
- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
ما قد يعنيه "المسار" النووي الأمريكي - السعودي بالنسبة للمحادثات الإيرانية

بدلاً من أن يقتصر على تمهيد الطريق للتطبيع مع إسرائيل، قد يُشكل الاتفاق النووي بين السعودية وواشنطن مفتاحاً لمعالجة القدرات النووية العسكرية الإيرانية، فضلاً عن المخاوف الأوسع المرتبطة بانتشار السلاح النووي في المنطقة.
خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في 13 نيسان/أبريل - وهي زيارة تُعد جزئياً تحضيراً لجولة الرئيس دونالد ترامب المقررة في منتصف أيار/مايو في منطقة الخليج - أعلن وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت عن التوصل إلى اتفاق مبدئي للتعاون في تطوير الصناعة النووية المدنية في المملكة. وأشار إلى أن البلدين كانا على "مسار" للتوصل إلى مثل هذا الاتفاق وأن المزيد من التفاصيل ستأتي "في وقت لاحق من العام".
وعلى ما يبدو أن رايت كان قلقاً من الخطر المحتمل لانتشار السلاح النووي السعودي، حيث صرح أيضاً بأنه: "سيكون هناك أيضا "اتفاقية 123" النووية، في إشارة إلى القسم الذي يحمل الاسم نفسه من قانون الطاقة الذرية الأمريكي لعام 1954، والذي يشترط وجود ضمانات رسمية لمنع الانتشار النووي قبل أن يُسمح للوكالات أو الشركات الأمريكية بالمساهمة في إنشاء صناعة نووية مدنية في أي بلد. وتتضمن هذه الضمانات حظراً صريحاً على تخصيب المواد النووية أو إعادة معالجتها؛ وبدلاً من ذلك، يجب على الدول أن توافق على استيراد وقود المفاعلات عوضاً عن إنتاجه محلياً.
وقد جاءت تصريحات رايت في عطلة نهاية الأسبوع نفسها التي التقى خلالها المفاوضون الأمريكيون والإيرانيون في عمان، في محاولة لاحتواء التوتر بشأن برنامج طهران النووي، ومن المفترض أن تكون تصريحاته جزءاً من دبلوماسية واشنطن الأوسع نطاقاً. ولا يُعد الربط بين القضيتين مفاجئاً - إذ إن طهران تُخصب اليورانيوم بدرجات تتجاوز بكثير ما هو مطلوب لبرنامج نووي مدني، ولا شك أن المسؤولين الأمريكيين يتذكرون تحذير ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في عام 2018 حين قال "إذا تمكنت ايران من تطوير قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أقرب وقت ممكن". ويُعتقد أن المملكة لديها على الأقل برنامج تخصيب حديث النشأة، ومن المفارقات أنها تعتمد على تكنولوجيا أجهزة الطرد المركزي نفسها التي كان العالم الباكستاني الراحل عبد القدير خان قد زود بها إيران قبل تقاعده عام 2001.
علاوة على ذلك، أفادت بعض التقارير أن التكنولوجيا النووية الأمريكية كانت "طلباً "سعودياً خلال المناقشات السابقة حول تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بالإضافة إلى ضمانات أمنية أمريكية وإمكانية الحصول على معدات وتكنولوجيا عسكرية من الطراز الأول. لكن هذه الحزمة السياسية تأجلت منذ عام 2023 بسبب حرب غزة.
وللمضي قدماً، سيواجه التقدم في "المسار" الأمريكي - السعودي تحدياته الخاصة به بغض النظر عن الحرب الدائرة في غزة والمفاوضات مع إيران. وعلى الرغم من أن التكنولوجيا النووية الأمريكية لا تزال منتشرة على نطاق واسع، إلا أن الولايات المتحدة لم تعد فاعلة في بيع محطات الطاقة النووية المدنية، بينما يتم تشغيل محطة الطرد المركزي المحلية الرئيسية من قبل تحالفات استثمارية أوروبية. والجدير بالذكر أن المهندسين الأميركيين يعملون على تطوير مفاعلات نمطية صغيرة (SMRs) وهي تكنولوجيا جديدة ومتقدمة يمكن أن تكون مفيدة لتحلية المياه وتوليد الطاقة في الشرق الأوسط. ومع ذلك، لا تزال الموجة الأولى من هذه المفاعلات الأمريكية قيد مراجعة التراخيص، ومن غير المتوقع أن تكون قابلة للنشر حتى "أواخر العشرينيات إلى أوائل الثلاثينيات على الأقل". وفي الوقت الحالي، توجد المفاعلات الصغيرة والمتوسطة الوحيدة العاملة في العالم في روسيا والصين.
كما يُفترض أن المسؤولين الأمريكيين يدركون أيضاً أن حتى "اتفاقية 123" النووية لا تمنع بالضرورة أي بلد من تخصيب اليورانيوم. فعلى سبيل المثال، وقّعت واشنطن "اتفاقية 123" نفسها مع الإمارات العربية المتحدة في عام 2009 ووافقت على شراء الدولة لمفاعلات كورية جنوبية تحتوي على التكنولوجيا الأمريكية. ومع ذلك، استندت الصفقة جزئياً إلى بند يعود إلى عقود من الزمن يبدو أنه يمنح أبو ظبي ترخيصاً بالتخصيب إذا مُنحت أي دولة أخرى في المنطقة هذا الحق، وينص على ما يلي: "يجب ألا تكون مجالات التعاون والشروط والأحكام والشروط الممنوحة... أقل مواتاة من حيث النطاق والتأثير من تلك التي قد تُمنح من وقتٍ لآخر لأي دولة أخرى غير حائزة للأسلحة النووية في الشرق الأوسط، في اتفاق تعاون نووي سلمي". ومن الناحية النظرية، يمكن لأي بلد أن ينسحب من "اتفاقية 123" بمجرد حصوله على التكنولوجيا والدعم الأمريكي الكبير.
وفي الوقت الراهن، تتمثل الخطوة التالية في دبلوماسية واشنطن النووية الإقليمية في جولة جديدة من المحادثات بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وإيران، والتي من المتوقع أن تبدأ في 19 نيسان/أبريل. ومع ذلك، بدت التصريحات العلنية الأخيرة لإدارة ترامب حول موقفها التفاوضي متناقضة. ففي 15 نيسان/أبريل، غرّد ويتكوف على موقع "إكس/تويتر" قائلاً: "يجب على إيران أن توقف برنامجها للتخصيب النووي والتسلح النووي وتزيله". إلا أنه أشار في اليوم السابق إلى أن الولايات المتحدة تسعى إلى الحد من برنامج التخصيب بدلاً من تفكيكه، حيث قال لشبكة "فوكس نيوز": "لا يحتاجون إلى التخصيب بنسبة تتجاوز 3.67 في المائة... سيتعلق الأمر كثيراً بالتحقق من برنامج التخصيب ومن ثم التحقق في نهاية المطاف من التسلح".
ومهما يكن الأمر، فطالما استمرت المحادثات، يبقى دعم الولايات المتحدة لأي عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران معلقاً بشكل أساسي. وقد انخرط حلفاء واشنطن من دول الخليج العربية بشكل أكبر مع طهران في الأشهر الأخيرة ويبدو أنهم مترددون في دعم الضربات العسكرية ضد البرنامج النووي. ورغم الشكوك المحيطة بالمسار الدبلوماسي، فإن التطورات التي شهدتها الرياض ومسقط نهاية الأسبوع الماضي قد تُشير إلى إحراز تقدمٍ في الحد من التهديد النووي الإيراني في المنطقة - وإن كان ذلك مقابل كلفة محتملة تتمثل في إبقاء علاقات السعودية الوثيقة مع إسرائيل غير رسمية في الوقت الراهن. ومن المرجح أن تركز جولة الرئيس ترامب المرتقبة في الخليج على العلاقات التجارية والتجارية؛ ولن يرغب في تعطيلها بسبب الخلافات النووية العالقة.
سايمون هندرسون هو زميل أقدم في برنامج الزمالة "بيكر" ومدير "برنامج برنشتاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة" في معهد واشنطن، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج العربي.