القاعدة وهي محافظة ديالى حيث يعمد قيس الخزعلي، زعيم "عصائب أهل الحق"، إلى تحدّي هادي العامري، قائد "منظمة بدر" وفالح الفياض المدرج على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان الأمريكية، في محافظتهما الأصلية التي تهيمن على التجارة والتهريب وطرق الحجّ من شمال إيران. ويعني ذلك عملياً أنه من المقرر أن يتنافس كلّ من الثنائي بدر/فياض وأجنحة "عصائب أهل الحق" في لائحة "تحالف نَبْني" بشكل منفصل على مقاعد مجالس المحافظات.
التحالف الفرعي لـ "عصائب أهل الحق"
نشأت مؤخراً لائحة فرعية جديدة بقيادة "عصائب أهل الحق" (وهي منظمة إرهابية أجنبية مصنفة على لائحة الولايات المتحدة للإرهاب) بعنوان "تحالف الصفوة الوطني" ضمن لائحة "تحالف نَبْني" الشاملة. ويضم التشكيل الجديد الجماعات التالية:
"المنتصرون"، وهم حركة سياسية تابعة لـ "كتائب سيد الشهداء".
"الصدق والعطاء" بزعامة أحمد الأسدي، وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي وقائد "كتائب جند الإمام"، اللواء السادس في "قوات الحشد الشعبي".
"حركة إرادة" بزعامة عضو مجلس النواب حنان الفتلاوي. وشاركت الفتلاوي وحركتها سابقاً في "ائتلاف دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، ولكن تم طردها منه بعد أن رفضت الانصياع لتوجيهات المالكي بدعم ترشيح عبد اللطيف رشيد للرئاسة.
وعلى نحو فريد، سوف تتنافس هذه اللائحة الفرعية مع الأطراف المناصرة لـ"بدر" وفياض في "تحالف نَبْني" في ديالى، وهو أمر لم تشهده أي محافظة أخرى. ولن تؤدي جميع هذه الفصائل بالضرورة دوراً فعالاً في التنافس على مقاعد ديالى، إلا أنها تحالفت جميعها صراحةً مع جناح الخزعلي في "الإطار التنسيقي" في إشارة منها إلى أنها تميل إلى قيادته أكثر من ميلها إلى منظمة "بدر".
فريق "بدر" الانتخابي في ديالى
لا تشكل الجماعات المتبقية من "تحالف نَبْني" جزءاً من لائحة الخزعلي الفرعية، وبالتالي فهي توافق ضمناً على قيادة "بدر". ويتضمن هذا المعسكر:
"حركة عطاء" بقيادة الفياض الذي يمثل المصالح العشائرية النافذة في ديالى (مثله مثل العامري).
"حركة الجهاد والبناء" تحت القيادة الرمزية لجواد الساعدي. أما القائد الأعلى الفعلي للجماعة فهو حسن الساري (الإسم الكامل حسن راضي كاظم الساري) الذي يقود "سرايا الجهاد" ("اللواء 17" في "قوات الحشد الشعبي") وكان خبيراً لوجستياً رئيسياً يخضع لقيادة "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإسلامي" الإيراني منذ بداية القرن الحادي والعشرين مقدماً له مساعدة فتاكة في شنّ الهجمات على القوات الأمريكية في العراق.
"اقتدار وطن" بزعامة عبد الحسين عبطان، وزير الشباب والرياضة العراقي السابق والمرشح الدائم لرئاسة الوزراء. وكان عضواً في "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"، ولاحقاً في "تيّار الحكمة" بزعامة عمار الحكيم.
"الحركة الإسلامية في العراق"، وهي جماعة تابعة لـ"تجمع السند" بزعامة أحمد الأسدي. ويعني ذلك أن الأسدي أبقى قدماً واحدة في كلّ من جانبَي "تحالف نَبْني".
الاختبار الرئيسي لقوة "عصائب أهل الحق"
سابقاً، قدّم "تحالف الفتح" غطاءً كانت "عصائب أهل الحق" مستعدة لتنمية قوتها في ظلّه تحت القيادة الإسمية لـ "منظمة بدر". وفي الانتخابات العامة التي جرت عام 2021، كانت "عصائب أهل الحق" تأمل في التفوق على "منظمة بدر" ، لكنها لم تنجح. وحالياً، ربما تحاول "العصائب" تحقيق ذلك مجدداً، الأمر الذي يشير إلى القوة المتصاعدة لقيس الخزعلي وحتى طموحه الأسرع صعوداً. وقد يشير تحدي العامري وفياض في موطن قبيلتيهما إلى ثقة مفرطة في النفس؛ غير أن الوقت وحده كفيل بتحديد ذلك.