- تحليل السياسات
- تنبيه سياسي
البحرين تنضّم إلى دول النفط الكبرى
في الأول من نيسان/أبريل، أعلنت البحرين عن اكتشاف كمية كبيرة من النفط في مياهها الغربية الضحلة جنوب الطريق المؤدي إلى المملكة العربية السعودية على ما يبدو. وعلى الرغم من أن اكتشاف النفط للمرة الأولى في الجزيرة البحرينية يعود إلى عام 1932، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي تقترب فيها كمياته من تلك المتواجدة في السعودية وإيران والعراق والكويت، والتي تملك جميعها احتياطيات تزيد على 100 مليار برميل. وإذا كان من الممكن تأكيد الكمية التي أعلنت عنها المنامة وقدرها 80 مليار برميل من الاحتياطي المؤكد (أي أنه يمكن استخلاصها في ظل الظروف الاقتصادية والعملياتية القائمة)، فإن إجمالي احتياطها سيقارب ذلك الذي تملكه الإمارات العربية المتحدة والبالغ 97 مليار برميل.
وفي مؤتمر صحفي عقده وزير النفط محمد بن خليفة آل خليفة في الرابع من نيسان/أبريل الجاري محاطاً بممثلين عن شركات استشارية دولية في قطاع الطاقة، صرّح الوزير أن النفط المكتشف عبارة عن "النفط الصخري الخفيف" و"الغاز العميق"، وهذا يشير إلى أن الإنتاج سيكون أكثر صعوبة وتكلفة من الحقول الأخرى في منطقة الخليج العربي. ولكن موقع الحقل الجديد على مقربة من البنية التحتية الحالية للنفط والغاز الطبيعي في البحرين "يوفر إمكانات كبيرة للاستفادة القصوى من التكاليف"، وفقاً لشركة هاليبرتون للاستشارات النفطية. وقد سبق أن بدأت بعض أعمال الحفر، وتم التوصل إلى اتفاق لحفر بئرين تقيميين آخرين هذا العام. وقال المسؤولون إن الحقل يمكن أن يكون "قيد الإنتاج" في غضون خمس سنوات.
ويشار إلى أن إنتاج النفط البحريني يجري حالياً من حقل عوالي في وسط الجزيرة. وثمة معمل تكرير في بلدة سترة عند الساحل الشرقي تتم فيه معالجة النفط المستخرج من حقل أبو سعفة البحري [المشترك بين البحرين] والسعودية، ويتم تقاسم عائدات هذا الحقل بين البلدين، مما يوفر دعماً اقتصادياً رئيسياً للبحرين. وفي حين يغذّي الغاز الحالي المنتج جميع محطات توليد الكهرباء في الجزيرة، بوسع الكمية المكتشفة أن تعالج النقص في الغاز اللازم لأغراض أخرى وربما تمنح المنامة مجالاً للتخلي عن الخطط المقترحة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال.
وعلى النطاق الأوسع، إذا تبين أن الكمية المكتشفة كبيرة بقدر ما هو مأمول منها، فإنها ستغير ثروة هذا البلد الذي يعتبر الاقتصاد الأصغر في دول «مجلس التعاون الخليجي». وبوسعها من الناحية المالية أن تغيّر نظرة المصرفيين الأجانب الذين غالباً ما يعتبرون الجزيرة البحرينية مجرد ملحقٍ للسعودية.
ومع ذلك، نظراً للرهانات الجيوسياسية، من غير الواضح ما إذا كان هذا الاكتشاف سيؤثر على النفوذ السياسي الكبير الذي تمارسه الرياض في المنامة. ففي عام 2011، على سبيل المثال، أرسل "الحرس الوطني السعودي" قوات ودبابات عبر الممر [الذي يربط بين البلدين] لتعزيز قوات الأمن البحرينية ومساندتها في مواجهة اضطرابات واسعة النطاق. واليوم، لا تزال كلتا الحكومتين قلقتان من [قيام أعمال] تخريب وتآمر بتحريضٍ إيراني على يد غالبية السكان الشيعة في الجزيرة، الذين يشعرون بأنهم مهمشين سياسياً واقتصادياً. ففي العام الماضي فقط، تم تفجير خط الأنابيب الذي ينقل النفط السعودي إلى سترة عندما شهدت الاضطرابات الخلفية تصعيداً كبيراً.
أما في ما يخص السياسة الأمريكية، فمن غير المرجح أن يؤثّر الاكتشاف الجديد على العلاقات الممتازة التي تربط واشنطن بالبحرين أو على واقع تمركز الأسطول الأمريكي الخامس هناك. ولا تزال المخاوف قائمة بشأن سجل حقوق الإنسان في الجزيرة البحرينية، لكن التوتر العلني الذي أضر بعلاقات المنامة مع إدارة أوباما قد تلاشى. وقد وعد الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإجراء انتخابات في وقت لاحق من هذا العام وأعلن عن رؤية الود لجميع الأديان - وهي استراتيجية أدت إلى قيام وفد بحريني من المجتمع المدني بزيارة إسرائيل في عام 2017 على الرغم من عدم وجود علاقات رسمية بين البلدين. ومع إمكانية حدوث زيادة هائلة في عائدات النفط، من الممكن أن تصبح البحرين مجتمعاً أكثر إنصافاً في الداخل وطرفاً أكثر أهميةً في الخارج.
سايمون هندرسون هو زميل "بيكر" ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.